سلام ودعاء
كنت قد سئلت منذ أيام، عما وصف بأنه موضوع الساعة، أي الأزمة الاقتصادية التركية، وأجبت بالتالي:
رداً على السؤال المتعلق بالأزمة الاقتصادية التركية، وتدهور الليرة، ونسبة ذلك إلى حجم الديون الخارجية على تركيا ($٤٠٠مليار)، والى الآلية المتبعة في توازن الفائدة مع حركة السوق.
----ه-----.
الموضوع الاقتصادي التركي، وما يمر به من حركية تدهورية سريعة لليرة مقابل الدولار، هو اكثر تعقيداً من أن يُنسب لعامل أو عاملين من ناحية العوامل الوقائعية، ذات البعد الفني-الاقتصادي، ودورها الفعلي في التأزيم الاقتصادي.
فالديون والخلاف على طريقة احتسابها وإعادة تمويلها و/أو تأمينها (التأمين هنا من الضمان وليس التوريد) ليست إلا عاملاً لا يستحق أن تنسب له كل الأزمة، فهو أداة من أدوات، وجزء من عصا البلياتشو في حفظ توازنه على حبل المتغيرات.
ومثله بقية العوامل، التي سيتم طرحها للتداول واشغال الرأي العام بها، جنباً إلى جنب مع ترويعه بالهبوط الفعلي، ومناخ ابتزازي للتدهور، يقوم على سؤالين:
- اذا كانت قصة نجاح تركيا محورها الأساس اقتصادي، فلنضع هذا الاقتصاد على محك التشكيك والتهديد..!!
- اذا تماسك الشعب خلف الحكومة والحزب بداعي نجاح السياسة الاقتصادية، فلنضرب إسفيناً يفصل بينهما، بل والعكس، يمكن أن نوصل الأمر إلى اعتبار بقاء الحزب وزعيمه، مهدداً للاقتصاد، بدل أن يكون رافعة له.
والاطروحات الماكرو، هي التي تمركز السبب على الحزب ومن ورائه على الرئيس.
والاطروحات الميكرو، ستركز على الوقائع وتفسيرها وتحليلها، وإثارة البلبلة والذعر من خلالها.
فهناك بنك أطروحات يلبي بنك اهداف..!!
كلها تتمركز على ٣ أمور:
١ - الرئيس وضرورة تحجيمه
٢ - التعملق التركي وضرورة محاصرته واشعاره بالحاجة للغير والغرب تحديداً.
٣ - التدخل التركي باللعبة الدولية في النطاق الإقليمي وساحاته الحيوية- الجيوستراتيجية، وضرورة تحديد مدى ونطاق المسموح لتركيا بالتدخل فيه، والإسهام فيه، و/أو التعليق عليه.
خاصة بما يتعلق:
أ- بالملفات الثلاث ميدانياً، سوريا/ قطر/ فلسطين.
ب- ما يتعلق بالملفات الثلاث في نطاق العلاقات الجيوستراتيجية:
ايران/ روسيا/ حماس
ث- ما يتعلق بالملفات الداخلية-الخارجية استراتيجياً:
اتجاهات تركيا المقبلة/ قدر ومقدار الأسلمة والعلمنة على منصة الديموقراطية/ تحويل القدرة المالية إلى قوة تنافسية اقليمية-عالمية.
كل الباقي هو برأيي تفاصيل تابعة نظرباً عملياً لأحد هذه المحاور.
وهل يبقى الفعل أو رد الفعل رهن المآلات المتوقعة لمحصلة تلك المحاور!؟
نعم دون شك ولكن ليس بسير العمل الإجرائي البحت والمثقل بفعل الواقعية وظروفها.
وإنما أيضاً لمدى قدرة عقلية المناورة على السريان لتصبح شعارا ثقافيا تركياً شعبوياً
وكذلك معطيات المناورة القادرة على تخطي الأزمة وتجاوزها واستباق مفاعيلها ومحطاتها المبرمجة، والمتقاطعة مع مواعيد كبرى كالانتخابات المبكرة وما تعنيه.
وهي لذلك تحتاج الى سيناريوهات إبداعية خارج الصندوق
والعمل الابداعي ينبغي ألا يكتفي بالتعامل مع الأزمة واطفاء نارها،
أو تبرير آليات وإجراءات الحدوث والتعاقد والحل..!!
بل العمل الحثيث لتحويل الأزمة من محنة الى منحة
وتوليد زخم سياسي اقتصادي بمعطيات جديدة ولا مانع أن تكون مفاجئة.
والله أعلم
وسوم: العدد 774