قمة الكويت والمفاوضات مع إسرائيل ..؟
د.هاني العقاد
تأتي قمة الكويت في مرحلة دقيقة تمر بها الأمة العربية من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها , ودقة المرحلة تأتي من تعقد ملفات القمة التي ستبحث خلالها ,وأولها الملف الفلسطيني بقضاياه المعقدة وأولها الاستيطان واستمراره وتهويد القدس واقتحامات الأقصى ومحاولات إسرائيل المكشوفة لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم ,والمفاوضات ورعاية واشنطن ودورها السلبي حتى اللحظة في التدخل لإجبار إسرائيل لدفع استحقاقات السلام الحقيقي والمبني على أسس هامة أولها قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية و مبدأ الأرض مقابل السلام , وستناقش القمة مدي بقاء مبادرة السلام مطروحة على الطاولة دون اعتراف إسرائيل وأمريكا بها كأساس للتسوية , هذا بالإضافة للملف السوري واستمرار شلال الدم ,وملف مواجهة مصر لإرهاب الإخوان ومحاولتهم إسقاط الدولة المصرية ,وملف سد النهضة الذي سيؤثر على مستقبل مصر وإنتاجها الزراعي و خصوبة أراضيها, كما أن القمة ستتناول العديد من الملفات العربية وتأثيرها على سلامة الأمة العربية ووحدة كينونتها التي باتت مهددة في كل مكان في ليبيا وسوريا ومصر ولبنان و اليمن .
تتصدر القضية الفلسطينية أهم أعمال قمة الكويت لأن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة حاسمة ودقيقة في تاريخها في ظل التعنت الإسرائيلي والتصعيد الخطير على الأرض وتسارع غول الاستيطان والتهويد اللذان تسابق بهما حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الزمن لخلق حالة أمر واقع يستحيل معه أن تقوم دولة فلسطينية مترابطة الأطراف وعاصمتها القدس الشريف,كل هذا سيكون محور رئيسي في المناقشات على مستوي الرؤساء وليس وزراء الخارجية العرب فقط, وستكون المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومرجعياتها ورعاية أمريكا وحدها لهذه المفاوضات أهم ما ستناقشه القمة , وستناقش القمة أفاق استمرار هذه المفاوضات والعوامل التي تسمح للفلسطينيين بالبقاء في مربع التفاوض وحده ,كما وان قمة الكويت ستبحث تمديد المفاوضات والأسس التي يمكن للعرب أن يوافقوا عليها ليتفاوض الطرفين مرحلة أخيرة, والمؤكد أن الرئيس أبو مازن سيضع القادة العرب من خلال كلمته في صورة ما تم في المفاوضات حتى الآن والضغوطات التي يواجهها لتقديم تنازلات تنسف الثوابت الفلسطينية وتجعل إسرائيل تكرر جرائمها دون خوف أو لوم من المجتمع الدولي , وبالطبع سينقل الرئيس للقادة العرب تفاصيل لقاءه الأخير مع الرئيس اوباما والمحاولات الأمريكية لحل الصراع على حساب الفلسطينيين , وسيطالب بغطاء مالي عربي في حالة فرض عقوبات أمريكية على خلفية عدم تمديد المفاوضات لفترة أخري حسب رغبة أمريكا .
ليس أمام العرب في قمة الكويت إلا تقديم الدعم الكامل للرئيس أبو مازن سياسيا واقتصاديا ,وعليه فان العرب سيدعموا موقف الرئيس أبو مازن ويؤكدوا على عدم تمديد أي مفاوضات بالمجان لان إسرائيل يجب أن تدفع ثمن عدم جديتها في المفاوضات خلال الفترة تسع الأشهر الماضية والتي أثبتت فيها القيادة الفلسطينية أن إسرائيل غير ناضجة للسلام بعد, لذا فان وقف الاستيطان بالضفة الغربية والقدس الشرقية وإطلاق سراح الأسري القادة وكبار السن وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني من أهم الأسس التي يبني عليها لتمديد المفاوضات ودون تحقيق هذان الشرطان لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتمدد المفاوضات يوما أخر بعد ابريل لان تمديدها دون وقف الاستيطان يعتبر تحقيق طموح إسرائيل العنصري الاستيطاني التهويدي الذي يدمر مشروع الدولتين , واعتقد أن العرب لن يقبلوا ورقة إطار أمريكية هدفها حفظ ماء وجه أمريكا الذي فقدته في مواقف عديدة بالعالم , و أن القمة العربية ستطلب من الأمريكان تقديم وثيقة إطار تلتزم من خلالها أمريكا بإدراج كافة قضايا الحل النهائي على جدول زمني خلال مرحلة التفاوض القادمة وتكون مرجعيتها مبادرة السلام العربية والقرارات الدولية , و سنقل العرب موقفهم كاملا خلال زيارة اوباما للسعودية الأسابيع القادمة و سيطالبوا ببذل ضغوط مسئول على حكومة إسرائيل لتنهي حالة الاحتلال لكافة الأراضي العربية بما فيها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية .
لا اعتقد بأي حال من الأحوال أن يخرج العرب في قمتهم عن توصيات بيان جامعة الدول العربية بعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والذي أكد على عدم قبول العرب بأي اعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ورفض كافة السياسيات الإسرائيلية التي ترمي إلى تهويد القدس ,كما و ستؤكد التوصيات على أن مرجعيات السلام هي قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وان العرب يؤكدوا أن السلام لا يتحقق دون سيادة الدولة الفلسطينية على كامل أراضيها ودون القدس عاصمته الدولة الأبدية ,ودون حل عادل لقضية اللاجئين على ساس قرارات الأمم المتحدة بهذا الخصوص ,ودون إزالة كافة المستوطنات من الضفة الغربية ودون الاعتراف بحدود 1967 كحدود الدولة الفلسطينية , وسيدين البيان إجراءات إسرائيل في القدس واقتحاماته الجيش الإسرائيلي والمستوطنين والوزراء المتطرفين المتتالية للمسجد الأقصى واعتقد أن البيان سيحدد متطلبات السلام في كافة الثوابت الفلسطينية الغير قابلة للتصريف , ولا اعتقد أن بيان قمة الكويت سيقبل بان تكون هناك أي حلول منقوصة أو مرحلية أو مؤقتة أو بقاء أي من الأرض العربية تحت الاحتلال , واعتقد أن العرب لن يذهبوا ابعد من هذا البيان المكتوب ولن تكون هناك إجراءات عملية في وجه أمريكا وخاصة أن اوباما سيزور المنطقة بعد قمة الكويت.