من قاع الواد السحيق
تحسين أبو عاصي
– غزة فلسطين –
قدرك يا أمي أن تنبثقي مع كل فجر من قاع الواد السحيق ، تقاومين كل ثعابين الأرض ، تجني الورود من بين الأشواك ، وقد صافح قلبك الشمس ، وحمل رحمك بالأقمار ، وتميزتِ عن كل أمهات زمانك ، فكنت الأخت والزوجة والصديقة ، ولا زلت أنت الأم ، والأم أنت ، فأنت الخنساء ، وأنت آيات الأخرس ، وأنت فاطمة النجار، وأنت ليلى خالد ، وأنت ريم الرياشي ، وأنت دلال المغربي ... أنت ياسين والشقاقي ، وأبو على مصطفى وأبو إياد والوزير ... ولا زلت على ما أنتِ عليه ، تصعدين الجبال من قاع الواد السحيق حافية القدمين ، لا تملكين غير لسانك وعظامك ، وقلبك وأظافرك ، فورَّثتِ المدفع والرشاش ،وعلَّمتِ التضحية والثبات ... قالوا أنك امرأة مكسورة الجناح ، ونسي هؤلاء أنهم يتسولون جبر كسر قلوبهم من بعد أن سكبوا ماء وجوههم على عتبات الكنيست والبيت الأبيض ... فقسما بك وبما أنجب رحمك ، أنك أشرف منهم جميعا ... فسلام لك وسلام عليك يا مَن عيدك دهراً لا يوماً ...سلام عليكِ وأنت تُشَيِّعين مَن أنجبتِ بزغاريدٍ فرَّ منها أبالسة الأرض كما تفرُّ من صوت الأذان ...