حرب ترمب الجديدة، أو قسيس جاسوس في ديار الإسلام

قد يتفاجأ كثير من الناس مما سيقرؤونه في سطوري هذه وما بينها وقد لا.

شخصيا, سعيد بكل ما اتخذه ترمب من قرارات سواء ما يمس القضية الفلسطينية أم الذي لا يمسها (قراراته تجاه كندا وروسيا والمكسيك وغيرها).

وعلى سبيل المثال لا الحصر, أسعدني قراره بنقل سفارة بلده لعاصمة وطننا ودولتنا وبلدنا المحتل, القدس. وهاكم بعض الأسياب:

أولا: يسرع قراره في تحقيق نظرية أدعو اليها منذ سنين بل منذ وعيت السياسة، ومنذ وعيت القضية الفلسطينية وهي نظرية: "نحو الاصطفاف".

فلا بد إن أردنا فعليا تحرير فلسطين (وغيرها من الأراضي المحتلة لتسع دويلات عربية ناهيك عن بعض الدويلات الإسلامية) أن نحقق اصطفافا حاسما كحد السكين بين من هم مع فلسطين وبين من هم ضدها.

ثانيا: يسرع القرار في تحقيق الوعي لدى الفلسطينيين ليتلخص في تحقيق "الإرادة الفعلية" للتحرر. والمتحقق الآن هو إرادة فارغة من مضمونها قائمة على أمور لا طائل من ورائها، ولا من أمامها، ولا من خلالها ولن تثمر إلا قبيل ظهور يأجوج وماجوج, وإن ظهرت فلن تكون هي الأهداف المنشودة والمتجسدة في تحقيق استقلال ناجز غير منقوص ولو واحد بالمئة. سيكون استقلالا شكليا كاستقلالات جميع الدويلات العربية دون أدنى استثناء.

ثالثا: يسرع القرار في تحرر كثير من ذوي الهمم الفاترة وذوي التفكير الساذج من تعويلهم على أمور لا قيمة لها مثل ما يسمى الشرعية الدولية والمجتمع الدولي....إلخ

وهناك أسباب أخرى طبعا.

ومن هذا المنطلق أسعدتني حزمة قرارات ترمب ضد الدولة الإسلامية المحترمة تركية. تلك القرارات التي تتوالى ويهدد الوغد ترمب بالمزيد منها.

أسعدتني تلك القرارات للأسباب الآتية:

أولا: تسريع تحقق نظريتي: "نحو الاصطفاف".

ثانيا: تسريع الاصطفاف العربي الإسلامي شعبيا, ليلحق المخاتير بعد ذلك مكرهين ربما.

ثالثا: كشف حقيقة العدو ومن أبرزه بل أبرزه هو الإدارات الأمريكية المتعاقبة قاطبة دون استثناءٍ واحد والفرق أن هذا العرص (ترمب) كشف مشكورا عن العداء للإسلام وللعروبة ودرتهما فلسطين وجعل العداء سافرا.

وثمة أسباب أخرى طبعا.

وبخصوص قصة القِس لعنه الله:

جاسوس قس أو قس جاسوس أمريكي اسمه اندرو برانسون أوقفه الأمن التركي في ديسمبر 2016 بتهم الاشتراك مع مهندس الانقلاب الفاشل ليلة 15 على 16 تموز 2016 وهو الغضيب فتح الله غولن القابع في بنسلفانيا بحماية أمريكا، هدها الله وأزال هيلمانها وهيلمتها على مخاتير العرب والمسلمين, وكذلك تبين أن لهذا القس اللعين ارتباط مع حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه الحكومة التركية حزبا إرهابيا، وهو كما نعلم حزب ضد الدولة التركية.

تم تقديم التماسات ثلاثة من قبل محامي ذاك القس الجاسوس لإطلاق سراحه ورفع الإقامة الجبرية عنه وإتاحة الفرصة له للسفر والمغادرة، وتم رفض الالتماسات جميعها؛ لأن المتهم قيد المحاكمة.

حسب الأمريك واللعين ترمب بالذات أن تركية دولة عربية تًؤمر فتطاع، وتطلق سراح أي مجرم يُطلب منها إطلاق سراحه، ولكن الحاج أردوغان لم يسر على هواهم، فهو ليس حاكما عربيا، ولكنه حاكم دخل وحزبه 13 استحقاقا انتخابيا وفاز بها جميعها دون أدنى استثناء.

جُن جنون ترمب المجنون أصلا برأي كثير من عقلاء الأمريك ومنهم جون كيري مثلا, وطفق بإطلاق تنهيقاته عبر التويتر.

قال في تنهقياته أنه لن يتخلى عن "القس المسيحي الرائع"، وأن أمريكا لن تتخلى عن مواطنيها (بهذه الجزئية الأخيرة كان الوغد محقا, فأمريكا تضحي بأتخن عميل من عملائها من أجل مواطن واحد من مواطنيها أو مواطنة من مواطناتها حتى لو كانت عاهرة).

واستمر ترمب بالقول إن تركية تعتبر مشكلة لأمريكا منذ زمن طويل!!! تركية التي جعلها يتامى أتاتورك مسمارا في الحذاء الأمريكي يرى فيها هذا الخالص أنها مشكلة لأمريكا!! تركية التي بدأت تتحرر من النفوذ الأمريكي يوم أراد الشعب التركي ذلك فعلا، فلم يوافق نوابه المحترمون المنتخبون, والعاملون (وليس مثل من يتقاضى راتبا وهو غير عامل لانتهاء المدة) على السماح للطيران الأمريكي بالانطلاق من قاعدة انجر ليك التركية لضرب العراق في العدوان الأمريكي على العراق الذي بدأ يوم الخميس 20 آذار 2003 في حين سمح العربان بذلك.

وعلى ذكر القاعدة اللعينة التي ورثها النظام التركي الحالي عن أسلافه العسكر الفاشست فلن يمض طويل زمن حتى تغلق بإذن الله والأمور بالتدريج كما نزلت أحكام تحريم الخمر بالتدريج.

واختتم ترمب بعض تنهيقاته أمس مهددا متوعدا قائلا: "سترون ما الذي سيحدث".

كتبت أمس منشورا مختصرا أنني اكاد أجزم أن الأمر لا يعدو كونه حربا دينية مختصرها أن ترمب وما يمثله من يمين مسيحي متصهين ومتماه مع الصهاينة غير قادر على استيعاب أو هضم (ناهيك عن قبول) فكرة قيام حكومة مسلمة محترمة باعتقال وإيقاف قسٍ مسيحي جاسوس!!

انني استطيع القول إنه إذا تم أي اعتداء فعلي (عدا الألاعيب الاقتصادية وضرب الليرة التركية) على تركية فستكون شرارة الحرب الدينية قد انطلقت فعلا وغير المسلمين هم الخاسرون بإذن الله, ذاك أن الشعوب ستستيقظ من سباتها وتصحو من تبنيجها وتدق أولا في خنانيق نواطيرها وبذا يكون ترمب الملعون من حيث لا يدري قد دق جرس يدء اليقظة.

والمطلوب اصطفاف عربي إسلامي مع تركية شعبا وقيادة؛ لأن عدم الاصطفاف مع تركية بهذه القضية هو اصطفاف مع ترمب والصهاينة ومواليهما.

إن الاصطفاف مع تركية هو اصطفاف مع ذواتنا، وأما سائر القضايا والخلافات في الرؤى فتحل بعد دحر العدو المشترك الذي عادانا كفلسطينيين، وعرب عرب، ومسلمين مسلمين، قبل معاداته إخوتنا الأتراك.

وسينبري لي بعض المراهقين السياسيين للفوه بما يفوهون به دائما أن هذه أمور تمثيلية، وسيشيرون لقاعدة انجرليك وما إلى ذلك، فأرجو منهم ومنهن التفكير بكل ما يريدون قوله بدقة فالرد سيكون مؤلما.

حمى الله القدس وفلسطين و تركية والعروبة المحترمة والإسلام القويم العظيم.

وسوم: العدد 786