معركة الخان الأحمر...؟

تسابق اسرائيل الزمن للإجهاز على الضفة الغربية وقطع الطريق امام أي  فرص لتطبيق حل الدولتين مستغلة في ذلك الانحياز الامريكي التام والغطاء السياسي الذي وفرته ادارة ترامب واعطت الضوء الاخضر لكل مخططات اسرائيل الاستيطانية على ان تنتهي اسرائيل من مشروعها اليهودي الكبير قبل انتهاء ولاية ترامب والبدء بانتخابات النصف الثاني للكونغرس الامريكي , ومع هذا السباق وضعت اسرائيل كافة المناطق الاستراتيجية في الضفة الغربية تحت المجهر الاستيطاني وخاصة تلك المناطق التي  تعزل المحافظات الفلسطينية عن بعضها البعض وتجعل التواصل الجغرافي بينها مستحيلا وفي ذات الوقت تعمد وتضمن  تحويل الضفة الغربية الى سجون صغيرة على غرار ما نجحت به في غزة . اليوم تصر اسرائيل على الاستيلاء على الخان الاحمر ونقل سكانه الى مناطق اخري وبناء الالاف الوحدات الاستيطانية مكانة لربط القدس بالبحر الميت بحزام استيطاني كبير وتفريغ تلك المنطقة تماما من أي سكان فلسطينيين للأطباق على الضفة الغربية من ناحية الشمال والجنوب وبالتالي تصبح كل محافظات الضفة سواء شمالا او جنوبا بين فكي كماشة استيطانية  تضيق شيئا فشيئا حتى تصل حدود المستوطنات الى حدود المحافظات الشمالية والجنوبية وبالطبع يصبح المستوطنين هم الغالبية في تلك المناطق وهذا بالفعل يعتبر ضم هادئ وممنهج  لكل مستوطنات الضفة الغربية الى دولة الكيان .

مؤخرا اقرت المحكمة العليا الاسرائيلية رفض الالتماسات المقدمة من قبل الاهالي اصحاب الارض في الخان الاحمر والذين يمتكونها بموجب اوراق طابو رسمي منذ العهد العثماني واقرت المحكمة وجوب تهجير سكان الخان الاحمر وهدمه بالقوة وهذا يعتبر من اخطر ما تنوي اسرائيل القيام به خلال ايام حسب ما حددت المحكمة التي جاء قرارها على اساس استعماري كولونيالي خطير تطبيقا  لقانون القومية اليهودية الاخير وهذا ما دعا الفلسطينيين للدفاع عن التهديد المتوقع   حسب قرار المحكمة , هنا دعت القوي الوطنية والاسلامية في رام الله والبيرة الجماهير الفلسطينية للتواجد اليومي في الخان الاحمر بشكل دائم واعلان النفير العام  في كل مكان  تصديا لهذا القرار الصهيوني الاستيطاني الخطير واكدت ان الاسبوع الحالي هو اسبوع الخان الاحمر ودعت للمشاركة في الفعاليات الشعبية وتكثيف التواجد الجمعة المقبلة في خيمة الاعتصام في الخان الاحمر وجبل الريسان غربي رام الله ومواجهة مشروع الاستيلاء على الارض عبر التواجد المستمر على الارض ومقاومة محاولات الاستيلاء ومواجهة الجرافات الاستيطانية التي تريد تمهيد راس الجبل لإقامة مستوطنة عليه .

فتحت معركة الخان الاحمر الباب امام تساؤلات وطنية مشروعة  لماذا هذا الغياب للفصائل الوطنية والاسلامية في غزة عن المشاركة في المعركة ليس بالذهاب الى هناك والتواجد في القرية والمواجهة والنوم امام جنازير الجرافات ولا بالاشتباك مع جنود الاحتلال والمستوطنين ولا برفع الاعلام الفلسطينية فلا عذر لاحد عن التخلف عن المعركة في أي مكان من الارض الفلسطينية , كان المطلوب ان تنتقل المواجهة في الخان الاحمر الى غزة عبر مسيرات العودة  وكسر الحصار واسقاط كل قرارات الاحتلال الصهيوني الداعية الى مصادرة الارض وهدم القرية لصالح مخطط اسرائيل الاستيطاني, كان يتوجب علينا اثبات ان المقاومة مستمرة في كل الارض الفلسطينية  ليس برفع الشعار فقط وانما بالقول والعمل لتكون جمعة التصدي لهدم الخان الاحمر عبر توحيد اشكال المواجهة في كل مكان  وتوحيد الخطابات والرسائل التي تصل العدو على مدار التواجد في هذه المخيمات وحتى الشعارات التي ترفع خلال المسيرة لابد وان تحمل عناوين يقرأها العدو واجهزته الاستخبارية جيدا ويفهموها بعمق  , انها معركة بكل معاني الكلمة التخلف عنها يعني التخاذل والتراجع والتمترس حول اهداف مجزوئه وفردية وليس اهداف وطنية شاملة   ,والتخلف عنها يضع علامات استفهام كبري تحتاج الى اجابات واضحة من اصحاب الشأن وخاصة الهيئة العليا المنظمة لأشكال المواجهة مع الاحتلال الاسرائيل في غزة .

 الفصائل كلها امام المسؤولية عن ذلك فلا سبب يدعوها  لتجاهل المعركة واعتبارها معركة فلسطيني رام الله او القدس او اهل الضفة  جميعا باعتبار ان هناك اختلاف سياسي بين غزة والضفة  ,الخطير ان الخلاف اليوم  يؤثر على طبيعة المواجهة مع الاحتلال الصهيوني ويعطي هذا الاحتلال تأكيدات اننا اصبحنا شعبين لا شعب واحد  وهذا يحقق اهداف هذا العدو الخبيثة  , الحقيقة اننا نختلف فصائليا لكننا لا نختلف على طبيعة المواجهة مع الاحتلال  وادوات هذه المواجهة الواحدة والموحدة ما دمنا امنا بالمقاومة الشعبية سبيلا ليس وحيدا للمواجهة في كل من غزة والضفة لان الارض الفلسطينية واحدة والشعب الفلسطيني واحد  ,قد نكون بلا قصد ودون ان ندرك خطورة هذا , لكن لابد من الانتباه ان الاحتلال يبني على ذلك ويعتبر نفسه نجح في تجزئة جهة المواجهة الفلسطينية على الارض الفلسطينية  . ان  اكثر ما يخيف اسرائيل هي وحدة المواجهة و وحدة الجماهير ووحدة الاسلوب والاستراتيجية هدد الادوات .  مهما ان لا استثني هنا الاعلام الخاص الفصائلي   الذي سمح لنفسه وللفصائل ان تجعل المعركة في الخان الاحمر معركة فصيل سياسي وصور ان المعركة في غزة هي معركة فصيل او فصائل سياسية اخري وعليه بالغ العتب والملامة الكبرى  لأنه سببا في عدم توحيد المواجهة ولو ليوم واحد وما عهدناه في تاريخنا المقاوم  ان الضفة الغربية لم تتناسي يوما ما  جراح غزة ولا آهاتها بل وقفت في كل المعارك معها بالمال والمعونات والرجال وكل ما تملك   , لابد وان نسأل القائمين على الاعلام الحزبي والخاص لماذا لم  تخصص الاذاعات المحلية والفضائيات  مساحات كافية لشحذ الهمم لمعركة الخان الاحمر ..؟ولماذا تستثني غزة من المشاركة في المعركة بالطرق المعروفة والابداعية ؟ ولماذا  لم نولي اخبار هذه المعركة  اهتمام كاف يتناسب مع حجم التحدي  وحجم المصيبة التي ستحل على الفلسطينيين ان تمكن الاحتلال من الخان الاحمر وجبل الريسان وصادر اراضيهما  واقام مستوطناته عليهما , وقبل ان اتلقي منكم اجابة اقول لكم ان معركة الخان الاحمر معركة مصير وطن ومشروع تحرري سيذكر التاريخ من حافظ على وحدة المواجهة و وحدة المصير مع الاحتلال.

وسوم: العدد 789