إجاك الدور يا دكتور
م. هشام نجار
المنسق العام لحقوق الإنسان - الولايات المتحده
اعزائي القراء
في يوم الجمعة ١٨ آذار مارس ٢٠١١ بدأت الإحتجاجات الشعبيه ضد نظام القمع والفساد وكبت الحريات في محافظة درعا وذلك على إثر اعتقال خمسة عشر شابا صغيرا اكبرهم لم يتجاوز السادسة عشر من عمره وجرى تعذيبهم لمجرد انهم كتبواعلى الجدار عبارة "إجاك الدور يادكتور" تلك العباره التي دخلت تاريخ النضال السوري من اوسع ابوابه..
لم يكن يتوقع النظام على الإطلاق ان يأتي هذا التحدي من هؤلاء الفتيه الذين أُخضعوا مع اترابهم لاكثر من عملية غسيل دماغ لدى اجهزة النظام المختلفه..ففي بدايات اعمارهم الاولى أُخضعوا لعملية غسيل دماغ لدى مؤسسة طلائع البعث ثم أُخضعوا بعدها لعملية غسيل دماغ ثانيه في مؤسسة شبيبة الثوره..كما أُخضع ذويهم لعملية غسيل دماغ ارهابيه تحذيريه من ان اي طفل من اطفالهم يرتكب اي (عدوان) ضد النظام فستكون نهاية الاب والطفل بل والعائله بأجمعها . فعاش السوريون في خوف رهيب فتحول نومهم خوفاً.. وطعامهم خوفاً.. وعملهم خوفاً .. وفرحهم خوفاً .. وحزنهم خوفاً.. ضمن هذه الظروف الرهيبه لم يكن يخطرعلى بال انسان ان تقوم ثورة في سوريا في ظل سحق شخصية الانسان السوري , بل اكثر من ذلك لم يكن متوقعاً ان يتجرأ هؤلاء الفتيه على استفزاز هذا النظام القمعي الدموي فيقودون ثورة هي الاولى بالتاريخ والتي تستمر لثلاث اعوام بإمكاناتهم الذاتيه ولا تميز لها حتى الآن صديقا ثابتا بينما اعداء الثوره وما اكثرهم يتفاخرون بذلك.
اعزائي القراء
الثقة الكبيره للنظام بنفسه كان لها ما يبررها
فأولاً من الناحيه العسكريه والأمنيه لا يوجد لتركيبة الجيش والامن شبيهاً لها سوى في دوله واحده في العالم هي إسرائيل. فكلا النظامين يقوم جيشهما واجهزة مخابراتهما على تركيبه طائفيه تتبع مرجعيه مذهبيه . فإن حصل انقلاب عسكري في إسرائيل فإنه يمكن ان يحصل ذلك في سوريا.
وثانياً فهي تحصينه سياسيا من الدول الكبرى واسرائيل, فلم تكن دكان الصمود التي فتحها بأموال عربيه مع الأسف الا الستاره التي يختبئ وراءها لتقديم كافة الخدمات لكل الدول وتأمين إحتياجاتهم من السمسره الاخلاقيه الى الشراكه التجاريه الفاسده الى المؤامرات الدوليه الجاهزه . وقد برهن على انه نظام خدمات عالمي من الطراز الأول, كل ذلك اعطاه ثقة كبيره من انه محصن دوليا.
وثالثاً انه نظام مجرب وموثوق به من مؤامره ١٩٦٧ وضمان امن اسرائيل وحتى الآن, فقد أُوكل إليه عدة مهمات نجح فيها من تحييد الشعب السوري عن كل مناسباته الوطنيه إلى ملاحقة الفلسطينيين في الاردن من اجل تهجيرهم الى لبنان ليسهل له بعد ذلك ذبحهم في تل الزعتر ومن ثم تشريدهم وتشتيتهم في اصقاع الارض إضافة الى المشاركه الفعليه في تدمير العراق ورغم كل ذلك كان هناك من الفلسطينيين والعرب من يصفق له كبطل للصمود والتصدي مما يدل على ان الغرب واسرائيل اسسوا له شبكة علاقات عامه لتحصينه وطنياَ.
ورابعاً انه تعرف على كل نقاط ضعف الحكام واصحاب النفوذ في المحيط العربي وما أكثرهم فأشترى الكثير منهم وشارك اولادهم واسس معهم شركات الفساد وتبييض الاموال فحصن نفسه عربيا.
وأما خامساً فقد حاول نظريا اقامة علاقة توازن بين الجار التركي وهو احد المكونات الرئيسيه للاسلام السني وبين الجار البعيد الايراني وهو المكون الرئيسي للصفويه الشيعيه.فأعطى الجار الأول مزايا تجاريه هامه اطمأن لها الجار التركي, بينما اعطى الثاني تحالفا استراتيجيا بعيد المدى فحصن نفسه من كافة جيرانه وخاصة بعد سقوط العراق بأيدي الصفويين.
إذن وبعد كل ذلك لماذا لايشعر الطاغيه بالغرور ولماذا لايستهزئ بالذين سبقوه ويقول عنهم: سوريا ليست تونس وليست مصر وليست ليبيا وان قامت في كل الدنيا ثورات فلن تقوم في سوريا.
ثم قامت الثوره وقاومها النظام بإستهتار شديد فرمى ببضعة رشاشات وقنابل ممزوجة بحزم ماليه على سجاد المسجد العمري في درعا مع كاميرا رسميه لتصوير المسرحيه محاولاً إقناع الشعب والعالم بنظرية المؤامره ومن ذلك التاريخ وحتى الآن والثوره السوريه في تصاعد ولكن الدمار المقابل لها في تصاعد شديد .
وقد تبين لنا جميعاً ان اصدقاء الشعب السوري هم اصدقاء على الورق فقط وامريكا تقود هذه الجوقه بإستهتار مريب. وتقسيم الوقت الى مراحل إستنزافيه كان عملاً متعمداً لكسب الوقت فكلما استهلكوا مرحله رموها واتوا ببديل عنها فكسبوا مع حلفائهم الروس بطريقة استنزاف المراحل ثلاث سنوات من الدمار والقتل والتغييب والتهجير في ظل حالة لا مبالاة عالميا فريده بالتاريخ وفي ظل واقع عربي "كل من إيدو إلو" وفي ظل معارضه مازالت تتعلم الف باء السياسه ووسط اتهامات لبعضها بأخطر من ذلك.
اعزائي القراء..
اليوم وبعد ثلاث سنوات من الثوره علينا ان نقف وقفه صادقه مع انفسنا نتلمس من خلالها نقاط ضعفنا وقوتنا ..فنقاط الضعف مازالت طاغيه ومنها
اولاً تعداد مقاتليتا العسكريين ليسوا قلة ولكن الانضباط العسكري ضعيف والوحده العسكريه مغيبه.
ثانيا عدة مقاتلينا مازالت ضعيفه ولاشك وحتى الآن لا يوجد توافق دولي على وضع سلاح حاسم بيد الثوار.
ثالثاً التهاء بعض دول الخليج بادوار ثانويه تنافسيه فيما بينهم ايهم يقود مسيرة الثوره في هذه المرحله وهو مرض عربي مزمن لم يستطيعوا التخلص منه رغم عمق المأساة.
رابعاُ عدم وجود كارزما قياديه في صفوف الشعب حتى الان لقيادة هذه المرحله الهامه.
خامسا ضعف تركيبة الإئتلاف وعدم قدرته على تقديم اي نجاح يذكر.
ولكن بجانب نقاط الضعف هذه يوجد نقاط قوه واهمها:
اولا تصميم لايقبل التردد على المضي في الثوره بعد وضوح مخطط الاعداء بشكل لا لبس فيه فالثوره صارت حياة او موت لمعظم السوريين.
ثانيا وجود موارد ماليه تدعم الثوره وان كان القائمون عليها لايحسنون توظيفها.
ثالثا الاستفاده من توقف النظام على منح او تجديد جوازات سفر في بعض الدول واسراع الائتلاف بالحلول محله.
رابعا سحب كرسي النظام في الجامعه العربيه ووضعه تحت تصرف المعارضه تعتبر خطوه سياسيه لها مدلول ايجابي.
وفوق ذلك كله لا بديل عن مراجعه شامله لتركيبة الإئتلاف والاستغناء عن الغث منه وما اكثره واضافة عناصر فاعله مشهود لها بالوطنيه.
وهذا لايتأتى الا بدعوة مؤتمر عام سوري يحضره كل الشرفاء ينبثق عنه إئتلاف جديد يقود المرحله الخطيره القادمه سياسيا وعسكريا..والشعب السوري ينتظرهكذا خطوه بفارغ الصبر وبدونها تبقى ثورتنا عرجاء وعلى كل الوطنيين السوريين الشرفاء تكريس انفسهم لهذه الخطوه الهامه
..مع تحياتي
والسلام عليكم ورحمة الله.
