عروس الثورات

د. أبو بكر الشامي

لم يكن يخطر على بال مجموعة من أطفال درعا ، الذين لم يبلغوا  الحلم بعد ، وهم يكتبون على بعض الجدران ،  ببراءة الطفولة المعروفة عبارة ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، والتي ربما استوحوها مما يشاهدونه على التلفاز يومياً من شباب تونس ومصر واليمن وليبيا وغيرها من البلاد العربية التي هبّت عليها رياح الثورات ...

لم يكن يخطر على بالهم أبداً بأنهم سيساقون إلى زنازين السجون الأسديّة ، وسيصبّ عليهم من ألوان التعذيب ما لا طاقة لهم على احتماله ، فيضربون بالسياط والكرابيج ، ويُكوون بالكهرباء ، وتُطفأ في وجوههم أعقاب السكائر ، وتقلّع أظافرهم ...!!!

ومن ثمّ ، يفجرون أعظم ثورة في تاريخ سورية الحديث ، وأول ثورة في تاريخ البشرية يفجّرها أطفال ، والتي يحق لنا أن نطلق عليها بكل فخر واعتزاز (عروس الثورات ) ...

فالحمد لله الذي منّ علينا بهذه الثورة العظيمة ، والشكر له سبحانه على أن وحّد شعبنا ، وألّف بين قلوب أبنائنا ، في مهرجان أخويّ ، تضامني ، لم يشهد له تاريخ سورية الحديث مثيلاً ...

ثم الشكر موصول لهذا الشعب العظيم ، الذي خرج في جميع محافظات سورية ومدنها وقراها ، ليساند إخوانه في حوران البطلة ، ويمنع عصابات الإجرام الأسدية من أن تستأسد عليها ، وتستفرد بها ...

شكراً لدمشق الحبيبة ، وغوطتيها الرائعتين ، وألف شكر للتل ، وكفر سوسة ، والمعضمية ، و الحميدية ، ومضايا ، ودوما ، وداريا ، وكفربطنا ، وسقبا ، والكسوة ، والمسكيّة ، والمزّة ، و تل منين ، وعدرا ، ويبرود ، و القابون ، والحميدية ، والمحدية ، والمرجة ، والزبداني ، والميدان ، وركن الدين ، وساحة الحريّة ، العمارة ، والصالحية ، والبكرية ، وغيرها من أحياء دمشق الوفية .

وشكراً لحمص الحبيبة ، وألف شكر لتل كلخ ، والرستن ، وتلبيسة ، وساحة الساعة الجديدة ...

وشكراً لحماة الحبيبة ، وألف شكر لساحة العاصي ، والسلمية ، وصوران ..

 وشكراً لمدينة اللاذقية الحبيبة ، وجبلة ، وبانياس ، وألف شكر لساحة الشيخ ضاهر،  وبستان الحميمي .

وشكراً لإدلب الحبيبة ، وألف شكر لكفرنبل ، ومعرّة النعمان ، وخان شيخون ، والجسر ، وسراقب ، وسرمين ، وبنّش ، وكفر عميم ، وكفرتخاريم ، وحارم ، وأطمة وجميع مناطق إدلب وقراها الثائرة ...

شكراً  لحلب ، ودير الزور ، والميادين ، والقامشلي ، والرقة ، وعامودا ...

وشكراً وألف شكر طبعاً لحوران البطلة ، شكراً لدرعا ، والصنمين ، وجاسم ، ونوف ، وأبطح ، والشيخ مسكين ، وأذرع ، وكفرشمس ، وأنخل ، وداعل ...

شكراً لمساجدنا الحبيبة التي انطلق منها الأحرار الثائرون ...

وأخصّ : الجامع الأموي ، وجامع الرفاعي في دمشق ، والجامع الكبير في حلب ، وجامع بانياس ، وجامع خالد بن الوليد ، وجامع صوفان في اللاذقية ، وجامع أبي بكر الصدّيق في جبلة ، ومسجد الصحابة في حماة ، والمسجد الكبير في صوفان ، ومسجد عمر بن الخطاب في حمص ، وأخيراً وليس آخراً المسجد المجاهد ، والمستشفى الميداني ( الجامع العمريّ ) في درعا البطلة .

وشكراً لجالياتنا الحبيبة في : عمّان ، وصنعاء ، والدوحة ، و دبي ، والقاهرة ، وقبرص ، واستانبول ، ولندن ، وغيرها من المدن التي وقفت مع أهلنا وساندتهم في ثورتهم المقدّسة ..

ونطلب من جالياتنا السورية المغتربة في جميع أنحاء العالم ، المزيد من التظاهر والاعتصام أمام السفارات والقنصليات السورية في بلدانهم ، دعماً لشعبنا الثائر ، وتضامناً مع ثورته المباركة ...

كما نطلب من جميع أعضاء سلكنا الدبلوماسي في العالم ، التبرؤ من النظام القاتل ، والانحياز الفوري إلى شعبنا  العظيم وثورته المباركة .

والشكر موصول لكل من ساند ثورتنا العظيمة من العلماء العاملين ، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله ، والإعلاميين ، والسياسيين ، والكتاب ، والمفكرين ... ونطلب منهم المزيد من الدعم والتأييد حتى تتحقق جميع أهدافنا المقدّسة ...

ونناشد شرفاء العرب والمسلمين والإنسانيين في العالم أن يمارسوا أقصى درجات الضغط على المؤسسات العربية والإقليمية والدولية ، مثل : جامعة الدول العربية ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، وهيئة الأمم المتحدة ، وجميع منظمات حقوق الإنسان ، ومنظمات المجتمع المدني ، في العالم أن ترفع غطاءها عن هذا النظام المجرم ، الذي ولغ في دماء الأحرار والأطفال والنساء من أبنائه ، وتدعم حقنا في الحرية والكرامة والعزّة ...

أما أنتم يا أبناء شعبنا السوري العظيم ، يا ورثة أقدم حضارة  في العالم (ثمانية آلاف سنة  )، ويا من ابتكرتم  أول أبجدية في التاريخ ...

يا أحفاد العز بن عبد السلام ، والنووي ، وابن تيمية ...!!!

ويا أبناء يوسف العظمة ، وإبراهيم هنانو ، وسلطان باشا الأطرش ، والشيخ صالح العلي ... !!!

لقد رفعتم رؤوسنا ، وبيّضتم وجوهنا ، وأطلتم في أعمارنا ، فجزاكم الله عن وطنكم وأمتكم خيراً ، ولكننا نناشدكم بعبارات ملؤها المحبة والإعجاب والتقدير ونقول لكم : لقد عرفتم فالزموا  ...

عرفتم طريقكم إلى الحريّة والكرامة والحياة العزيزة التي تليق بكم وبتاريخكم وحضارتكم وأمجادكم ، فالزموها ، ولا تضيّعوها ، أو تفرّطوا  بها ...

ولنستمر في التظاهر والاعتصام السلمي الحضاري في  ساحات التحرير والشهداء في  جميع المدن السورية ، وفي نفس الوقت ، لندكّ أوكار العصابة الأسدية بكل ما أوتينا من قوّة ، ولنحافظ على ثوابت ثورتنا المقدّسة في : الوحدة والوطنية  ، والبعد عن الطائفية ، ولنحافظ على ألق الثورة ، ووهجها ، ونضارتها ، وإشراقها ، وديمومتها ، حتى تتحقق أهدافنا المقدّسة ، في الحريّة والكرامة والعزّة ، التي مهرناها بالدم الطهور لشهدائنا الأبرار ...

بسم الله الرحمن الرحيم (( ويقولون متى هو .!؟ قل : عسى أن يكون قريباً )) صدق الله العظيم.