محاورة مع سائق تكسي في حلب عام ٢٠٠٦
اعزائي القراء ..
زرت سوريا في صيف ٢٠٠٦ وكانت الزيارة اليتيمة منذ ثمانينات القرن الماضي . عند بداية زيارتي كان قد انقضى على غارة الطيران الاسرائيلي فوق قصر المجرم الاسد في منطقة اللاذقية حوالي شهر او نحوه حيث حلق الطيران الاسرائيلي فوق قصره المنيف بينما كان (سيادته) مع أسرته يقضي إجازته هناك .
وبعد عدة حركات بهلوانية قام بها الطيران الاسرائيلي فوق القصر وكأنهم في استعراض بهلواني بهيج وممتع .عادت الطائرات ادراجها الى قواعدها في فلسطين المحتلة .
كانت مهزلة مضحكة قضى السوريون على وقعها سهراتهم وهم يسخرون من هذا المدعو ببطل الصمود .
في احد الايام خططت لزيارة ضريح الوالد والوالدة والأقرباء في المنطقة الشرقية من المدينة ، فاخذت تكسي ذهاباً وإياباً لتخفيف عبء البحث عن تاكسي اثناء العودة من منطقة اقامتي في حي السبيل ، حددت للسائق الوجهة وانطلق السائق بسيارته دردش معي كالعادة ليتعرف علي وعرف اني في اجازة قصيرة ثم التزمت الصمت استجابة لنصيحة اصحاب الخبرة. ولكن عندما اقتربنا من منطقة مستشفى الرازي فتح السائق الحديث وهو يستجرني للكلام حول الغارة على قصر الاسد .بدأ قائلا : شفت ابن عمي رقصوا فوق قصرو وما قدر يعمل شي هالجبان . تعجبت من جرأته فرددت عليه باختصار : لا.. اخوي هادا اسمو تكتيك.
يرد عليه شو تكتيك وما تكتيك هادا جبان مافي غير العلاك الفاضي . قلت لنفسي اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وهنا بدأ الفار يلعب بعبي . شخص مابيعرفني ولا بعرفو ويتجرأ بهذا الاسلوب و كأنه ينتقد رئيس سويسرا.. اذن لابد انه يرسم لي مقلباً يتقاضى عليه مكسباً، ومع ذلك اثرت الصمت محاولا الانشغال بامور اخرى . كنا نقترب من مؤسسة الكهرباء والقريبة من المفرق الى حي السريان حيث مركز المخابرات العسكرية فبدأت دقات قلبي تتسارع ، قلت له يا اخي لماذا تاخذ الطريق الطويل وأمامك طريق اخر مختصر ، لم يرد بل ظل يردد قصة الاسد والطيران الاسرائيلي .
اثرت الصمت الكامل بينما ضغطي وصل الى ١٨ ولم يستقر وضعي الصحي الا بعد ان تجاوزنا المخابرات العسكرية ووصلت وجهتي وحاسبته كما يريد ذهاباً وإياباً بينما عدت مشياً على الأقدام لمسافة ٢ كم حتى استقل تكسي للعودة .
اخواني
لا يوجد احد في سوريا يتجرأ بهذه الطريقة الا اذا كان مخبراً وما أكثرهم . لقد ملأوا الوطن بهم حتى يرهبوا هذا الشعب المسكين المبتلى بهذه العصابة ليحولوه الى قطع من الأحجار الصماء لا روح فيها . بل جعلوا الناس تتوجس خيفة حتى الجار من جيرانه... والأستاذ من طالبه .... والمسؤول من حاجبه... والقريب من قريبه . لقد احتلوا سوريا بنشر الرعب بين افراد الشعب حتى كاد السوري يفقد لسانه ويتخامد تفكيره
سوريا اليوم استيقظت ولن تعود للرعب. فتمسكنا بحريتنا هو هدف لنا لايتزحزح، فالتمسك بمطلب الحرية يعني اهداء اولادنا واحفادنا حياة كريمة لا خوف فيها ولا رعب.
فلنكن يداً واحدة ولنبتعد عن الفتن التي يزرعها البعض منا عن حسن نية وأكثرهم عن سوء نية .
وبذلك نحقق آمالنا بوحدتنا حتى الانتصار ..
تحياتي...
وسوم: العدد 800