متى ننصف المبدع الكبير شاكر خصباك ؟

للتذكير فقط: هذا ما كتبته عن الراحل الكبير د. شاكر خصباك عام 2009:

رحل يوم أمس ، غرببا على أرض الولايات المتحدة ، وفاقداً الذاكرة ، المبدع الكبير الدكتور شاكر خصباك ، ويهمني أن أعيد نشر واحدة من العديد من المقالات التي كتبتها عنه (ولدي مخطوطة كتاب عن منجزه الإبداعي أنجزته عام 2013) ونُشرت في جريدة الزمان في 32/تموز/2009 :

( يبدو أن الأشقاء اليمنيين ، مشكورين ، أكثر تحمسا للإبداع العراقي من المؤسسات الثقافية العراقية . فلولاهم لما اهتم أحد بمبدع عراقي كبير أهملناه مثل شاكر خصباك . فقد قاموا مؤخرا بإصدار المؤلفات الإبداعية لخصباك في ثمانية مجلدات أنيقة ، ضمت قصصه ورواياته ومسرحياته ومقالاته الأدبية . وقد أشرفت لجنة كريمة على طبع وإصدار هذه المجلدات الثمانية الضخمة (أكثر من 2800 صفحة) ترأسها الدكتور عبد العزيز المقالح الذي أشار في تقديمه إلى أن من بين أهم ما قدمه خصباك للقصة القصيرة العربية في بداية حياته الأدبية هو كتابه الرائد عن تشيخوف عام 1954حيث لفت انتباه المبدعين العرب إلى أهمية وجود مستوى من القصة يجمع بين واقعية الموقف وجمالية فضاء السرد الفني ، فضلا عن مشاركته في الإشراف على مجلة ( الثقافة الجديدة ) وما بشرت به آنذاك من انفتاح فكري تقدمي ، ومشاركته في هيئة تحرير مجلة الآداب البيروتية التي قامت بدور بارز في تقدم القصة القصيرة وتطوير حركة الشعر العربي الحديث . ولخصباك خمس عشرة رواية منها : الطائر التي وصفها الشاعر سليمان العيسى بأنها ليست رواية بل قصيدة شعرية ، ونهاية إنسان يفكر والسؤال والخاطئة وامرأة ضائعة والفصول الأربعة وغيرها . كما أصدر ثمان عشر مسرحية منها الديكتاتور والبهلوان والرجل الذي فقد النطق والغرباء واللص والعنكبوت والقضية والجدار وغيرها . وفي مجال القصة القصيرة أصدر خصباك ثلاث مجاميع هي صراع (عام 1948 والتي أصدرها وهو دون العشرين) وعهد جديد (1951) وحياة قاسية (1959) . ومن الأقوال التي قيلت في إبداع خصباك :

 - في رأيي أن مسرحية ( الشيء ) تقف على صعيد واحد مع كبريات المسرحيات العالمية – المستشرقة الإسبانية ( روزاريو ريكو ) .

 - لقد قررنا أن نعتمد بعض أعمالكم الإبداعية للتدريس في معهدنا ذلك أن مثل هذه الروايات القصيرة القيمة تصلح جدا في تشجيع طلبتنا الألمان على المطالعة باللغة العربية – المستشرق الألماني البروفسور هانس ديبر .

 - إلتفت خصباك في فترة مبكرة جدا (عام 1946) إلى عبقرية نجيب محفوظ وبشّر بمستقبله الأدبي العظيم حيث لم تكن كتابات نجيب محفوظ الإنسانية قد تبلورت بعد – د.عبد السلام الشاذلي .

 - إن كتابك (ذكريات أدبية) وثيقة حية ومهمة يا شاكر ، إذ لم يسبق لكاتب غيرك أن عايش عن قرب هذا العدد الكبير من كبار كتاب أدبنا العربي ويسجل لنا انطباعاته عنهم – د.علي جواد الطاهر .

- لقد كتبت في قصتك (عهد جديد) شيئا خالدا بحق وباعتقادي أنك لو لم تكتب سوى هذه القصة لحق لك أن تحمل لقب قاص – د.صفاء خلوصي .

 - مجموعة صراع لقصاص عراقي شاب لا أكون مغاليا لو قلت إنه خطا خطوة رائعة في مضمار القصة العراقية .. هذا الكتاب نصر جديد للقصة العراقية – غائب طعمة فرمان .              - هذه قبلة حارة على جبينك يا شاكر ؛ قبلة إعجاب لقصة عهد جديد التي أمضيت معها وقتا ممتعا للغاية – علي أحمد باكثير .

وقد تحدث عن خصباك بإعجاب وتقدير الكثير من النقاد مثل : أحمد بهاء الدين ، د.سعاد محمد خضر ، د.عبد العزيز المقالح ، بنت الشاطيء ، أنور المعداوي ، محمود تيمور ، عبد الرحمن منيف ، عبد الملك نوري ، يوسف الشاروني ، عبد المجيد لطفي ، عصام محفوظ وغيرهم . وهل نستطيع تجاوز كتابه الخطير (الكرد والمسألة الكردية)عام 1959 الذي دعا فيه إلى حل المشكلة الكردية حلا سلميا ومنح الأكراد الحكم الذاتي ، فيكون أول مفكر عراقي عربي دعا إلى ذلك .                                                                                                           وقد اختارت "المؤسسة الأمريكية لسير الحياة" شاكر خصباك واحدا من صفوة مثقفي العالم لعام 2004 لتميزه في ثلاثة حقول : الأدب والجغرافية والتعليم .                                          وخصباك المولود سنة 1930من علماء العالم في موضوع تخصصه العلمي وهو الجغرافية وله أكثر من عشرين كتابا مؤلفا ومترجما متميزا فيها . فهو كما يقول د. إبراهيم الجرادي : تعدّه الموسوعات والمعاجم العالمية ، واحدا من خمسة عرب أفذاذ في علمهم ومعرفتهم في هذا الباب . ولكن المشكلة تتمثل كما يقول الجرادي نفسه في أن هذا الأديب قد أمضى أكثر من ستين عاما وهو يكتب في شتى أغراض الأدب دون أن يعد بين الكتاب الكبار ، ويقول الدكتور المقالح : إن الدكتور شاكر مبدع غزير الإنتاج متعدد المواهب ، ومع ذلك يتم تجاهله بقسوة من نقاد الأدب المعروفين في العراق أولا وبقية الأقطار العربية ثانيا . ويتفق الإثنان ؛ المقالح والجرادي على أن الشهرة العلمية لشاكر خصباك هي التي طغت على شهرته الأدبية ، وفي الوطن العربي لا يمكن الجمع بين شهرتين . ولكن ما رأيكم إذا قلنا أن الكثير من المثقفين العراقيين والمؤسسات الثقافية العراقية لا تعلم بشهرة عالم جغرافي عراقي عالمي اسمه شاكر خصباك !! ، فكيف سيعرفون خصباك الأديب اللامع ؟ . فمتى ننصف رموز العراق المبدعة ؟ ).

وسوم: العدد 800