الانفجار قادم
وصلت دول الثورة المضادة إلى طريق محكم الإغلاق فليس في العالم العربي دولة لا تعاني من ضعف السيولة وتراجع الاقتصاديات القوية وزيادة نسبة المخاطر وغموض المستقبل وضعف الأداء الدبلوماسي واستنفاذ الحيل وانتظار المجهول.
أوروبا ليست بمعزل
سوف يتفكك الاتحاد الأوروبي وبدأت الشرارة بالانجليز وإذا استكملوا البريكست سينفرط العقد وستتابع خرزاته في التناثر.
الأمريكان يدفعون باتجاه إبقاء الاتحاد أكثر ضعفا وأكثر حاجة إليهم ولم تفلح فهلوت الفرنسيين فقد حطمها الأمريكان وألجؤوا ماكرون إلى الزاوية الضيقة تماماً.
حاول ماكرون مزهوا بغرور إثناء الأمريكان عن العبث بدميتهم المفضلة إيران من خلال إلغاء الاتفاق الايراني وأعلن عن زيارة إلى أمريكا لطلب الإبقاء على مصالحهم الاقتصادية المشتركة داخل إيران ولكنه تلقى صفعة مثالية وتم رفض وساطته وخطته البديلة.
ثم عاد مرة أخرى ولم يكفه أن يلدغ من ذات الجحر مرة واحدة فاستقبل ترامب بتصريحات نارية تدعو للاستغناء عن الحماية الأمريكية وبناء جيش أوروبي ! فجاءته اللدغة الثانية وتوشك أن تحرق مستقبله السياسي برمته لقد أسرها الأمريكان في أنفسهم ولم يبدها له ترامب وسرعان ما جاءه الرد باختراق احتجاجات السترات بعناصر تخريبية أججت الاحتجاجات ورفعت كلفتها وضاعفت من معاناة مكرون !! وتلقى ماكرون جملة من الإهانات وقدم سلسلة من التنازلات حتى تمنى لو أنه لم يزعج الأمريكان.
الاحتجاجات تمتد في أوروبا والشعوب الأوروبية تدرك أن القادم أسوأ . ستزداد مساحة الجوع وتتضاعف الصراعات على مناطق الامتياز الغنية.
هناك نزاع اقتصادي محتدم بين الكبار وأبرز معالمه الحرب الاقتصادية بين الصين وأمريكا وبمستوى أدنى بين روسيا وأوروبا وبمستوى آخر بين جناح الألمان وجناح الإنجليز وآخر بين الأتراك والغرب وكل هذه القوى لا تجد مخرجا لأزماتها المتصاعدة إلا في المنطقة العربية وأفريقيا !!
الأمريكان منزعجون من النفوذ الصيني في أفريقيا والأتراك أدلوا بدلوهم والأوروبيون يرون أنهم أولى بمحمياتهم ومستعمراتهم في أفريقيا والشرق الأوسط ! وهذا ما أغرى الانجليز بالبعد عن الاتحاد الأوروبي لأن مستعمراتهم السابقة ممتدة وهم أولى بالانفراد بها إلى أقصى الممكن بعيدا عن مشاركة الأوروبيين.
كل المؤشرات تؤكد أن انفجارا قادما ومرحلة جديدة تتشكل.
توالت التنبيهات من خبراء العمل الإسلامي بأن على كل تشكيلات العمل الإسلامي أن تكون جاهزة لساعة التحول .
كل هذه الأنظمة ستفشل بشكل غير متوقع وستعجز عن ردم الفجوات وستتابع عليها التحديات المتسارعة والمتصاعدة ولن تشفع لها الآليات القديمة في التعاطي مع المعطيات الجديدة .
ستصبح أساليب القمع والكبت والاستبداد والقهر والرأي والمذهب الواحد ... كلها لن تعود قابلة للاستهلاك ولن تستر العورات الآخذة في الانكشاف.
هناك اعتقاد بأن منطقة الخليج ستنفجر وأن مخزونها سينخفض في المستقبل القريب وأنها قد استكملت تفخيخ نفسها وجوارها بما يكفي لتدمير كل شيء.
هناك توجه لتكون منطقة الثروة القادمة في اليمن والقرن الإفريقي ولهذا سيعمل الغرب تدريجي على تهدأت هذه المنطقة وإنشاب أظفاره فيها وتأمينها من المهددات.
الروس يتربصون بالغرب ويودون خروج بريطانيا بغير اتفاق محكم لكي تتسع ثغرات الاختراق وعندهم من الحماس ما يكفي لاتقاط الخيط الرفيع ليبدؤوا رد الصاع صاعين للقوى الغربية.
الروس متعطشون لكل أنصاف الفرص وأبعاض الخلل للدخول بقوة مستفيدين من خلافات الغرب والأمريكان مستغلين كل فجوة في منطقة الامتياز ولديهم كامل الأهبة لسد العجز الغربي.
أفلحوا في توظيف خلافات مكونات حلف الناتو فاستمالوا الأتراك عندما تعرضوا للضغوط الغربية وأحيوا ما أمكن من ولاءات اشتراكية قديمة في أوروبا الشرقية والشام رغم العقوبات الغربية الاقتصادية المؤلمة.
هناك عصر جليدي جديد على الأبواب وكل من يدرس النشاطات الشمسية يدرك أن سندخل في عصر جليدي جديد بحلول عام 2020 سيرتفع جدا منسوب الأمطار ودرجات الحرارة وتغيرات مناخية هائلة سترافق هذا العصر ولعل هذه الدراسات تؤكد النبوءة: (لا تقوم الساعة حتى تعود جزيرة العرب مروجا وأنهارا).
هذا العصر سيجعل من شمال أوروبا وروسيا وأمريكا منطقة غير قابلة للعيش البشري وقد تصبح غير مأهولة خلال سنوات قليلة.
كل هذا يدفع إلى احتدام الصراع على مخزونات المياه والغاز والنفط والمناطق في الشرق الأوسط والأدنى. ستتهاوى اقتصاديات كبرى وستتقاطع مصالح الكبار مما ينذر بحرب كارثية لتأمين سبل العيش والاقتصاد المستدام.
قطعا سيكون الأفضل من يستطيع توظيف هذه التوازنات الجديدة واستيعاب هذا التباينات التي ستغير شكل المنطقة العربية والعالم.
من يمتلك العدة الكافية والرؤية الثاقبة والخطط الواقعية والمرونة الكافية ليتمدد وينكمش وفق المتغيرات وعنده اللياقة الكاملة لأن يثب في ساعة الصفر ويكمن في ساعة الحذر .
علينا أن نفكر في مرحلة ما بعد هذه الأنظمة المتهالكة لقد تأخرنا وأسرتنا اللحظة التي نعيشها وأثرت علينا خطة التشويش والإلهاء وأعمت أعيننا عن النظر الثاقب إلى المستقبل.
وسوم: العدد 804