رسالة إلى شعرور

تزعم أيها الشعرور أنك شاعر فحل وفحل شاعر، وأنت لا تعرف الكوع من البوع في العربية، بل لا تجيد قراءة سطر

من أسطار مصدر في الأدب قديم، بل لا تميز بين النثر والشعر فيما رزقت من السطحية، وأوتيت من التسطح، بل

لا تفقه من القصائد العصماء شيئا، وكيف تفقه وقد حيل بينك وبينها في الثرى، وهي من الثريا، وهل تستوي الثريا

والثرى؟ بل لا تفهم ما كتبه المحدثون الكبار من الشعر، ومن بينهم أدونيس الذي تتخذه ربا من دون الله، وهو براء

منك ومن أمثالك من الشعارير، وكيف لا يبرأ منك ومنهم، وقد اطلع على الشعر العربي القديم، قراءة، وفهما، وذوقا،

فكتب ما كتب على بينة من الأصول، ومعرفة بالجذور؟. أما أنت أيها الأحمق الأخرق الأغرق فلا كعبا بلغت ولا كلابا،

ولا معمـّرا ولا يبابا، وما زلت تربي في الغلواء،وتردد في الأدعياء مقولة البغاء والغباء، حتى أتاك قامع يقمعك، وملجم

يلجمك، فإذا أنت في حيص بيص،لا تدري كيف تخرج من الأزمة التي تأخذ بخناقك، وتشد من وثاقك، فالزم جحرك الذي

أنت فيه، ودع الشعر لمن اصطفاه الشعر ويصطفيه، فإن لم تفعل ولن تفعل، فأبشر بلعنة تتنزل عليك

أينما تكون من الإمارة التي تتخيلها قريبة منك، وهي بعيدة عنك فلا تستطيع إليها وصولا، وللعيوق أقرب إليك أيها

الشعرور من أن تصبح شاعرا، فكيف تحلم بالإمارة، وتظن أنك قادر عليها فيما عندك من الجهل، ولديك من البؤس

بل فيما تتوكأ عليه من الجهالة، وتتصدره من الصياح والنباح، والهذاء والهراء، في طريق أنت سالكها في العماية،

وراكبها في الغواية؟. أفلا تتدبر الحال التي أنت فيها وعليها، فتفطن إلى ثغراتك، التي لا تعد، وبعراتك التي لا تحصى،

فتعمل على الخروج مما حشرت فيه نفسك حشرا، وأرغمتها عليه إرغاما، وما أنت بالقادر على ما اخترته من المسلك،

أو الراسخ فيه أو المتمكن منه؟  دع الشعر، واقنع بالنثر نثرك الأهوج الأعوج، الذي إذا كتبته قال العالمون العلماء

بالكتابة خرّق خرّق، غير أنك لا تفهم ما يقال، فتعمل على إصلاح نفسك، وتبين عوراتك وزلاتك، وستظل على هذه

الحال إلى أن تزلزل الأرض من تحت رجليك، فتعرف شانك فيما اتبعته من السفاسف، وانتهجته من المواقف. ونعوذ

بالله منك ومن أمثالك الذين اتخذوا الشعرعبثا من العبث، ولغوا من اللغو. وإلى لقاء.

وسوم: العدد 805