بعدما فشل حوار موسكو ..؟
مثل لقاء موسكو للفصائل الفلسطينية فرصة نادرة الحدوث في مرحلة بالغة التعقيد في الحالة الداخلية الفلسطينية ليخرجوا من النفق الاسود الذي يطبق عليهم رويدا رويدا للحد من الخسائر على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والانسانية والاقتصادية . اشرفت وزارة الخارجية الروسية على ذلك ورعي السيد سيرغي لافروف اللقاء واطلع على برنامج الحوار وتفاصيله لكن للاسف جاء هذا اللقاء بمزيد من خيبات الامل لابناء الشعب الفلسطيني وعقد المشهد . كان متوقعا ان ان لا ياتي لقاء موسكو بنتائج ايجابية على صعيد ملف المصالحة الفلسطينية وكان متوقعا ألا يحرك حتي بعض الرياح التي تدفع بقارب المصالحة الى الشاطئ ,كان متوقعا ان يفشل الفلسطينين تماما في التغلب على مشكلاتهم الداخلية التى اعاقت وحدتهم وازمت حياة شعبهم الى درجة الانهيار التام , لكن لم يكن متوقعا ان يفشل الفلسطينين في التوصل لبيان تجمع عليه كل الفصائل الفلسطينية باختلاف ايدلوجياتها يبقي جزء من وطنيتهم صالحة للتداول ويجمع الفلسطينين على رفض ما يستهدف قضيتهم وويعجل بتصفيتها وتصفية اهم قضاياها الكبري كالقدس واللاجئين وبالتالي يفشلوا في ومواجهة البركان العاتي الذي بدات حممة تنصب باتجاه وطنهم وقضيتهم وعلى مراي ومسمع منهم دون ان يبادروا برد فعل وطني مسؤول .
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وضع يده على مواطن الخلل في العلاقة الفلسطينية الفلسطينية وعبر عن ذلك بصراحة للفلسطينين هناك وقال لهم كلاما في حقيقته موجع ,لكن لتجلد ضمائرهم لم يؤثر فيهم باي شكل من الاشكال قال " الانقسام الفلسطيني يمثل ذريعة للترويج لصفقة القرن الامريكية " كما واوضح لافروف للفلسطينين ان اتفاق القاهرة 2017 هو اساس التوصل للمصالحتهم وطلب من الفلسطينين توحيد صفوفهم وتمثيل انفسهم بشكل جيد في اي مفاوضات قادمة مع اسرائيل ومن دون توحيد الصفوف فان الاطراف الخارجية ستحاول تعميق الانقسام وافشال المحاولات وطالب الفلسطينيين بوجوب ازالة المصالح الفصائلية الضيقة والتوافق بشأن اعلان موسكو الذي سيكون خطوة لتعزيز الطريق نحو انهاء الانقسام . بالرغم من الوضوح الكبير في كلام السيد لافرورف وما يحملة من رسائل بالغة الدقة الا ان الفلسطينين هناك لم يفهموا ما تحدث به السيد لافروف ولم ياخذو بنصائحه وتمترسوا عن مصالح فصائلهم واحزابهم الضيقة ولم يخرجوا باي نتائج ايجابية تساهم في كسر حالة الجمود بين الاطراف المتصارعة على الحكم و الانقسام على الارض .
يقول البعض ان حوار موسكوا فتح الطريق امام حوارات اخري في القاهرة في القريب , وانا اقول ان لقاء موسكوا اغلق الطريق تماما امام اي محاولات مصرية للقاءات تناقش اوراق اتفاق جديدة وحدد فقط امكانية لضغط مصر باتجاه تنفيذ الاتفاقات السابقة والبدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية تعد لانتخابات عامة وتتمكن من العمل في غزة كما بالضفة .لكن نتائج حوار موسكوا برهنت على وجود مسافات ودول وقوي وخطط تسوية تحول بين الفلسطينين ووحدتهم او حتي اصطفافهم وراء ممثل سياسي شرعي واحد . امام كل هذا لا اعتقد ان تعيد القاهرة ملف المصالحة لجامعة الدول العربية وستبقي تحاول فكفة تعقيداته بحوارات تحقق الحد الادني من العلاقة المصرية الحمساوية من طرف وعلاقة مصرية رسمية مع القيادة الفلسطينية من طرف اخر واعتقد ان ملف المصلحة سيبقي بيد المخابرات المصرية وكذلك ملف التهدئة في قطاع غزة لان هناك ارتباط وثيق بين الملفين فلا تنازل عن ملف وابقاء الاخر بيد مصر فاما ان تنفض مصر يدها من الشان الفلسطيني تماما وهذا مستحيل واما ان تبقي تحاول الضرب على رؤس الفلسطينين الناشفة حتي تلين يوما من الايام ويقبل الفلسطينيين بتطبيق ما تفقوا عليه في القاهرة وهذا اقرب التوقعات . فشل حوار موسكو بات يعني ان الفلسطينيين ذاهبون كل في اتجاه حماس ومجموعة الفصائل التي تدور في فلكها في اتجاه ممثل وسلطة بديلة وفتح وفصائل منظمة التحرير التي بقيت على عهدها والتزامها بميثاق المنظمة في اتجاه اخر , واعتقد ان الرئيس ابو مازن بات امام اجراء حتمي لتشكيل حكومة فصائلية من فصائل منظمة التحرير وحماس باتت تسير في طريقها لاعادة عمل اللجنة الادارية التى قامت بحلها بناء على اتفاق القاهرة 2017 و وصول حكومة الوفاق الوطني لتولي مهامها في غزة .
فشل التوقيع على اعلان وطني تشرف عليه موسكوا ليس اقل خطرا من وجود حكومتين وكيانين فلسطينين ودلالاته خطيرة وتفسر ذهاب كل من حماس وفتح كل في اتجاه , اهم تفسيراته ان هناك اطراف غريبة عن الجنس الفلسطيني تدفع باتجاه فشل اي محاولات لجسر الفجوات الوطنية وخروجهم متفقين علي أسس تحمي قضيتهم وتحافظ على حقوقهم الوطنية من الاندثار والتفكك بل وتدفع باتجاه بقاء هذا الانقسام ليتسني لهم مساعدة الامريكان في تمرير صفقتهم المشؤومة , هذا يعني ان البعض يفضل افساح الطريق للمشروع الامريكي على البقاء في الخيمة الوطنية يناضل ويقاوم هذا المشروع ويفضل عدم التعرض لمعركة يقول فيها اسياده انه سيجوع ان ظهر في صفوف المتصدين لمشروع امريكا صفقة القرن . فشل التوقيع على اعلان موسكو الهام لا يعني ان هذه الفصائل تبحث عن زاتها ومصالحها التي تعتبرها فوق مصالح العباد والبلاد فقط بل انها متورطة في مشاريع اخري غير المشروع الوطني واخذ غزة الى مربع خارج الشرعية الفلسطينية والحكم الفلسطيني الواحد وبقائها خارج اطار اي وحدة جغرافية او سياسية مع الضفة والقدس.ولعل رفض بعض الفصائل التوقيع على مثل هذا الاعلان تشريع الانقسام امام موسكو وتكبير للجبهة المقابلة لمنظمة التحرير لتصبح البديل مع مزيد من حرق الوقت المفيد فقط لامريكا واسرائيل واضعاف تصدي منظمة التحرير للخطة الامريكية المزمع الاعلان عنها بعد اسابيع من الانتخابات الاسرائيلية.
وسوم: العدد 812