على يد العسكر أدخلوا مصر خائفين مرعوبين
يقول رب العزة في الكتاب الكريم "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً" (البقرة:30)، فاندهشت الملائكة لهذا النبأ ولهذه المشيئة الربانية إذ علمت أن ذلك الخليفة سيكون الإنسان، وأن ذلك الإنسان (الخليفة) سيصدر منه موبقات وسيئات، أعظمها وأهمها أنه يُفسد ويسفك الدماء، فقالت بملء الحرية المتناسبة مع الملأ الأعلى وعالم الأنوار والأرواح الذي لا يصح أن يكون هناك شيء من رياء ونفاق معه أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" (البقرة:30)، ووقفت الملائكة عند هذا الحد من الطعن في الإنسان ولم تذكر باقي السيئات من أعماله إذ رأتها لغواً بالنسبة لهذين الوصمين الفساد وسفك الدماء.
ومن هذه الموبقات من فساد وسفك الدماء لا يتورع الجنرال المصري فلا صوت يعلو فوق القتل خارج القانون وتلفيق التهم والتعذيب داخل الزنازين إنه الإرهاب الممنهج إنها الجريمة تتكلم!
عبد الفتاح السيسي يقتل شباب مصر إما بالرصاص الحي أو فوق أعواد المشانق أو تعذيبا بالكهرباء داخل سجون موبوءة لكنه يقتل ومن يسلم من القتل بهكذا طريقة فهناك الغلاء في الاسعار والتنكيل الاقتصادي.
وهكذا هم دائما الجنرالات الذين يأتون للسلطة فوق جثث الشعوب وعلى جماجم الأبرياء من خورخي فيديلا في الأرجنتين وبينوشيه في تشيلي إلى عبد الفتاح السيسي الأن في مصر إنهم ينشرون الخوف في ربوع الوطن ويذيقونه الألم والمعاناة لكن هذا الرجل قد فاق كل القتلة من قادة الانقلابات في الأرجنتين وفي تشيلي في هكذا أمر إن هذا الرجل لا يتورع في سحق الحياة وصدمة وجدان جماهير الأمة الإسلامية ولا يتورع في التنكيل بالشباب المصري ولا يتورع في التحالف مع أعداء الأمة لكي يبقى على رأس السلطة يقتل في الأمة المصرية.
ومنذ أيام ثم تنفيذ حكم الإعدام في حق تسعة أبرياء بشهادة جمعيات حقوقية عالمية ولا يخلوا هذا العمل الإجرامي من رمزية فكل الذين قتلوا اليوم على يد عبد الفتاح السيسي هم شباب تتراوح أعمارهم بين ثلاثة وعشرون سنة وثلاثون سنة ولا يخفى أن الشباب هم أكثر فئات المجتمع حراكية ولما كان نظام الجنرال المصري هش وضعيف ولا شرعية له ولا يتمتع بشعبية في الداخل ولا في الخارج وكان يخشى أشد ما يخشاه هؤلاء الشباب قرر إرهاب هذه الفئة والتنكيل بها إن الجنرال المصري يمارس الإرهاب الممنهج وإن شاء الله هذه الفئة من المجتمع المصري هي التي ستقتص للشعب وإن شاء الله هذه الفئة هي التي ستحرر الشعب المصري من هذا الديكتاتور ومن هذا النظام الجائر.
والكل قد رأى جامعة القاهرة وجامعة الأزهر وطلاب أسيوط وهم يخرجون في المظاهرات ضد الإنقلاب ويواجهون عسكر السيسي بصدور عارية وليس مرة واحدة أو إثنين أو عشرة بل طوال أشهر هذا هو الذي أخرج أقبح ما في داخل الديكتاتور إنه الأن ينتقم من هذا الشباب الثائر.
والرمزية الثانية في هذا الإعدام هي أن الذين تم إعدامهم أغلبهم طلاب علم سبعة من تسعة لازالوا يدرسون في الجامعة وأشد ما يخشاه الديكتاتور هو العلم وأشد ما يخشاه الطاغية هو التنوير ! إن الإستبداد والعلم ضدان لا يجتمعان إن الطغيان والجهل شقيقان لا يفترقان فكل ديكتاتور كان دائما لا يهتم بالعلم وأهله وهو عندما يهتم يحصل ماترى ويقع ما تسمع والديكتاتور المصري ليس بدعا من أشقائه المستبدين فلا تستغرب عندما تسمع أن التعليم على يد الجنرال المصري خارج التصنيف العالمي وهل يدعم التعليم فيكون كمن يضع حبل المشنقة في عنقه ؟! إن الديكتاتور المصري غبي ولكن ليس لهذه الدرجة !.
والرمزية الثالثة في هذه الفاجعة هي أن الجنرال المصري منع مراسل صحيفة نيويورك تايمز، ديفيد كيركباتريك، من دخول البلاد قبل الإعدام باليوم ونصف وأجبره على العودة إلى لندن بعد احتجازه في مطار القاهرة لساعات دون طعام أو ماء، فالديكتاتور يعلم جيدا مايملك من فضائح وما يرتكب من جرائم ويعلم أن الإعلام الذي لا يستطيع أن يدفع له يشكل خطرا عليه !!
ألم يأت الديكتاتور بإنقلاب عسكري ؟ ألم يقتل الشعب في رابعة والنهضة ؟! ألم يعتقل أكثر من مائة ألف ؟!! ألم يرتكب من الجرائم الشيء الكثير ؟!!! فلهذا الجنرال يخشى الإعلام ولهذا يحيى بالإرهاب.
والرمزية الرابعة في هذه الإعدامات هي أن ما يعادل قسوته في الداخل على أبناء شعبه له مايعادله في الخارج في الخضوع للكيان الصهيوني فالرجل صرح قبل أيام من الإعدامات أن التعاون مع العدو بلغ في عهده مستويات غير مسبوقة وقد صدق في هذا وهو كذوب لكن ماسكت عنه الجنرال وهو أن القتل في الداخل هو الأخر بلغ مستويات غير مسبوقة والتعذيب في الداخل بلغ هو الأخر مستويات غير مسبوقة وهكذا هم الطغاة دائما القسوة على الأمة والخضوع التام لأعداء الأمة.
ومن الرسائل التي أرد الجنرال المصري إيصالها لعموم الشعب وأبنائه الرهائن عنده داخل السجون بهذه الإعدامات هي أنه إذا لم تخضعوا لي فهذا هو المصير ! إذا لم تخضعوا فالقتل في الشوارع والقتل على أعواد المشانق والتعذيب داخل الزنازين إنها رسالة إرهاب لجموع الأمة المصرية مصر التي قال فيها اللهَ : " ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ " أردها الجنرال المصري أدخلوا مصر مرعوبين خائفين.
على الشعب المصري أن يعلم بأن الجنرالات لا يجيدون غير القتل ولا يعرفون شيئا غير إزهاق الأرواح والتعذيب إنهم لا يعلمون طريق النهضة وما سلكوا يوما دروب الحرية إن العسكر أداة قتل لا أداة صناعة حضارة. اللهم رب السماوات ورب الارض ورب العرش العظيم كن لشعب مصر وأبناء شعب مصر وإحفظهم يأرحم الراحمين من الطواغيت ومن الذين لا يخشونك لا في السر ولا في العلن اللهم عليك بالقتلة والمجرمين. اللهم أرنا فى الظالمين عجائب قدرتك اللهم عليك بهم وبأعوانهم يا أرحم الراحمين اللهم عليك بهم ومن ساعدهم بالقول أو العمل اللهم فرج هم المسجونين في سجون العسكر في مصر وإرفع درجة من إستشهدوا داخل مصر اللهم إجعل مصر بلدا أمنا مطمئنا.
وسوم: العدد 813