العدو والصديق يسرقنا
صفقة القرن ليست المصيبة الكبرى التي تمكن ترامب بدهائه كرجل أعمال محترف بامتياز أن يسرق بموجبها 400 مليار دولار بأسلوب ذكي وماهر من جيوب دشداشة العروبيين، ففي خبر عاجل تناقلته وكالات الأنباء يوم 24 شباط 2019 والتي أكدت تطابق المعلومات التي رشحت قبل أيام من جهات مختلفة، أكدت قيام القوات الأمريكية في سورية بعقد صفقة “ذهبية” مع تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش) المصنفة كمنظمة إرهابية عند الصديق والعدو، تمثلت في حصول واشنطن على أطنان الذهب التي كانت بحوزة التنظيم الإرهابي ونقله إلى واشنطن.
وكانت مصادر أهلية من عدة مناطق بريف دير الزور الشرقي أكدت، قبل أيام، أنها ضبطت بالعين المجردة آخر فصول التعاون بين واشنطن عبر قواتها في سورية وبين عناصر من (داعش) الإرهابية، حيث قامت حوامات قوات الاحتلال الأمريكي بنقل صناديق كبيرة مليئة بغنائم التنظيم من منطقة الدشيشة بريف الحسكة الجنوبي، تحتوي بداخلها كميات كبيرة من الذهب الذي كان يخبئه مقاتلو (داعش) في منطقة الدشيشة شرق مدينة الشدادة، والمقدر بنحو 40 طنا.
هذه السرقات التي يقوم بها الإرهابيون بغطاء من الجيش المحتل الأمريكي ومساعدته، لم تكن هي الأولى ولم تكن الأخيرة فهذا السارق الماهر الذي اختاره الأمريكيون رئيسا لهم لأنهم ملوا من اختيار السياسيين الحربجية الذين ورطوا أمريكا في حروب كادت تأتي على الخزينة الأمريكية وتفلسها، فكان اختيارهم لرجل الأعمال ترامب الذي قد يعوض أمريكا عن خسائرها الفادحة والتي جعلت مئات الآلاف من شبابها بلا عمل، وهذا بالفعل ما حققه وهو إيجاد فرص عمل لهؤلاء الشباب، وتشغيل الآلة الصناعية التي كادت تتوقف.
ترامب اللص الكبير والذي تعودت معدته على هضم المليارات سبق وأعلن في تصريح له يدعو إلى الاستيلاء على أموال السياسيين العراقيين في المصارف الأمريكية، مدعياً أن هذه الأموال هي حصة الشعب الأمريكي، وضريبة دماء الجنود الأمريكان التي أهرقت في العراق.
وهذا التصريح إن دل على شيء فإنما يدل على التأكيد أن الرئيس ترمب – إضافة إلى أنه ثعلب ماكر في التجارة - هو بلطجي ولص ويستحق مع السياسيين العراقيين اللصوص الصغار، لقب (علي بابا والأربعين حرامي)، وبالتالي فترامب هو أكبر قرصان في العالم إضافة لكونه رئيساً لأكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم.
هذا اللص الشاطر الذي يريد أن يسرق من لص وضيع، وأقصد به السياسي العراقي، الذي سرق أموال أبناء بلده وأفرغ جيوبهم وتركهم عرضة للجوع والفقر والتشريد، كان الأحرى به أن يصرح بأن ما نهبه الساسة العراقيون من أموال الشعب العراقي سنعيده إلى الشعب العراقي، ليتنعم به ويعيد إعمار بلده وتحسين أوضاعه، ولو فعل ذلك لكنا رفعنا له القبعة وأطلقنا عليه لقب (روبن هود العصر).
أما وأنه لم يفعل ذلك فهو في عرفنا لص كبير يريد أن يسرق من لصوص صغار لقمة الخبز وجرعة الحليب التي سرقوها من أفواه أبناء العراق، الذين ينهش الجوع أكبادهم ويلسع زمهرير الشتاء أجسادهم.
أما اللصوص العراقيون فحسابهم سيكون على يد شعبهم إن عاجلاً أو آجلاً، وستظل ذكراهم النتنة يتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، مذكرة بما سرقوه من جيوبهم ومن خزائن دولتهم.
وفي جردة بسيطة لهذه الأموال التي نهبها هؤلاء الساسة من خزانة الدولة، والتي تعد بمئات المليارات وتتفوق على رصيد صفقة القرن، كان العراقيون أحق بهذه الأموال التي كانت ستعيد للعراق عافيته وقوته ومكانته التي كان عليها قبل غزو التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة لأراضيه، ووفرت على العراقيين ملايين القتلى والجرحى والمعوقين والمهجرين.
ولو ألقينا نظرة عما جرى ويجري في دول الربيع العربي وما اكتشف من سرقات مهولة قام بها حكام هذه البلدان، لوجدنا أنها لا تقل خسة ونذالة عن تلك التي نهبها ساسة العراق، وراح بعض هؤلاء الحكام يستخدمون هذه الأموال في ذبح شعوبهم وتدمير بلدانهم كما يحدث عندنا في سورية وفي اليمن، ولم يكتف نمرود الشام بما سرق وسرق أباه وأعمامه من جيوب السوريين ثمن لقمة عيشهم، ومن خزينة الدولة ما حوت من عملة صعبة، وما جاء من بيع النفط والغاز من ملايين الدولارات، وما تحت الأرض من كنوز تزخر بها بلاد الشام كأقدم أرض عرفت الحضارات على مدار نصف قرن تقريباً، فقد أوغل نمرود الشام إلى أبعد من ذلك، فلم يكتف بسرقة السوريين وخزينة الدولة، وما يدره النفط والغاز من أموال، بل نجده قد اتخذ قراراً بسرقة سورية كاملة، فقد أتخذ شعاراً لمواجهة الثورة (الأسد أو نحرق البلد)، وبالفعل أحرق البلد وقتل الشعب ودمر المدن، وراح أبعد من ذلك، فقد باع سورية وثرواتها للإيرانيين والروس، وجعل منها مستعمرة لهما، وأعاد عقارب الساعة فيها إلى ما قبل التاريخ.
وسوم: العدد 813