محاصّة الشعب السوري
عرف التاريخ حالات كثيرة جداً من الإحتلال و التقاسم الجغرافي.
إلا أن سوريا اليوم تعيش حالة فريدة، و ربما تكون الأول من نوعها في تقاسم الشعب قبل الأرض.
فبينما كانت المعارك على أشدها في الصراع على كل شبر أرض ما بين الثوار من جهة و بين النظام و الميليشيات الداعمة له من جهة أخرى.
كان هناك معارك طاحنة تدور بدون رصاص في تقاسم الشعب السوري.
و لعل أوربا عموماً و ألمانيا خصوصاً كانت أول الفائزين بحصتها من الشعب السوري.
في حين تأتي تركيا ثانية، حين أخذت أكثر من 3.5 مليون كلاجئ، و تسعى جاهدة لتحويلهم من لاجئين إلى مواطنين أتراك من خلال منحهم الجنسية التركية، أضف إلى محاولتها كسب أكثر من خمسة ملايين سوري آخرين في الشمال المحرر، و هم يكنون لتركيا كل الولاء و الوفاء .
بينما تتصارع إيران و روسيا ـ و بشكل خفي ـ على تقاسم ما تبقى من الشعب السوري الذي لا يزال يعيش في مناطق نفوذها مع النظام.
فإيران تسعى جاهدة لتشييع السوريين من خلال إقامة الحسينيات و تصدير المذهب الشيعي و شراء دين الفقراء و الجوعى بالمال.
بينما روسيا و التي لا تؤمن إلا بقوة السلاح تحاول شراء ولاء قادة كبار على الأرض، بالمقابل تأخذ الأطفال الصغار لتدربهم و تربيهم في مدارسها العسكرية لتضمنهم قادة لها في المستقبل.
في حين أن نصيب الأمريكان كان الميليشيات الكردية، لتنفيذ مشاريعها في المنطقة.
و قد ظهرا جلياً هذا الصراع و هذه المحاصصة في لقاء تلفزيوني لوزير الداخلية التركي عندما قدم إحصائية دقيقة لأعداد و كفاءات من جنستهم تركيا و قارنها مع من هاجر من السوريين إلى أوروبا.
إلا الأشقاء العرب هم في سباتهم غافلون، فلا هي تحركت نخوتهم تجاه أنهار الدماء التي أريقت لأشقائهم السوريين، و لا هم إحتضنوا من تبقى أحياء منهم .
فمعظم البلدان العربية أقفلت حدودها في وجه السوريين الفارين من الموت، بينما دول الجوار التي أجبرت على استقبال السوريين مثل لبنان و الأردن فهي لم تكف عن التضجر و التأفف و التهديد و الوعيد بحق اللاجئين على أراضيها.
الحقيقة المرة أن الحكومات العربية ليس لديها أي مشاريع أممية إستراتيجية أسوة بالدول و الأمم التي لها مشاريعها و تتسابق على تقاسم طاقات الشعب السوري و الإستفادة منها، لا بل ليس لدى الحكومات العربية أي مشاريع تنمية أو بناء حقيقية بالاساس، طبعاً بإستثناء مشاريع بناء و تنمية العروش.
قد يتسال سائل و أين نصيب النظام السوري من هذه المعادلة، الجواب بكل بساطة لقد أخذ النظام السوري الطائفي المجرم نصيبه من السورين في الأرواح التي أزهقها و الدماء التي أراقها، و هو سيكون خارج المعادلة أيضا في نهاية المطاف، و سيخرج هو و كافة الأنظمة العربية " من المولد السوري بلا حمص".
وسوم: العدد 814