حملة الصفارات والطرق على الأواني: الدلالة والأثر!
نجحت بشكل مدهش، ولنجاحها دلالته الذي لا تخطئه عين!
إنها حملة الصفارات والطرق على الأواني، التي أطلقها الإعلامي في قناة “الشرق”، التي تبث من تركيا “معتز مطر”، وكان نجاحها مفاجأة لكثيرين، قد بدت البغضاء من أفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر، ومنذ ثورة يناير، وهناك شعار غير معلن، مفاده: تنتصر الثورة بنا أو لا ثورة، ولا أقصد هنا تياراً بعينه، فكل التيارات في الهم سواء، ومن هنا كان استدعاء زناة الليل إلى حجرتها، فكانوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.
النظام الانقلابي في مصر، اعتبرها حملة إخوانية، تبث من قناة تابعة لجماعة الإخوان، وانطلق يواصل طريقه في شيطنة الإخوان، فحضر الصحافي ياسر رزق لبرنامج أحمد موسى وياسر هو “كليم السيسي” ومصدره أمانه، ليخوف أولياءه، باعلان أن البديل للسيسي (إذا لم يعدل الدستور) هم الإخوان المسلمين، الذي دعا لاستئصالهم، كما استئصلت ألمانيا الحزب النازي، ونسي في اندفاعه، أن ما تبقى من أنصار لقائد الانقلاب، لم يعودوا يكابرون، باعلان أن السيسي نجح في أي شيء، لكنهم يقولون يكفي أنه قضى على الإخوان، وقبل أيام كان محمود إبراهيم على “الجزيرة مباشر”، ولم يجد في طريقه انجازاً واحداً يذكره، فقال يكفي السيسي أنه قضى على الإخوان!
ها هو الأقرب للسيسي من حبل الوريد، يعلن أن البديل للسيسي في مصر كلها على تنوع تياراتها وقواها الحية، هم الإخوان المسلمون، وهو أمر يؤكد أن المغفلين حقاً، هم من صدقوا أنهم خرجوا في 30 يونيو/حزيران 2013، من أجل انتخابات رئاسية مبكرة، فماذا لو استجاب الرئيس محمد مرسي، ودعا اليها، وخاضها، فهل كانوا يعتقدون أنهم قادرون فعلاً على إسقاطه بواسطة صناديق الانتخاب؟!
في بداية اطلاق “جبهة الانقاذ” للدعوة للانتخابات الرئاسية المبكرة، كنت ضدها، ومن على قاعدة المعارضة للرئيس، دعوت لأن يُكمل دورته كاملة غير منقوصة، فقد كان يملؤهم الحماس بأن الأجواء التي جاءت بالدكتور محمد مرسي رئيساً لم تعد قائمة، وأنهم يملكون القدرة على اسقاطه في أول انتخابات، وربما صدق الإخوان هذه الدعاية، فتمسكوا برفضها، وقد كانت دعايتي المضادة، إذن فلنستغل ضعف شعبية الإخوان، في خوض انتخابات البرلمان بقوة، وعندما نحصل على الأغلبية، نعدل الدستور وننزع صلاحيات رئيس الجمهورية، ليكمل ما تبقى في فترة ولايته بدون صلاحيات، وذلك رداً على ما كان يتردد من أن بقاء مرسي في الحكم سيمكنه من تغيير هوية مصر، بالمناسبة أنا لا أعرف إجابة على سؤال وما هي هوية مصر؟!
وكان واضحا أنه استقر في وجدان قادة “جبهة الانقاذ”، أنهم لا يملكون شعبية ولا يحزنون، فكانت الدعوة لاسقاط الرئيس، وقد أوب وزير الدفاع معها، فلو كان يملك شعبية فعلاً لخاض انتخابات تنافسية ضد أي مرشح بما في ذلك المرشح الإخواني، وها هو السيسي نفسه يعترف عبر كليمه، وفي برنامج قناة “صدى البلد”، الذي يدار من مكتبه، بأن البديل للسيسي هم الإخوان، الذين ينبغي أن يكون الحل هو استئصالهم تماماً، كما الحزب النازي في ألمانيا، وأن يتم تعديل الدستور لالغاء مادة “العدالة الانتقالية”، التي قد تمكن أي رئيس قادم بعد السيسي من عقد مصالحة مع الجماعة بمقتضاها!
الساعات الأخيرة
بعد قرابة السبع سنوات، من القمع، والتنكيل، والمطاردة، والمصادرات، وحملة الابادة الإعلامية، والمحاكم الجائرة، فإن البديل لحكم السيسي هم الإخوان، وباعتراف السيسي نفسه، وهي شهادة تم اعلانها، بمناسبة نجاح “حملة معتز مطر”، التي أزعجت الانقلاب العسكري، فقرر كشف الحقيقة، وهي أن الإخوان هم البديل للسيسي، وإن كنت لا أعرف لمن توجه السيسي بذلك، إذا كانت الأغلبية في مصر لا تزال على موقفها الأول وهو الذي تبدى في خمس استحقاقات انتخابية، فاز فيها الإخوان، وخسرتها أنا!
لا بأس، إن صدقت أنني إخواني، أو أنني جزء من حسابات الإخوان، فقد كنت أكتب ضدهم في الوقت الذي كان فيه السيسي ذاته، يؤدي للرئيس الإخواني التحية العسكرية، وينافقه باعلان ضرورة الوقوف مع المشروع الاسلامي والحفاظ على الدكتور مرسي من أجل هذا المشروع؛ على النحو الذي جاء في وثائقي الجزيرة “الساعات الأخيرة”، الذي من حسن الحظ أن أزمات جرت فأوقفت تأثيره المعنوي السلبي على جماعة الإخوان المسلمين؛ ومن أول حادث محطة مصر، إلى نجاح “حملة معتز مطر”، وهي الحملة التي تدخل النظام الانقلابي ليشنع على الإخوان، باعتبار الحملة تصب لصالحهم، وأنهم وراءها، وقد قرأت لشيوعي مرتبك، يقول إن الإخوان استفادوا من الغضب الجماهيري الذي نتج عن حريق القطار، فما هو المطلوب يا رفيق؟! ولماذا لم يستفيد به الرفاق في حشد الناس حولهم؟!
قديماً اخترعت كاتبة شيوعية، نظرية سياسية جديدة، هي “سد الخُرم”، وعلى أساس ترك السيسي ليسد هذا الخرم، إلى حين أن يتمكنوا من وجود بديل مدني يهزم مرشح الإخوان، لكن موقفها اختلف بعد التفريط في التراب الوطي، فلم يعد السيسي يمثل لها أي قيمة، بما في ذلك دوره كـ “سدادة للخُرم”، و”الخٌرم” للعرب المستعربة هو “الثقب”! وربما كان السيسي عبر موفده لقناة “صدى البلد”، يستعيد ما سبق، فاته أنه بعد التنازل عن تيران وصنافير، تغير المزاج الوطني منه كلية!
التخويف من “حملة معتز مطر”، بالتأكيد على أن الإخوان يقفون وراءها، يقوم على أن قناة “الشرق” إخوانية، وأن معتز نفسه إخواني، وفق نظرية أن كل من هم ضد السيسي إخوان، بمن في ذلك الفريق أول سامي عنان، والمستشار هشام جنينة، ويحيى القزاز، والسفير معصوم مرزوق، وفي مناخ كهذا من الطبيعي جداً، أن تقوم دعاية أهل الحكم على أن كل قنوات تركية إخوان، وكل من فيهم من الجماعة وقد بايعوا في الحجرة المظلمة، وإن لم يكن أياً منهم لم يبايع، والذي بايع في الحجرة هذه هو البكباشي جمال عبد الناصر، والذي اصطفاه الحكم الإخواني ورقاه هو اللواء عبد الفتاح السيسي!
وعليه، فإن عزمي مجاهد، قال إن “حملة الإخوان” لم تهز شعرة في رأسه، فنظرت إلى رأسه فوجدتها خالية من الشعر تماماً، وتمثل المعنى الحرفي للظهير الصحراوي، ومن الطبيعي ألا تهز “حملة الإخوان” له شعرة، فأين الشعر لتهزه، لكنها هزت شعر عبد الفتاح السيسي فاندفع إعلامه يهاجم معتز مطر، ويقول فيه “الشيء” ونقيضه، فمرة هو إخوان، وأخرى هو يفتقد للمبدأ السياسي ومع من يدفع، فمن يكون معتز مطر بالضبط؟!
مهمة قنوات تركيا الناجحة
ليس سراً إذا قلت إن كلا من “الشرق” و”مكملين” ليستا قنوات إخوانية، فالإخوان لهم قناة أخرى هي “وطن”، وهي قناة ليست على خريطة الجدل السياسي، لأنها غير موجودة على جدول أعمال المشاهدين، لأن الجماعة تبثها وهي فيها من الزاهدين، ولأن الإخوان فشلوا في مجال الإعلام، وهم مع كل تجربة يبدوا كما لو كان الهدف منها تأكيد هذا الفشل!
لكن مواجهة هذه القنوات بأنها قنوات إخوانية، هو تأكيد على نجاحها في مهمة إزعاج الحكم الانقلابي، ومن قبل كتبت عن انتشار هذه القنوات، وصارت هي القنوات المفضلة في كثير من البيوت المصرية، بعد أن انقشع الغبار، ولم يجد المخدوعون بالجنرال على النار هدى، وهذا النجاح كان وراء “ليلة المولد”، الذي نُصب بمناسبة توقف برنامج معتز لبضعة أيام لأسباب إدارية، فظنوا أنه قد يغيب طويلا، وربما كان هو نفسه قد قرر هذا، فكانت الدعاية تستهدف اغتياله معنويا باعلانه أنه يعالج في مصحة نفسية في اسطنبول، مرة بسبب اصابته بالجنون، وأخرى بالقول لعلاج الادمان، فعجل هذا بعودته، وعاد بالدعوة لحملة “اطمن… أنت مش لوحدك”، والتي تقوم فكرتها على التعبير برفض الانقلاب بالضرب على الأواني واطلاق الصفارات ولإيصال رسالة بأن من يعارضه ليس وحده، ولقيت الحملة تجاوباً كبيراً، أفقد النظام الهش اتزانه، فذهب ينكل بأسرة معتز ووالدته المسنة!
وهذا النجاح غير المتوقع، لم يزعج فقط نظام الانقلاب العسكري، وإن كان لم يهز شعرة في رأس “عزمي مجاهد”، (الذي لا أعرف من أي قناة يقدم برنامجه بعد اغلاق قناة “الحدث”)، لكنه أزعج أيضاً عدداً من رفضي الانقلاب، خشوا من أن يكون هذا النجاح تدشين لمعتز الزعيم، وليس فقط الإعلامي، حسداً من عند أنفسهم، فقد أصابهم ما أصاب أخوة يوسف، فذهبوا يهونون من أهمية الحملة، ومنهم من أخذ يفتش في دفاتره القديمة، وكيف أنه كان من الذين خرجوا في 30 يونيو ضد الرئيس الشرعي. لم يتذكروا هذا سوى الآن، وكأنهم التعبير عن الاستقامة الثورية، فأين كانوا هم أيام مبارك؟!
بعيداً عن هذا فقد أكد نجاح “حملة معتز”، أن مصر حبلى بالثورة، تنتظر الطليعة الثورية، فهل نلتقط الإشارة؟!
أرض- جو
• ولأننا نعيش أجواء ثورية، ليس فقط بنجاح “حملة معتز”، ولكن بما يجري في الجزائر والسودان، والثورات تنتقل بالعدوى، فقد فوجئت بحملة تذكر بـ “الأخت دينا عبد الرحمن”، وتطلب ألا ننسى المذيعة التي ضحت بملايين الجنيهات كما ضحت ببرنامجها من أجل كلمة الحق. فأين قالت كلمة الحق هذه؟ في سرها؟ لقد أوقف العسكر برنامجها ضمن سياساتهم المتوارثة، وهو الاحالة للمجهول بانتهاء المهمة. تماما كما انتهت مهمة منى الشاذلي السياسية بقيام الثورة، فما كل هذه الأفلام الهابطة؟!
• هذا الأسبوع مرت الذكرى السنوية الأولى للقبض على الإعلامي خيري رمضان، بعد تلقيه مكالمة هاتفية ممن قالت إنها زوجة لضابط بالشرطة، تروي فيها أنهم يعانون من شظف العيش مثل عموم المصريين، وهو ما أعتبرته وزارة الداخلية اهانة لا تغتفر لتشبيه الضباط بعموم الشعب المصري، وقد أعلن اللواء متقاعد “مجدي الشاهد”، أن من اتصلت بخيري رمضان، هي زوجة لضابط إخواني، وأنها تخضع للتحقيق السري أمام النيابة، وهو ما تبين أنه كذب بواح. فهل لا تزال التحقيقات سرية إلى الآن؟!
• قالت غادة عويس عقب حلقة أدارتها من برنامج “الاتجاه المعاكس”: كان الله في عون “فيصل القاسم”. وبعيداً عن هذه المجاملات فظني أن فيصل لن يحصل على اجازة مرة ثانية إذا تأكد أن البديل هو غادة عويس وليس الحبيب الغريبي!
وسوم: العدد 815