بلا خلافة صرنا أيتاماً
بلا خلافة صرنا أيتاماً
شريف زايد
نفذت القوات الفرنسية الموجودة في أفريقيا الوسطى عملية نزع للسلاح مما جعل المسلمين هناك هدفاً سهلاً لمليشيات مسيحية، فتم قتل وحرق المئات بطريقة وحشية، ودمُر العديد من المساجد في العاصمة بانجي، وتم تهجير مليون مسلم من ديارهم أي ما يعادل 20% من مجموع سكان أفريقيا الوسطى، ولم يقف الأمر عند حد نزع سلاح جماعة سيليكا، بل شاركت القوات الفرنسية البالغة 1600 جندياً في قتل المسلمين. مما يعيد للأذهان ما قامت به القوات الفرنسية في مالي العام الفائت عندما بادرت بالتدخل العسكري لقتال الحركة الإسلامية في إقليم أزواد. ولا ننسى ما تعرض له مسلمو الروهينجا الأقلية في "بورما" من ممارسات قمعية من قتل واضطهاد وتهجير قسري من الأغلبية البوذية، ورغم التقرير الذي أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش في إبريل من العام الماضي 2013م، والذي اتهم سلطات بورما بتنفيذ حملات الإبادة العرقية ضد أقلية الروهينجا المسلمة، لكن لم يحدث أي تحرك فعلي لوقف هذه المذابح لا من حكام المسلمين، ولا من المنظمات الدولية البائسة!.
ولا أظن أن أحداً من المسلمين في العالم قد راهن على تحرك حكام المسلمين، فهؤلاء الحكام ليسوا من الأمة، بل إن الأمة تلعنهم صباح مساء، وتتوق لليوم الذي تتخلص فيه من حكمهم الجائر، ومن ظلمهم وخدمتهم لأسيادهم في الغرب الكافر المستعمر. ولم يقف الأمر عند حدود الصمت المخزي تجاه ما يرتكب في حق المسلمين هنا وهناك، فقد كشفت تقارير غربية عن أن ولي عهد أبو ظبي قد دفع 400 مليون دولار للجيش الفرنسي لدعمهم في عدوانهم على مالي، وقد نُقل عن الرئيس الفرنسي قوله إن باريس وأبوظبي لديهما نفس التوجهات فيما يخص الوضع هناك!.
وفي بنجلادش كان مصير مسلمي بورما الذين أفلتوا من الموت ولجئوا إليها، إما السجن في سجون الظالمين في بنجلادش- لأنهم حسب الحجة الساقطة للسلطات هناك دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية- أو الترحيل إلى بورما ليلقوا مصيرهم المحتوم. وصدق الشاعر حين قال:
لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدوَّ الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما كان في الحكم عبيدُ الدرهم
لقد تسلط على هذه الأمة في العقود الأخيرة حكامٌ رويبضات تافهين، رضوا بأن يكونوا صنائع الغرب، سلطوا سيوفهم على رقاب الأمة وأعانوا عدوها عليها، ليهتك أعراضها ويقتل رجالها وينهب خيراتها وثرواتها، ويشتت شملها ويفرق جمعها، حكامٌ قلوبهم قلوب شياطين في جثمان أنس، غاشون لرعيتهم. لقد استطاع الغرب الكافر المستعمر بمعونة بعض الخونة من الترك والعرب أن يهدم خلافة المسلمين الأخيرة في استانبول سنة 1924م، والتي برغم ضعفها وهزالها في أواخر أيامها استطاعت أن تقف سداً منيعا أمام مخططات الغرب والصهيونية في فلسطين، وبعد هدمها أستطاع يهود أن يأخذوها غنيمة رخيصة، بعد أن أعملوا سيف القتل والتهجير في أبناء الأمة هناك، ولا حول ولا قوة إلا بالله. نعم لقد صرنا كالأيتام بعد أن فقدت الأمة الرأس، بعد أن فقدت الأمة خلافتها، بعد أن غاب الإمام الجنة الذي يقاتل من وراءه ويتقى به.
إن حال المسلمين المستضعفين في أفريقيا الوسطى يوجب على الأمة أن تهب جميعها ضد حكامها الذين يتفرجون على هذه المجازر بل ويشارك البعض منهم فيها، ليخلعوهم عن كراسيهم وينصبوا مكانهم خليفة تقيا نقيا يجيش الجيوش ليعيد للمسلمين هيبتهم في نظر عدوهم، قال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا).
أيها المسلمون في كل بقاع الأرض: أترضون أن نأكل ونشرب وننام ونتنعم؛ وأخواننا في أفريقيا الوسطى يقتلون ويحرقون وتؤكل لحومهم لا لشيء إلا لأنهم مسلمون؟، قال تعالى: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).
وتالله لنُسأل جميعاً عن هؤلاء المساكين الأيتام الذين لا بواكي لهم. أليس غريباً عجيباً أن تظل جيوشنا رابضة في ثكناتها لا تتحرك إلا للاستعراض والاحتفال أو لقتل أبناء الأمة؟، أرضيتم أيها الضباط والجنود أن تكونوا كما قال الشاعر:
أسَـدٌ عَلَيَّ وَفي الحُروبِ نَعامَــةٌ رَبْداءُ تجفلُ مِن صَفيرِ الصافِرِ
فمن للمسلمين في أفريقيا الوسطى وبورما وسوريا والعراق وفلسطين؟!. لو كان للمسلمين خلافة، هل كان يجرؤ هؤلاء الكفار على سفك دماء المسلمين هكذا بدم بارد؟، نعم والله إننا بحاجة لإمام يكون وقاية لنا كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإمام جنة يقاتل من وراءه ويتقى به" رواه الشيخان، ألم يكن الخليفة المعتصم جنة لإمرأة واحدة صرخت "وامعتصماه" فلبى النداء فورا وفتح عمورية وخلصها من الأسر، فكم من المسلمات يصرخن اليوم "وامعتصماه" ولكن ليس هناك من يلبي النداء، وصدق الشاعر حين قال:
لَقَد أَسمَعت لَو نادَيت حَياً وَلَكن لا حَياةَ لِمَن تُنادي
وَلَو نار نفخت بِها أَضاءَت وَلَكن أَنتَ تَنفخ في رَماد
فهل آن لكم أيها المسلمون أن تدركوا أن الخلافة وحدها هي التي ستضع حداً لكل ما نعانيه اليوم من ضنك في العيش وفتنة في الدين؟، وأنها هي التي ستنسي الكفار أعداء الأمة وساوس الشيطان؟. فهلموا لنصرة أخواننا في أفريقيا الوسطى، ولنغذ السير جميعاً لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الإسلامية. اللهم إنا مغلبون فانتصر، اللهم إنا مغلبون فانتصر، اللهم إنا مغلبون فانتصر.