هل يقبل الصادقون تحويل المجلس الوطني إلى ثوري يخدم الثورة ويشري نفسه
هل يقبل الصادقون تحويل المجلس الوطني
إلى ثوري يخدم الثورة ويشري نفسه
عبد الله المنصور الشافعي
بسم الله الرحمن الرحيم ... الرجاء القراءة بتؤدة حتى النهاية
1 ــ إن من البديهيات التي لا يمكن لعاقل أن لايدركها أنه مهما كنت تمتلك قوة ومالا وذخيرة أكثر فإن مقايضتك ستكون أربح وأنفع لك وبشكل مطرد مع رأس مالك لذلك فإن من أراد حقا الحوار سعى إليه وهو أغنى ما يكون بمظان القوة ولم يكن للمعارضة من قوة أوحد ولا أقوى من الصورة والفيديو والمطالبة بهما بالتدخل الجوي إسوة بليبيا وترهيبا للنظام على الأقل ولكنهم فعلوا العكس تماما وكأنهم ظنوا أن النظام سيتخلى لهم عن السلطة كما فعل بن علي (بل إن الخطيب مثلا يعتقد حتى اليوم هذا ويرجو أن يكره الغرب بشار كيانكوفيتش!)
2 ــ السياسة هي عمل الخاصة على حياطة العامة ، ولما كانت السياسة ثمرة عمل نخبة خاصة فإن المنتظر من تلكم الخاصة فوق ما ينتظر في العادة من العامة ، لهذا فإن تعريف السياسة "فن الممكن" هذيان مغرض نفثه العدو في خلد من تعدّى في ادعاء السياسة (تفسير استخدمه برهان غليون وبعض المعارضة) وإنما السياسة كما سبق وبينت هي فن تحويل الممتنع إلى ممكن فمن البديهي أن العلماء في شتى الميادين العلمية لم يكونوا علماء مبرزين إلا أنهم حققوا ما يراه الآخرين أحلاما إلى واقع وكذلك فإن الساسة يفترض بهم أن يضطلعوا بما ينوء عنه الآخرون ويحققوا ما عنه يعجزون
3 ــ ماهو أصل عمل المعارضة السورية وعماده ولم وُجدت المعارضة أصلا ؟ ... منذ نحو عامين أو يزيد ذكرت أن المعارضة متمثلة بالمجلس ما وجدت إلا لخدمة الثورة وتمثيلها وإنجاز مطالبها والعمل الحثيث على تحقيق أهدافها بأقل كلفة وأسرع وقت وما ذاك إلا أن تطاول الوقت على الثورات يفسدها ويضر بها ... وباختصار المعارضة موكلة عن الثورة في الخارج وذراعها الممتد خارج الشام ووزير خارجيتها ، هذا ما يفترض أن يكون هكذا كان الانتقالي الليبي وهكذا نجح في مهمته ولهذا السبب كان عدد أعضاء الانتقالي الليبي 31 شخص ولم يكن ثمة نزاعات حزبية ولا مصالح شخصية بينا المجلس الوطني كان جهلة من شكله وبناء منهم على أساس عقيدتهم التي اجتمعوا عليها وهي الحل السلمي لنقل السلطة لهم, ولما كان الأمر كذلك كان لزاما عليهم أن يجمعوا حولهم كل أسراب أطياف المعارضة ومدّعيها ظلما وعدوانا حتى يقدموها للغرب فيقبلها بظنهم !! (وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون)
4 ــ بهذه العقيدة والمنطلق دمرت البلاد وعم الفساد وتجرأ الأسد وتحولت الثورة إلى مسلحة ولحقها بذلك التبعات (أي مع رفض المطالبة بالضربات الجوية كليبيا وتبني مبدأ التدخل الجوي خط أحمر) بل صارت بسببها المعارضة ضرر وضرار على الثورة ... فما الحل اليوم ؟
لا بد لعقلاء المعارضة ومن لهم تواصل مع ثوار الداخل أن يلزموا المعارضة بمطالب الثورة إنه من المهم الحيوي أن تتبنى المعارضة (الائتلاف) طلبات الثورة جهارا وكل من لا يقبل بمطالب الثورة فلا يحق له بحال أن ينتمي إلى كيان يفترض به أن يكون ممثلا للثورة , إنه لا تثريب على أحد أن يعتقد ما يشاء ويرى رأيه ولكن لا يحق البتة لأحد ينتمي إلى هذا الكيان زاعم أنه يمثل الثورة ناطق بلسانها وهو لا يلبي مطالبها ويرى رأيا مغايرا لرأيها , وفي حال ما إذا كانت الغالبية في الائتلاف مثلا ترى خلاف رأي الثورة والثوار فإنه لا مندوحة من اعتبار الائتلاف حزبا أو كيانا سياسيا لا يمثل الثورة وعندئذ ينبغي على المعارضة (الصادقة مع الثورة) والثوار تشكيل مجلس ثوري يمثل الثورة ويرفع مطالبها في الخارج جهارا أو يتحول المجلس الوطني إلى هذا الكائن الممثل للثورة والمتبني مطالبها ولا حرج أن يبقى الائتلاف وأعضاؤه إن شاؤوا بعد ذلك كتكتل سياسي لا صلة له بالثورة كهيئة التنسيق
5 ــ من المسلّم به أن مطلب الثورة الأول هو تحقيق تغيير في توازن القوى وهذا يكون بالضربات الجوية التي تستهدف المدرجات والطائرات وقواعد البطاريات ومراكز النظام الحيوية وهو أقرب منالا من التسليح المتقدم وخاصة الصواريخ المضادة للطيران لأن الغرب يخشى من وقوعها بيد القاعدة وداعش ومن ثم يستخدمها ضد اهداف مدنية (طائرات) بعد تهريبها للغرب وتخوفه من ذلك لا يمكن الاستهانة به أو تجاهله والتحامل عليه فإنه لا ريب تخوف له ما يبرره ومنها استصدار قرار أممي (جمعية عمومية) بوجوب خروج مقاتلي الشيعة من الشام العراقيين واللبنانيين والايرانيين . وكل هذا يحتاج إلى تغيير جذري في سياسة المعارضة
6 ــ إن عدم اتخاذ مثل هذا القرار فورا سيؤدي لضياع آخر آمال الثورة من جديد والتي يمكن اغتنامها ونوالها من قرارات الأمم المتحدة الجديدة وخاصة أن خطة النظام هي التمسك بالسلاح الكيماوي (مئة يوم كما صرح مؤخرا كمدة لازمة للتخلص منه ونقله للخارج) هذه المهلة ستسمح للنظام الحصول على الأمان حتى موعد الانتخابات السورية الجديدة حيث سيقدم النظام خطة سياسية جديدة تتمثل في إقناع العالم أن الشعب السوري يريد النظام بأغلبيته مما سيثير بلبلة في الرأي العام العالمي ويغتنم هذا أولياء النظام اليهود والصليبيين للترويج له , وإذا لم يتفطن بقية الصادقين في المعارضة إلى هذا فإن الثورة ستكون في خطر جسيم لن نعدم معه رجال في الائتلاف يرفضون حتى اليوم القبول بالضربات الجوية ويحولون دون اتخاذ قرار أممي لمجرد أفكار شيطانية في أدمغتهم توجبها عليهم مصالخهم ومعتقداتهم الخسيسة والغير وطنية ولا إنسانية .
أخيرا لا بد مع اتخاذ مثل هذا الأمر من نشر ميثاق واضح المعالم يوقع عليه كافة الأعضاء للطلبات والسبل وفي مؤتمر وطني مفتوح على الأمة وليس كحال المجلس الوطني سابقا حيث كان كل فرد منه يعبر عن رأيه الشخصي كما فعل مثلا عبيدة النحاس والمحسوب على جماعة الإخوان إلى التصريح في حضرة الوزير البريطاني هيغ بأمور أبلغ في التخاذل والفساد والخيانة لمطالب الثورة والثوار من بعض أفراد هيئة التنسيق بل ومن رندا قسيس نفسها ! وكل من يخالف هذا الميثاق فإنه يطرد فورا من هذا المجلس مع ما يلحقه من مسؤولية قضائية .
وأيضا فمما أظنه من أسباب تطاول الثورة وخذلان العالم لها فإنه لا يتعجب اليوم من رفض الكثير من الكتائب حتى لفكرة الضربات الجوية لمجرد كونها غربية (ولأسباب أخرى ليس هنا محل استقصائها) وتغيير هذا من مهمات المعارضة المخلصة القائمة على الأمة كقيام الوالد على ولده.