رئيس السلطة الفلسطينية في لقائه مع الطلبة اليهود... مسيرة تنازل وتآمر لا تتوقف
رئيس السلطة الفلسطينية في لقائه مع الطلبة اليهود
مسيرة تنازل وتآمر لا تتوقف
أحباب الله
نشرت وكالة الأنباء الرسمية (وفا) نص كلمة رئيس السلطة محمود عباس يوم الأحد أمام وفد يتكون من 300 طالب يهودي بمقر المقاطعة برام الله بينهم سكان مستوطنات، تحدث فيه عباس أنه لا يوجد حل إلا السلام المبني "على الشرعية الدولية التي أنشأت دولة إسرائيل"، وأن ذلك من خلال الحوار والمفاوضات، وأنه سيأتي باعتراف كل الدول العربية والإسلامية التي "ستهرع وبسرعة لكي تطبع علاقاتها مع دولة إسرائيل" حسب كلامه.
وقال عباس حول قضية اللاجئين: "هناك دعاية تقول إن أبو مازن يريد أن يعيد إلى إسرائيل 5 ملايين لاجئ لتدمير دولة إسرائيل، هذا الكلام لم يحصل إطلاقاُ".
إن نهج التنازل والإصرار عليه ترسخ عند عباس وزمرته حتى كاد أن يصبح لديهم موقفا "مبدئيا"، لتكون "الحياة تنازلات"، بعدما كان عرابهم قد عرّفها بأنها مفاوضات، في صدام مع وعي الأمة بأنها كفاح على طريق العبادة لله.
ولقد بدا عباس في اللقاء ذليلا مستجديا ود الطلبة ومستعطفا لهم، مما هو انعكاس طبيعي عن هبوطه وتدحرجه في وحل الخيانة والانبطاح، واعترف أن تنازلاته لا تتوقف لأنه كلما قدم تنازلا "يقولون نريد غيره"، فهل يمكن أن يتجرأ رئيس بالاعتزاز بنهج السقوط والتدحرج هذا ويقول "هذه التنازلات لن نتراجع عنها، وهي أصبحت حقيقة واقعة"، ثم يسلم من غضبة شعبه وأمته؟!
لقد تفاخر عباس في لقائه بسرد تلك التنازلات التي قدمها هو ومنظمته: وعلى رأسها قبول دويلة هزيلة في الأرض المحتلة عام 1967 مع إجراء تبادل بالأراضي، يبقى بالطبع المستوطنات اليهودية التي يريدها الكيان الغاصب. وتوّجها في هذا اللقاء بالمجاهرة بالتخلي عن قضية اللاجئين، وتصرف فيها كأنه إقطاعي يمتلك الأرض والبشر، يتنازل عما يريد ويتخلى عمن يشاء.
وأقر عباس بتحقيق المتطلبات الأمنية، وأنه لا يريد القتال والحرب، ولا يريد دولة مسلحة، وإنما "قوة شرطية قوية"، ليطمئن دولة اليهود التي هي "خائفة من المستقبل وخائفة من التطرف" حسب تعبيره، ثم جدد المجاهرة بسعيه لإخضاع فلسطين لاحتلال دولي عبر استجلاب حلف النيتو لحماية أمن اليهود، وبيّن أنه خاطب اليهود حول اقتراح النيتو "لأنهم حلفاؤكم ليحمي الأمن هنا وهناك وتطمئن إسرائيل لأمنها ومستقبلها."
إن هذه المجاهرة بوظيفة حلف النيتو –من قبل عباس- تؤكد مشروعية كفاحنا السياسي ضد هذا المشروع الاستعماري، الذي يجعل فلسطين تحت احتلال دولي مركب، ويجعل من أبنائها تحت وقع المطاردة والاعتقالات من قبل قوات استعمارية عالمية، وهو ما كشف عن دافع تصدي أجهزة السلطة الأمنية عبر حملة اعتقالات في صفوف شباب ومؤيدي حزب التحرير.
وجدد عباس الترويج للتطبيع مع دولة العدوان اليهود وبين أن "الدول العربية والإسلامية ستطبع علاقاتها مع إسرائيل" عند تطبيق الحل الذي يسير فيه مع المشروع الأمريكي، ليؤكد أنه في خدمة المشروع اليهودي الذي يستهدف اختراق الحاجز النفسي بين الأمة وبين تقبل كيان الاحتلال اليهودي.
وركز عباس عند ذكر القدس على إضافة كلمة الشرقية لها ممهدا بذلك لإعادة تعريف القدس في القرى المحيطة بها، بينما يرى أن القدس تظل "مفتوحة"، وكل ما يسعى له من "سيادة" فيها هو بلدية فلسطينية تنسق مع "البلدية الإسرائيلية" تماما كواقع سلطته التي هي بلدية خدماتية كبيرة، وهو بذلك يمهد لمزيد من التنازلات السلطوية التي لا تتوقف.
وهو يريد من أمريكا أن تكون الحكم على ما هو "تحريض" ضد اليهود في الأدبيات والمناهج الفلسطينية، متعاميا عن أن أمريكا هي من جعلت أمن "إسرائيل" من أمنها، وهي العدو الأساس في الصراع الاستعماري، وأن القرآن يحرض المؤمنين على قتال المعتدين والمحتلين.
ثم كشف عباس عما يريده اليهود من توفير مياه لفلسطين عبر "تحلية مياه من البحر" بعد هيمنتها على المياه الجوفية، ففضح بذلك ما أقدمت عليه سلطة المياه الفلسطينية قبل أشهر من توقيع اتفاقية البحرين.
إن هذه الجرائم السياسية التي يقترفها عباس بالتزامن مع خطة كيري التي تقترب من ساعة الحسم، لا تقل جرما عن استقباله لطلبة المستوطنين ممن ينهشون لحوم أهل فلسطين ويهلكون لهم الزرع.
وإن رئيس السلطة الفلسطينية سادر في غيه ويصر على السير في تمرير المؤامرة الأمريكية على قضية فلسطين، ولو كان يقرأ كتاب الله ويعيه لعلم صفات اليهود الذين يفاوضهم، وأنهم أجبن خلق الله لا تصلح معهم إلا لغة الجيوش والجهاد، وأنهم أحرص الناس على حياة، ولكن أنّى لمن أدبر عن شرع الله أن تكون له العزة.
"وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ"