سقطت الحكومة والبرلمان تحت اقدام المتظاهرين
قال تعالى في سورة الشعراء/227 ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ))
أفرزت الإنتفاضة التشرينية الكثير من النتائج غير المتوقعة على المستوى الوطني والعربي والعالمي، وفيما يتعلق بالصعيد الوطني يمكن حصرها بالجانبين الديني والسياسي. وسنحاول أن نحلل الأحداث بصورة منطقية بعيدا عن التحليلات السخيفة التي أدلى بها البعض في محاولة تافهة كشخصياتهم بربط التظاهرات بعوامل جانبية تثير السخرية والتهكم عند العارفين ببواطن الأمور. فبعض الأمعيين ممن يسمون أنفسهم محللين سياسيين علقوا التظاهرات بزيارة عبد المهدي الى الصين، على إعتبار أن هناك توتر في العلاقات الأمريكية ـ الصينية وجائت زيارة عبد المهدي لتثير غضب الجانب الأمريكي، وآخرون علقوها على فتح المنذ الحدودي في البو كمال بين العراق وسوريا على إعتبار ان الولايات المتحدة تفرض عقوبات على سوريا، وهذا المنفذ سيتيح لسوريا مجالا اقتصاديا للتفس وتجاوز العقوبات الأمريكية. وآخرون علقوها على الخلافات الايرانية السعودية، على أساس ان المملكة الشقيقة تحاول الثأر من الهجوم الإرهابي الذي تم على منشأتها النفطية، بمعنى اعتراف بأن العراق له ضلع في هذا الهجوم الارهابي. وآخرون علقوها على زيارة الفياض الى روسيا لشراء اسلحة للدفاع الجوي، مما اغاض الولايات المتحدة، واعتبرته تحدي لسياستها الامنية في العراق، وتجاوزا على خطة التعاون الستراتيجي بين البلدين.
لاحظ القاسم المشترك بين هذه التحليلات الفضائية، إنها إبتعدت عن الحقيقة، وعن السبب الرئيس الذي يقف وراء التظاهرات الشعبية، بمعنى ان هؤلاء المحللين السياسيين هم أبواق مأجورة للحكومة والميليشيات التابعة لها والمنطوية تحت جناح ما يسمى بالحشد الشعبي.
سنحاول تفكيك التصريحات الرسمية حول من يقف وراء التظاهرات التشرينية.
1. الولايات المتحدة والكيان الصهيوني
قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية عن حزب الدعوة العميل (علي الغانمي) بتأريخ 9/10/2019 " ان لجنة الأمن البرلمانية شخصّت حصول أعمال شغب في التظاهرات بتوجيه أمريكي سعودي بدليل عمليات الحرق التي طالت المباني الحكومية والاعتداء على قوات الشرطة". كما أكد المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني (حسين نقوي حسيني) أن" الولايات المتحدة والصهاينة والتكفيريين وبعض الأنظمة الوهابية في المنطقة متورطون في إثارة الفوضى بالعراق. وستنتهي كل التظاهرات في العراق من خلال الحشد الشعبي".
2. البعثيون والوهابيون والنواصب.
قال جلال الصغير القيادي في المجلس الاسلامي الأعلى" سوف ننزل الى الشارع بكل قوتنا لمقاتلة النواصب والوهابية والبعثيين الذين يتظاهرون ضد دولة الحسين". تصوروا افشل دولة وافسد دولة في العالم هي دولة الحسين! اخزاكم الله يا اوغاد!
3. المملكة العربية السعودية
اشارت مصادر حكومية ونيابية الى ان السعودية بعد تعرض منشئاتها النفطية الى الهجوم، هي التي تقف وراء التظاهرات.
4. مؤامرة خارجية
وهي مؤامرة لم تحدد ملامحها لكنها معروفة عند رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض كما صرح، بل قال انه يعرف حتى أسماء الأشخاص، لكن ليس بالتأكيد الولايات المتحدة لأنه كان في زيارة لها والتقى بنظيره الامريكي، وتباحثا في مجال التعاون الأمني. كما قال الخامنئي في حديث صحفي له في 7/10/2019 إن الروابط بين العراق وايران" تؤكد ان العراق جزء من الإمبراطورية الفارسية وستزداد وثاقة يوماً بعد يوم. وأن الأعداء يحاولون بث الفرقة بينهما لكنهم عاجزون عن ذلك ولن يكون لمؤامرتهم أثر بوجود الحشد الشعبي". وقال صالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي" الاعداء والمتآمرين والمترصبين نقول لهم سيخيب سعيكم".
5. الظلم والفقر والبؤس.
قال برهم صالح"هذا الحراك والاحتجاجات جاءت على خلفية البؤس والمظالم".
6. اقلية صغيرة لا تمثل الشعب العراقي.
ذكر وزير الخارجية الايراني جواد ظريف على هامش المؤتمر الدولي (الاقتصاد العالمي والحظر) في جامعة الزهراء في طهران بتأريخ 9/10/2019 " لقد حاول البعض استغلال هموم الشعب العراقي، بالطبع هم أقلية صغيرة جدًا ولا يمثلون الشعب العراقي.
هذه هي أهم الجهات التي تقف وراء التظاهرات وفق الرؤية الحكومية والنيابية وولاية الفقية التي تدير العراق كالخاتم في اصبعها عبر اقزامها في الحكومة والبرلمان وميليشيات الحشد الشعبي.
لا يخفى عن لبيب ان مستوى الفقر الذي تجاوز 40% من العراقيين، وتفشي البطالة الني تجاوزت 35% من الأيدي القادرة على العمل، وانعدام الماء الصالح للشرب، وازمة الكهرباء وتفشي التزوير والرشاوي في كل المؤسسات الحكومية، وتردي الخدمات الصحية والتربوية وانتشار المدارس الطينية، علاوة على انتشار المخدرات وتجارة الرقيق الأبيض وتجارة الأعضاء البشرية من قبل قيادات عليا في الأحزاب الدينية، والسلاح المنفلت وسيطرة الميليشيات الشيعية على القرار السياسي، والفساد الحكومي، ونهب الثروات، وإستمرار مميزات لصوص رفحاء المليونية، وتفاقم أزمة النازحين، وتجريف المناطق الزراعية، ومنع السكان من العودة الى المناطق المحررة، وفضائح المعممين ودجلهم، كل هذه وغيرها تقف وراء التظاهرات، ووما زاد الطين بله قيام الحكومة بمنع وتدمير بسطيات الفقراء، وهدم العشوائيات التي يسكنوا فيها، اي حرمانهم من مصدر الرزق ومن سقف يأويهم، دون ان تكلف الحكومة نفسها في ايجاد بديل مناسب لهم، وان تفكر اين سيذهب هؤلاء الفقراء وكيف سيعيشون؟ انها حرب معلنة ضد الفقراء اعلنتها الحكومة وعليها أن تتحمل نتائجها.
من أطلق الرصاص على المتظاهرين وحاول ان يخيب سعيهم؟
1. صرح رئيس الجمهورية برهم صالح" ان الحكومة وقيادات الأجهزة الأمنية تؤكد عدم وجود أوامر بإطلاق الرصاص". لكن وزارة الدفاع العراقية إعترفت بأن منتسبيها استخدموا العنف المفرط تجاه المتظاهرين! فقد أقرت القيادة العسكرية العراقية بتأريخ 7/10/2019، بـ(استخدام مفرط للقوة) خلال مواجهات مع الانتفاضة الشبابية، راح ضحيتها (180) شهيد، واكثر من (7000) جريح.
ونطقطق الأصابع لرئيس الجمهورية ليصحو من التنويم المغناطسي ونسأله، لمن كانت عائدية المدرعات التي كانت تدهس وتسحق المتظاهرين؟
لمن كانت عائدية العجلات الني كانت ترش الماء الساخن على المتظاهرين؟
لماذا كان القناصون يقفون خلف القوات الأمنية؟
كيف إعتلى القناصون البنايات العالية المشرفة على ساحات التظاهرات؟ ولماذا لم تلقي القوات الحكومية القبض على القناصين؟ بل أتاحت لهم الفرص لقنص المتظاهرين طول خمسة أيام دون أن تحرك ساكنا لمنعهم، وهم مستمرون بإعتلاء البنايات العليا؟ بمعنى ان الحكومة كانت تتستر على القناصين.
سؤال الى رئيس الجمهوية المنوم: لو افترضنا ان الحكومة اعطت اوامر بالرمي على المتظاهرين، فكم ستكون حصيلة الحرب ضد المتظاهرين، لأنه لا يمكن ان تكون نتيجة تظاهرة شعبية قتل وجرح حوالي عشرة الاف متظاهر. هل يعرف هذا الكسول الخامل أنه جرت حروب ومعارك لم تكن خسائرها كما حدث في تظاهرات العراق السلمية؟
ثم توجد هناك إعترافات بأن قوات الجيش والشرطة وميليشيات الحشد الشعبي هي التي كانت تقنص المتظاهرين تحت مبرر الدفاع عن النفس. قال النائب العميل عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية عن حزب الدعوة العميل (علي الغانمي) بتأريخ 9/10/2019 " أن استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين جاء كرد فعل ودفاع عن النفس". ولكنهم كانوت عزل يا عميل، وكيف يكون دفاع عن النفس بمقتل ثلاثة افراد من القوات الامنية مقابل (180) شهيد؟
من جهة أخرى صرح صالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي" الاعداء والمتآمرين والمترصبين نقول لهم سيخيب سعيكم، وقد خاب سعيكم".
نسأل العميل صالح الفياض: من خيب سعيهم أيها القزم الإيراني؟ اليس الذين أطلقوا النار، الا يعني هذا ان مطلقي النار هم من فصائل الحشد الشعبي.
المندسون يا أمعي هم القناصون الذي سيطروا على البنابات المرتفعة المطلة على ساحات التظاهرات، وليولا يوجد مندسون بين المتظاهرين، يا من وصفكم مظفر النواب افضل وصف، فعلا حضيرة خنازير تشرفكم يا أوغاد.
لكن ظريف كان أوضع من غيره، فقد ذكر على هامش المؤتمر الدولي (الاقتصاد العالمي والحظر) في جامعة الزهراء بطهران بتأريخ 9/10/2019 " أشعر بأن الشعب العراقي لديه مخاوف وهموم ولكن حكومة أحزابنا في بغداد احبطت هذه التظاهرات ولن نسمح بها مجددا لانها تشكل تهديدا خطيرا لمشروعنا في العراق والمنطقة ". حسنا من هي حكومة احزاب ايران يا رئيس الجمهورية؟
كلمة أخيرة للمتظاهرين
قد عرفتم من هو الطرف الذي كان يقنصكم. ونحذر حكومة الميليشات بأنه عندما يفقد المواطن الأمل في التظاهرات السلمية، وتسفك دمائه من قبل القوات الأمنية والحشد الشعبي، لم يبقَ له طريق سوى الكفاح المسلح، من يرفع السلاح بوجه المدني الأعزل عليه ان يتحمل النتائج، لأنه ليس من المنطق ان تبقى ساحات التظاهر ميدانا لتدريب القوات الأمنية والحشد على القتل، وأن لا تبقى صدور المتظاهرين شواخص رمي تستقبل رصاص الدولة الغدار.
كلمة أخيرة لحامي الدستور ورئيس حكومته
بدلا من اعلان الحداد، وبدلا من تسمية قتلى القنص الحكومي شهداء لأنهم شهداء رغم انوفكم، وبدلا من تحمل الحكومة نفقات علاج ضحاياها من الجرحى، كن جرئيا وشريفا وسمي من قام بقنص المتظاهرين بالإسم، وقدم القناصين الغدارين للمحاكمة العلنية، والقي القبض على الجزائري الذي اتهمك بأنك من اعطيت الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين.
هل ستفعل؟ ام نقرأ الفاتحة على روحك غير الطاهرة، والحقيقة ان الكفار لا يستحقون قراءة الفاتحة.
قال ابن قتيبة" قدم رجل من بعض النواحي فقيل له: كيف تركت الناس؟
قال: مظلوما لا ينتصر، وظالما لا ينتهر". ( عيون الأخبار2/131). لكن ان شاء الله سيكون النصر حليف المظلومين.
استمروا ايها الثوار الغيارى واجعلوا من الأربعينية القادمة كايوسا يقضي مضاجع الخونة والسفلة.
سيكون الجزء القادم عن الموقف العربي والدولي من التظاهرات وسقوط مرجعية النجف.
وسوم: العدد 846