العرب لن يتعاطوا مع صفعة القرن
جاء في قرار اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم أمس حول صفعة القرن:"التّأكيد على عدم التّعاطي مع هذه الصّفقة المجحفة، أو التّعاون مع الإدارة الأمريكيّة في تنفيذها بأيّ شكل من الأشكال."
كما جاء:"التّأكيد على أنّ المبادرة العربيّة للسلام وكما أقرت بنودها في العام 2002، هي الحدّ الأدنى المقبول عربيّا لتحقيق السّلم.........".
لكنّ الكلام شيء، وما جرى ويجري على أرض الواقع شيء آخر. فصفقة القرن والتي هي رؤية نتنياهو للسّلام! والتي نشرها في العام 1994 في كتابه الذي ترجم إلى العربيّة تحت عنوان"مكان تحت الشّمس"، جرى التّعامل عربيّا معها منذ بدء تطبيقها على الأرض فور استلام ترامب للرّئاسة الأمريكيّة، فترامب وأمام العالم جميعه اعترف في 6 ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفي مايو 2018 اعترف بالسّيادة الإسرائيلية على الجولان السّوريّة المحتلة، وأغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وقطع المساعدات الماليّة عن السّلطة الفلسطينيّة، كما قطعها عن وكالة غوث اللاجئين لتصفية قضيّتهم. ونتنياهو واصل الإستيطان في القدس وبقيّة أجزاء الضفة الغربية وفي الجولان بسرعة جنونيّة.
وقد مهّدت أمريكا قبل وصول ترامب للرّئاسة الأمريكيّة؛ لتنفيذ مشروعها "لشرق الأوسط الجديد" لإعادة تقسيم المنطقة إلى دول طائفية متناحرة، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، فاحتلت العراق ودمّرته وقتلت وشرّدت شعبه، وقسّمت السّودان، ودمّرت ليبيا، وشاركت في حرب ارهاب دوليّة على سوريا منذ العام 2011، ولها دور فاعل ومشارك في الحرب على اليمن منذ العام 2015. وقبل ذلك شنت حليفتها اسرائيل حربا على لبنان عام 2006؟ وأتبعتها بحروب على قطاع غزة في الأعوام 2007، 2012، 2014، وغيرها. كما يجري تدنيس المسجد الأقصى والعمل على تقسيمه مكانيّا وزمانيّا بشكل شبه يوميّ؟
وقد شاركت دول عربيّة في كلّ هذه الحروب بشكل مباشر، أو من خلال تدريب وتمويل هذه الحروب.
وعندما وصل ترامب إلى الرّئاسة الأمريكيّة، استولى على تريليونات الدّولارات من دول البترول، وما أن شرع بتطبيق خطّة نتنياهو لتصفية القضيّة الفلسطينيّة، حتّى فتحت دول عربيّة أبوابها لوفود رسميّة إسرائيليّة، وزارت وفود عربيّة تل أبيب، وجرى تطبيع العلاقات معها في ظلّ مواصلتها احتلال الأراضي العربيّة، كما جرى تنسيق أمنيّ وتحالفات عسكريّة معها، وفي الوقت نفسه تواصلت الضّغوطات العربيّة والإسلاميّة على السّلطة الفلسطينيّة وعلى الأردن أيضا، فهل هذا يعتبر تعاطيا مع خطّة نتنياهو التي كانت معروفة ويجري تطبيقها على الأرض قبل إعلانها لمن يعرف ألف باء السّياسة أم لا؟ وهل هذا يتنافى مع "مبادرة السّلام العربيّة" أم لا؟ وهل ما تقوم به وسائل إعلام عربيّة بتحسين صورة اسرائيل ومهاجمة فلسطين وشعبها تساوق مع خطّة نتنياهو أم لا؟
إنّ قرارات مؤتمر وزراء خارجية الدّول العربية الأخير يذكرنا بالحسين بن عليّ عندما التقى الشّاعر الفرزدق وهو في طريقه إلى العراق، فقال له الفرزدق"قلوبهم معك وسيوفهم عليك". وآمل أن أكون مخطئا.
وسوم: العدد 862