عجبا لعصيد ينتقد سلوكا عنصريا من انتاج فرنسا العلمانية وهو ممن يسبحون بحمدها
صدق من وصف المدعو أحمد عصيد بالسفسطائي ، فها هو ينشر مقالا على موقع هسبريس تحت عنوان : " حتى لا نظل فئران تجارب " انتقد فيه ما شاع عن طبيبين فرنسيين علمانيين أنهما أمرا بتجريب لقاح جائحة كورونا على الأفارقة ، واعتبر ذلك مناقضا لمبادىء الطب الكونية التي يجسدها قسم الأطباء .
ودون أن يندى له جبين، وهو المسبح بحمد العلمانية في كل ما يكتب وينشر قصر هذا السلوك العنصري الذي أنكره على الطبيبين على ما سماه نخبا غربية وصفها بالمتشبثة بوهم المركزية الغربية ، ووصف دول الجنوب بالعاجزة عن الخروج من وصايتها ، وهو ممن يقعون تحت هذه الوصاية لما يعيشه من استلاب علماني . واتهم فرنسا بأنها على رأس الدول الغربية التي لا تتورع عن حماية الأنظمة الاستبدادية في دول الجنوب والتي تحرس شعوبها لفائدة المصالح الغربية . وينتهي إلى القول ـ وبنون جماعة ـ لن يحترمنا الآخر إذا كنا لا نحترم أنفسنا وبعضنا البعض .
وحاول عصيد الالتفاف على التصريح العنصري للطبيبن بالقول إن ديمقراطيي الغرب قاموا بانتقاده ، واعتبر ذلك دليلا على ما سماه يقظة الضمير العالمي ضد الفاشية ليجد مخرجا من المأزق الذي وجد نفسه فيه كمسبح بحمد العلمانية التي متح منها الطبيبان الفرنسيان ومن على شاكلتهما وهم كثر في بلاد الغرب ، موجها الانتقاد إلى الذين ينتقدون الغرب ويعادونه دون تقديم بدائل حقيقية للمضي إلى الأمام ، ومتهما إياهم بالعجز عن تغيير موازين القوى.وقد سرد بعض تلك البدائل وكلها من شعارات الغرب العلماني الذي أعطى مثل الطبيبين الفرنسيين وهي الديمقراطية ، وسمو القانون ، والتوزيع العادل للثروة ، والمساواة على أساس المواطنة ، وتحقيق العدالة الاجتماعية ، وفصل السلطات ، واحترام الحريات الفردية والجماعية ، والأنظمة التربوية القائمة على العلم والجودة والكفاءة والحرية والإبداع ، و الحكامة الجيدة ، والقيادة الرشيدة ، وسيادة الوعي المواطن ، وكل ذلك مما تدعيه فرنسا العلمانية خصوصا والغرب العلماني عموما.
إن عصيد الذي يجعل المسلمين جميعا في خانة واحده ويرميهم بسهام نقده ، حاول في مقاله هذا التمييز بين العلمانيين ، فيجعل منهم عنصريين كالطبيبين ومنهم ديمقراطيين ، ورحم الله من أبدع المثل المغربي الشهير : " الذئب يبقى ذئبا وإن طبخ بزبدة وزبيب " .
ولو أن مسلما انتقد سيادة المركزية الغربية لانهال عليه عصيد بالنقد العنيف ، ولركب ظهره للنيل من الإسلام الذي يقض مضجع علمانيته بسمو شرعه الإلهي ، وانحطاط قوانينها الوضعية السخيفة التي أنتجت من لا زال يميز بين البشر على أساس اللون والعرق ، ويرى لونه وعرقه أعلى من ألوان وأعراق غيره .
فهل يعلم عصيد أن الدول الاسكندنافية التي طالما أشاد بعلمانيتها وغنى بها قد سقط قناعها اليوم مع اجتياح جائحة كورونا، فأعطت الأولوية لعلاج لأبنائها ، وتركت من يحملون جنسياتها وبألوان غير ألوان مواطنيها يموتون في بيوتهم بلا علاج أو دواء ولا رحمة ولا شفقة ، والأدلة على ذلك موجودة وعند جهينة الخبر اليقين ؟
ولا نريد بعد الخوض فيما يصل من أخبار عما يحدث في مستشفيات ومصحات بلاد الغرب العلمانية من ميز عنصري حتى بين مواطنيها والتي صارت تعالج من تشاء ، وتترك من تشاء يموت ، بموجب القانون الفاشي البقاء للأصلح ، وفي ذلك عبرة لعصيد وأمثاله من العلمانيين إن كانوا يعقلون .
وسوم: العدد 871