لماذا لم تحسم لحد الآن الوزارة الوصية على الشأن الديني في موضوع إقامة صلاة القيام في المساجد ؟؟؟
لا زال الرأي العام الوطني يترقب قرار الوزارة الوصية على الشأن الديني بخصوص إقامة صلاة التراويح في بيوت الله عز وجل بعدما تم الإعلان عن القرار القاضي بمنع الحركة من الساعة الثامنة ليلا إلى الساعة السادسة صباحا ، وهو توقيت لم يراع توقيت صلاتي الصبح والعشاء اللتين تقامان في المساجد وقد فتحت منذ مدة لإقامة الصلوات الخمس بشروط التباعد، والتكميم، والتعقيم، وقياس درجة الحرارة ، وإحضار السجاد التي يحترمها رواد المساجد احتراما لا يوجد في أماكن التجمعات الأخرى التي تعج بالناس نهارا كأماكن التسوق على سبيل المثال لا الحصر .
ولا زال الناس عندنا يستغربون قرار حظر الحركة ليلا بذريعة مواجهة عدوى الجائحة مع أن الحركة في بلادنا تقل أصلا في الليل لأنه ليس من عادة عموم المغاربة الخروج ليلا خصوصا وهم يستوعبون دينا وعادة أن الله عز وجل قد جعل الليل سباتا و جعل النهار معاشا خلاف بلاد أخرى في الغرب لها شأن آخر بالليل حيث يرتاد الناس فيها المطاعم، والخمارات ، وعلب الليل ،والمسارح، ودور السينما ... ومن عادتهم التجوال ليلا في الشوارع وفي الحدائق ... .وإذا كانت هذه البلاد قد اتخذت قرار حظر التجمع ليلا فلها ما يبرر ذلك ، بينما هو قرار لا مبرر له عندنا إلا بالنسبة لقلة قليلة من الذين يقلدون الغربيين في عادة السهر ليلا، وهو بذلك مجرد تقليد يدل على تبعية .
والمشكل عندنا هو التجمع والتجمهر نهارا في الأماكن العمومية وعلى رأسها الأسواق اليومية والأسبوعية التي ترتادها الجموع الغفيرة دون احترام شروط الاحتياط من انتشار وباء الجائحة . وكان الأولى والحالة هذه أن يتخذ قرار منع التجمع والتجمهر عندنا نهارا وليس ليلا .
وبناء على قرار تحديد مدة التحرك ليلا ما بين الثامنة مساء والسادسة صباحا يتوقع الرأي العام قرار منع إقامة صلاة التراويح في المساجد ، وهو القرار الذي لا زالت الوزارة الوصية لحد الساعة لم تحسم فيه . ولعلها لم تفعل ذلك مخافة اكتظاظ المساجد بالمصلين ،علما بأن شريحة كبيرة ممن لا يرتادون المساجد طيلة السنة يقبلون عليها في شهر رمضان من أجل أداء صلاة التراويح لقناعة ترسخت لديهم أنها في حكم الصلاة المفروضة الواجبة، وليست مجرد نافلة ، وأن قيام رمضان كالصيام يكفر ما تقدم من ذنب .
ولو أن ضيوف رمضان كما يسمون ، وهم الذين لا يرتادون المساجد إلا في رمضان لأداء صلاة التراويح أو بالأحرى بعض ركعاتها يلتزمون كما يلتزم المواظبون على ارتياد بيوت الله عز وجل يوميا بإجراء الاحتراز من عدوى الجائحة لما كان مشكل في أداء صلاة التراويح حيث ستقام كما تقام الصلوات الخمس التي سمحت بها الوزارة الوصية، وقد ظلت هي الأخرى محظورة لشهور يوم كانت الجائحة في أوج انتشارها .
ولا ندري هل ستسمح هذه الوزارة التي لا زالت تلتزم الصمت لحد الساعة بإقامة صلاة القيام بشروط من قبيل منع ارتياد الصغار المساجد وقد اعتادوا على ذلك في رمضان ، ومن قبيل تحديد أعداد المصلين داخلها حسب طاقتها الاستيعابية ، ومن قبيل استغلال فضاءات مجاورة لها إذا سمحت بذلك الظروف المناخية مع احترام إجراء الاحتراز من تفشي العدوى.
ولا شك أن الذي يتوجس منه من قرروا تقييد الحركة ليلا في رمضان هو اتخاذ الناس الخروج إلى المساجد لأداء صلاة التراويح ذريعة للتجوال والتجمهر، وهو أمر قد اعتادوا عليه، ولكن السؤال المطروح لماذا لا يتوجس هؤلاء من تجمهر الناس نهار في الأسواق علما بأن الإقبال على هذه يكثر في شهر الصيام أكثر من غيره ؟
ومما يخشاه الرأي العام أن يكون وراء منع صلاة التراويح في المساجد نوايا أخرى غير نية الاحتراز من انتشار العدوى ، فيكون ذلك سببا في وأد سنة الفاروق رضي الله عنه تدريجيا إلى أن تزول نهائيا بذريعة أنها مجرد نافلة يمكن أن يؤديها الناس في بيوتهم ،وهو الأفضل لهم ،علما بأن أداءها في البيوت والناس اليوم على غير ما كان عليه السلف الصالح من حفظ لكتاب الله ومن ورع ربما تكاسلوا في أدائها حتى تنقطع صلتهم بها في المستقبل إذا ما ترسخت لديهم فكرة أن صلاة القيام في رمضان إنما هي نافلة تؤدى في البيوت .
ومما يتساءل عنه الرأي العام أيضا مصير أنشطة دينية أخرى موازية كانت تقام في رمضان ،وهي عبارة عن دروس ومواعظ تقدم في المساجد ، وتساهم في ترشيد وتوجيه الناس وتوعيتهم بأمور دينهم ،علما بأن الناس ليسوا سواء في معرفتها وضبطها .
وخلاصة القول أن المساجد إذا قورنت بغيرها من الأماكن هي لحد الآن أكثرها احتراما لإجراء الاحتراز من انتشار عدوى الجائحة ، وأبعد من أن تكون بؤرا لها كما هو واقع الحال في غيرها ، ولهذا لابد من يأخذ هذا بعين الاعتبار قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بممارسة العبادة فيها خلال شهر رمضان .
وسوم: العدد 924