من خيانات الشيعة النصيرية

النصيرية فرقة من فرق الشيعة الغالية، أسسها رجل ضال يقال له محمد بن نصير، كان ينتمي إلى الشيعة الاثنى عشرية، ثم خالفهم فأسس فرقة وحده واتخذ من مدينة سامراء مقرًا له، وظل المرجع الأعلى للمذهب النصيري إلى أن هلك سنة 260هـ، وكان قد ادعى النبوة وأن الذي أرسله هو أبو الحسن علي بن أبي طالب([1]) .

وأكثر انتشار النصيرية في بلاد الشام، ولهم اعتقادات فاسدة فهم يؤلهون عليًّا، ويقولون: محمد متصل بعلي ليلاً منفصل عنه نهارًا، وعلي خلق محمدًا، ومحمد خلق سلمان الفارسي، وسلمان خلق الخمسة الذين بيدهم مقاليد السموات والأرض؛ وهم: المقداد : رب الناس وخالقهم الموكل بالرعود والصواعق والزلازل.

وأبو ذر: الموكل بدوران الكواكب والنجوم.

وعبد الله بن رواحه: الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر.

وعثمان بن مظعون: الموكل بالمعدة وحرارة الجسم وأمراض الإنسان.

وقنبر بن ذاذان: الموكل بنفخ الأرواح في الأجسام.

ويحتج النصيريون لهذه العقيدة بأن الإله يحل في الأجسام متى شاء([2])، ويعتبر النصيريون كغيرهم من فرق الشيعة الغالية سب الصحابة من الفروض الدينية لأنهم هم الذين اغتصبوا حق العلويين في الخلافة([3]) .

ولا يؤمن النصيريون بالبعث والحساب، ويقولون بتناسخ الأرواح ويستحلون الخمر والزنا وسائر المحرمات([4]) .

والنصيريون يسمون أنفسهم بالعلويين، ويكرهون اسم النصيريين، ولهم عداء للإسلام والمسلمين تاريخه طويل تمثل في ثورات وخروج على الخلفاء المسلمين تارة، وفي التعاون مع أعداء المسلمين من الخارج تارة أخرى، سواء في القديم أو الحديث.

وللعلم هم في سوريا على وجه الخصوص في عصرنا هذا لهم سطوة وسلطان ونفوذ واسع في سائر الدوائر سواء الإعلامية أو السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.

فإلى معرفة شيء من خيانات النصيريين

ومن خيانات النصيريين:

في سنة 696هـ تواترت الأخبار بقصد التتار بلاد الشام فخاف الناس من ذلك خوفًا شديدًا، ولكن خرج جيش من دمشق للقاء التتار، فالتقيا عند وادي سليمة؛ فكسر التتار المسلمين؛ وولي السلطان قازان هاربًا، وقتل جماعة من الأمراء وغيرهم من العوام خلق كثير.. واقتربت التتار من البلد، وكثر العبث بالفساد في ظاهر البلد، ثم فرضت أموال كثيرة على البلد موزعة على أهل الأسواق كل سوق بحسبه من المال، ثم عمل التتار المجانيق ليرموا بها القلعة.. وحل الفزع بالناس، فلزموا بيوتهم، وكان لا يرى بالطرقات أحد إلا القليل، والجامع لا يصلى فيه أحد إلا اليسير، ويوم الجمعة لا يتكامل فيه إلا الصف الأول، وما بعده إلا بجهد جهيد، ومن خرج من منزله في ضرورة يخرج بثياب زيهم ثم يعود سريعًا ويظن أنه لا يعود إلى أهله.. وكان ذلك بتواطأ النصيريين مع التتار وعلى رأسهم يومئذ الشريف القمي محمد بن أحمد بن القاسم المرتضي العلوي والأصيل بن نصير الطوسي والذي قبض ثم هذه الخيانة مائة ألف درهم..([5]) .

وانظر كيف يتسمى الخائن شريفًا علويًّا، وما هو إلا خسيس سفلي.

وفي حين كان هذا العلوي (النصيري) يخون كان رجال أهل السنة وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية ينفخون روح الإيمان في الأمة، ويخرجون للجهاد بأنفسهم حتى أنه في هذه الواقعة السالفة عندما حاصر التتار قلعة دمشق، وطلب السلطان من نائب القلعة تسليمها إلى التتار، امتنع النائب لأن شيخ الإسلام ابن تيمية قد قال له لا تسلمها ولو لم يبق فيها إلا حجر واحد، وكان ذلك في مصلحة المسلمين، فإن الله عز وجل حفظ لهم هذا الحصن والمعقل الذي جعله الله حرزًا لأهل الشام التي لا تزال دار إيمان وسنة حتى ينزل بها عيسى بن مريم عليه السلام([6]) .

وشاء الله تعالى أن تتحرك العساكر من الديار المصرية لنصرة أهل الشام فلما سمع التتار انشمروا عنها.. وعرفت جماعة ممن كانوا يلوذون بالتتر ويؤذون المسلمين وشنق منهم طائفة وسمر آخرون وكحل بعضهم وقطعت ألسن وجرت أمور كثيرة، ثم سار نائب السلطة في جيش دمشق إلى جبال الجرد وكسروان "وهي الجبال التي كان يسكنها العلويين وعرفت بعد باسمهم".

وخرج شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية ومعه خلق كثير من المتطوعة لتقال أهل تلك الناحية بسبب فساد نيتهم، وعقائدهم وكفرهم وضلالهم، وما كانوا عاملوا به العساكر لما كسرهم التتار وهربوا حن اجتازوا بلادهم وثبوا عليهم ونهبوهم وأخذوا أسلحتهم وخيولهم، وقتلوا كثيرًا منهم، فلما وصلوا إلى بلادهم جاء رؤساؤهم إلى الشيخ ابن تيمية فاستتابهم وبين للكثيرين منهم الصواب وجعل بذلك خير كثير، وانتصار كبير على أولئك المفسدين، والتزموا برد ما كانوا أخذوا من أموال الجيش، وقرر عليهم أموالاً كثيرة يحملونها إلى بيت المال..([7]) .

أرأيت كيف كانت خيانة هؤلاء العلويين؟ إنهم لم يهبوا مع الجيش الشامي لقتال التتار والمدافعة عن البلد، وحفظ جناب الأمة.

ولا حتى قبعوا في جبالهم دون أن يعينوا على المسلمين ويدلوا على عوراتهم، ولا حتى آووا من فر إليهم من عساكر المسلمين بل سلبوهم ونهبوهم وقتلوا أكثرهم.. فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ومن خياناتهم:

في سنة 705هـ كمن الجيش التتاري لجيش حلب فقتلوا منهم خلقًا من الأعيان وغيرهم، وكثر النوح ببلاد حلب بسب ذلك.. ولما كان قد ثبت خيانة العلويين الذين يسكنون بلاد الجرد سار إليهم نائب السلطنة بمن بقى معه من الجيوش الشامية، وكان قد تقدم بين يديه طائفة من الجيش مع ابن تيمية فساروا إلى بلاد الجرد والرفض والتيامنة لغزوهم، فنصرهم الله عليهم وأبادوا كثيرًا منهم، ومن فرقهم الضالة، ووطئوا أراضي كثيرة من بلادهم.. وقد حصل بسبب شهود الشيخ ابن تيمية هذه الغزوة خير كثير، وأبان الشيخ علمًا وشجاعة في هذه الغزوة([8]) .

ومن خيانات النصيريين:

قال ابن كثير رحمه الله:

"وفي سنة 717هـ خرجت النصيرية عن الطاعة، وكان من بينهم رجل سموه محمد بن الحسن المهدي القائم بأمر الله، وتارة يدعى علي بن أبي طالب فاطر السموات والأرض – تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا – وتارة يدعي أنه محمد بن عبد الله صاحب البلاد، وخرج يكفر المسلمين، وأن النصيرية على الحق، واحتوى هذا الرجل على عقول كثير من كبار النصيريين الضلال، وعين لكل إنسان منهم مائة ألف وبلادًا كثيرة ونيابات، وحملوا على مدينة جبلة فدخلوها وقتلوا خلقًا من أهلها، وخرجوا منها يقولون: لا إله إلا علي، ولا حجاب إلا محمد، ولا باب إلا سلمان، وسبوا الشيخين، وصاح أهل البلد "وا إسلاماه وا سلطاناه وا أميراه" ، لم يكن لهم يومئذ ناصر ولا منجد، وجعلوا يبكون ويتضرعون إلى الله عز وجل، فجمع هذا الضال الأموال فقسمها على أصحابه وأتباعه قبحهم الله أجمعين، وقال لهم لم يبق للمسلمين ذكر ولا دولة ولو لم يبق معي سوى عشرة نفر لملكنا البلاد كلها، ونادى في تلك البلاد أن المقاسمة بالعشر لا غير ليرغب فيه، وأمر أصحابه بخراب المساجد واتخاذها خمارات، وكانوا يقولون لمن أسروه من المسلمين: قل لا إله إلا علي، واسجد لإلهك المهدي الذي يحي ويميت حتى يحقن دمك، ويكتب لك فرمان، وتجهزوا وعملوا أمورًا عظيمة جدًّا، فجردت إليهم العساكر فهزموهم وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا.. وقتل المهدي أصلهم، ويوم القيامة يكون مقدمهم إلى عذاب السعير"([9]) .

ومن خيانات النصيريين:

نقتطف هذه المرة بعض صور الخيانة من أهم كتب النصيريين وهو كتاب (تاريخ العلويين) لمؤلفه النصيري (محمد أمين غالب الطويل).

ومما يثير العجب أن هذا النصيري يسمى الخيانة وسيلة ويبررها في كتابه السابق فيقول:

"ولما كان لا بد للضعيف المظلوم من التوسل بالخيانة لكي يحافظ على حقوقه أو يستردها – وهذا أمر طبيعي يساق إليه كل إنسان – كان العلويون كلما غصب السنيون أموالهم وحقوقهم يتوسلون بغدر السنيين عند سنوح الفرصة"([10]) .

وقد سنحت الفرصة عندما جاء التتار إلى بغداد([11])، يقول صاحب تاريخ العلويين: "جاء تيمور لنك بجيوش لا يعرف مقدارها واستولى على بغداد وحلب والشام في سنة 822-823هـ، ويدعى أن تيمور لنك كان نصيريًا محضًا من جهة العقيدة، إذ توجد له أشعار دينية موافقة لآداب الطريقة الجنبلانية (النصيرية) وأسباب دخوله في الطريقة هو ذهاب النصيري (السيد بركة) من خراسان إلى الأمير (تيمور) وهو في بلدة بلخ".

ثم يقول: "وداوم تيمور لنك في الاستيلاء على البلاد وشيخه السيد بركة يبشره بدوام فتوحاته، حتى جاء إلى بغداد وأخذها من يد السلطان أحمد.. واستولى على الموصل عام 896هـ، وبنى بها مراقد الأنبياء جرجيس ويونس عليهما السلام.. وجاء للرها واغتسل بمحل النبي إبراهيم.

ثم جاء لماردين وأعطاها الأمان.. ثم استولى على ديار بكر وعنتاب التي التجأ أميرها إلى حلب"([12]) .

 ثم يقول: " وكان نائب حلب هو الأمير العلوي (النصيري) تمور طاش والذي اتصل بتيمور لنك خفية، واتفق معه على أن يدهم تيمور لنك حلب.. فهاجمها بالفعل ودخلها عنوة.. فأمعن في القتل والنهب والتعذيب مدة طويلة حتى أنشأ من رؤوس البشر تلة عظيمة، وقد قتل جميع القواد المدافعين عن المدينة.. وانحصرت المصائب بالسنيين فقط!!" .

ثم يقول: "ثم سافر تيمورلنك إلى الشام وقبل سفره جاءت إليه العلوية (النصيرية) درة الصدف بنت سعد الأنصار، ومعها أربعون بنتًا بكرًا من العلويين، وهن ينحن ويبكين ويطلبن الانتقام لأهل البيت وبناتهم اللاتي جيء بهن سبايا للشام..

وسعد الأنصار هذا من رجال الملك الظاهر، وهو مدفون بحلب وله قبر فوقه قبه، فوعدها تيمور بأخذ الثأر ومشت البنات العلويات مع تيمور وهو ينحن ويبكين وينشدن الأناشيد المتضمنة للتحريض على الأخذ بالثأر.. فكان ذلك سببًا في نزول أفدح المصائب التي لم يسمع بمثلها بأهل الشام".

ثم يقول: "ولم ينج من بطش تيمورلنك بالشام إلا عائلة من المسيحيين. وأمر تيمورلنك بقتل أهل السنة.. واستثناء العلويين (النصيريين) وبعد الشام ذهب تيمور لبغداد وقتل بها تسعين ألفا.."([13]) .

هذه بعض خيانتهم في مرحلة الغزو التتاري، أما في الهجمة الصليبية على العالم الإسلامية فإن الصليبيين لم يدخلوا إلى بلاد المسلمين إلا عن طريقهم، ومن مناطق سكناهم – في الغالب- في طرسوس وإنطاكية وغيرها من مناطق نفوذهم.. بل إن مدينة إنطاكية سقطت في يد الصليبيين بفعل الاتفاق الذي وقع بين الزعيم النصيري فيروز وبين قائد الصليبيين بوهموند([14]) .

ومن خيانات النصيريين في العصر الحديث:

إن خيانات النصيريين في العصر الحديث أكثر من أن تحصى، فهم دائمًا يتقربون من الاستعمار ويتعاونون معه في مقابل الحصول على بعض المكاسب، فعلى سبيل المثال:

تعاون النصيريون مع الاحتلال الفرنسي أثناء انتدابه على سوريا، وكانوا خير عون لهم على الدولة العثمانية – دولة الخلافة يومئذ – وفي مقابل هذا منح الفرنسيون النصيريون مجموعة من الأراضي نعمت بشبه الاستقلال هي التي سميت بجبال العلويين.

وقد فاحت رائحة هذه الخيانة من خلال كلام النصيريين أنفسهم وهم يعترفون بالجميل لفرنسا، وما كان جميلاً، بل ثمن خيانة.

قال محمد أمين غالب النصيري:

"إن الأتراك هم الذين حرموا هذه الطائفة من ذلك الاسم – العلويين – وأطلقوا عليهم اسم النصيريين .. نسبة إلى الجبال التي يسكنونها نكاية بهم واحتقارًا لهم، إلا أن الفرنسيين أعادوا لهم هذا الاسم الذي حرموا منه أكثر من 412سنة أثناء انتدابهم على سوريا.. إذ صدر أمر من القومسيرية العليا في بيروت بتاريخ 1/9/1920م بتسمية جبال النصيريين بأراضي العلويين المستقلة"([15]) .

ومن أشهر رؤوس الخونة النصيريين في العصر الحديث رجل يقال له سلمان المرشد من قرية جوبة برغال شرقي مدينة اللاذقية بسوريا.. وكان هذا الرجل قد ادعى الألوهية فآمن به واتبعه كثير من النصيريين..

وقد مثل الدور تمثيلاً جيدًا، فكان يلبس ثيابًا فيها أزرار كهربية ويحمل في جيبه بطارية صغيرة متصلة بالأزرار فإذا أوصل التيار شعت الأنوار من الأزرار فيخر له أنصاره ساجدين.

ومن الطريف أن المستشار الفرنسي الذي كان وراء هذه الألوهية المزيفة كان يسجد مع الساجدين.. ويخاطب سلمان المرشد بقوله يا إلهي([16]) .

وقد استماله الفرنسيون واستخدموه وجعلوا للعلويين نظامًا خاصًا.. فقويت شوكته وتلقب برئيس الشعب العلوي الجبدري الغساني، وعين قضاة وسن القوانين وفرض الضرائب على القرى التابعة له.. وشكل فرقًا خاصة للدفاع سماهم الفدائيين.. وللتعاون الوثيق بينه وبين الاحتلال الفرنسي عندما جلا الفرنسيون عن سوريا تركوا لهذا النصيري وأتباعه من الأسلحة ما أغراهم بالعصيان فجردت الحكومة السورية آنذاك قوة فتكت ببعض أتباعه واعتقلته مع آخرين، ثم أعدم شنقًا في دمشق عام 1946([17]) .

ومنهم النصيري الخبيث يوسف ياسين والذي طالما سعى في محاربة الدولة العثمانية بخطبه وأشعاره بل وسلاحه.

قال الدكتور سليمان الحلبي:

"لما احتل الإنكليز فلسطين عام 1918م تطوع يوسف ياسين بالفرقة التي شكلها الإنكليز للعمل مع لورنس والملك عبد الله بالحجاز لمحاربة الأتراك باسم الجيش العربي، فكان يوسف ياسين يخطب في الأندية وفي الشباب بالقدس داعيًا إلى الجهاد ضد الأتراك.

وقد نشرت جريدة الكواكب الصادرة في 3/9/1918 بالقاهرة لمراسلها بالقدس واصفًا لحفلة أقيمت في النادي العربي لحث الشباب على التطوع في ذك الجيش، فقال المراسل: وقف الشاب يوسف ياسين وتكلم بصفته جنديًّا في الجيش العربي ثم أنشد قائلاً :

سنأخذ هذا الحق بالسيف والقنا             شيب وشبان على ضُمر بلق

وقد أخذ الإنجليز فلسطين فعلاً، ولكن بالخديعة لا بالسيف ولا بالقنا ولا بالضمر البلق ثم أعطوها لليهود وأقاموا لهم فيها دولة.."([18]).

ناهيك عن خيانتهم للأمة الإسلامية بوقوفهم إلى جانب المارونيين النصارى في كثير من الأحداث سواء في سوريا أو لبنان([19]) .

وفي سجلات وزارة الخارجية الفرنسية (رقم 3547 وتاريخها 15/6/1936) وثيقة خطيرة تتضمن عريضة رفعها زعماء الطائفة النصيرية في سوريا إلى رئيس الوزراء الفرنسي يلتمسون فيها عدم جلاء فرنسا عن سوريا، ويشيدون باليهود الذين جاءوا إلى فلسطين ويؤلبون فرنسا ضد المسلمين،ووقع على الوثيقة: سليمان الأسد، ومحمد سليمان الأحمد، ومحمود أغا حديد، وعزيز أغا هواش، وسليمان المرشد، ومحمد بك جنيد، وفيما يلي نص الوثيقة نورده لأهميته:

"دولة ليون بلوم، رئيس الحكومة الفرنسية:

إن الشعب العلوي الذي حافظ على استقلاله سنة فسنة بكثير من الغيرة والتضحيات الكبيرة في النفوس هو شعب يختلف في معتقداته الدينية وعاداته وتاريخه عن الشعب المسلم "السني" ولم يحدث في يوم من الأيام أن خضع لسلطة من التدخل، وإننا نلمس اليوم كيف أن مواطني دمشق يرغمون اليهود القاطنين بين ظهرانيهم على عدم إرسال المواد الغذائية لإخوانهم اليهود المنكوبين في فلسطين، وإن هؤلاء اليهود الطيبين الذين جاءوا إلى العرب المسلمين بالحضارة والسلام ونثروا على أرض فلسطين الذهب والرخاء ولم يوقعوا الأذى بأحد، ولم يأخذوا شيئًا بالقوة ومع ذلك أعلن المسلمون (السنيون) ضدهم الحرب المقدسة بالرغم من وجود إنكلترا في فلسطين وفرنسا في سوريه، إنا نقدر نبل الشعور الذي يحملكم على الدفاع عن الشعب السوري ورغبته في تحقيق استقلاله،ولكن سوريا لا تزال بعيده عن الهدف الشريف خاضعة لروح الإقطاعية الدينية للمسلمين (السنة) وكسر الشعب العلوي الذي مثله الموقعون على هذه المذكرة نستصرخ حكومة فرنسا ضمانًا لحريته واستقلاله ويضع بين يديها مصيره ومستقبله، وهو واثق أنه لا بد واجد لديهم سندًا قويًّا لشعب علوي صديق قدم لفرنسا خدمات عظيمة"([20]) .

ولم تكن الشيعة النصيرية تكف عن التآمر ضد الدولة العثمانية في محاولة إزالتها فقد ساهم الزعيم النصيري (الشيخ: صالح العلوي) في إسقاط الدولة العثمانية عندما قام بقطع الطريق الذي يصل طرطوس بحماه، فكانت خسائر الأتراك كبيرة نتيجة قطع الطريق عليهم، وقام بعقد اتفاقية مع كمال أتاتورك عام 1920 وبعد ثورة مشبوهة ضد الفرنسيين استسلم صالح العلي فعفا عنه الفرنسيون على عكس ما كانوا يفعلونه مع المجاهدين المسلمين.([21]) .

وهكذا كان تاريخهم يشهد بخيانتهم وممالأتهم المستمرة لأعداء الإسلام في الظاهر والباطن.

               

([1]) انظر أبي الحسن الأشعري: مقالات الإسلاميين (ص15)، البغدادي: الفرق بين الفرق (ص252).

([2]) انظر: د/ مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب ص 307، 308.

([3]) انظر: د/ سليمان الحلبي: طائفة النصيرية (ص95) ط المطبعة السلطية – القاهرة.

([4]) انظر: فاروق الدملوجي: الألوهية في المعتقدات الإسلامية (ص115) – ط بغداد كتاب "الهفت الشريف" "ص64" حققه د/ مصطفى غالب النصيري/ وهو من أهم كتب النصيريين.

([5]) البداية والنهاية (14/ 906) بتصرف واختصار.

([6]) البداية والنهاية (14/8).

([7]) المرجع السابق.

([8]) البداية والنهاية (14/35) بتصرف.

([9]) البداية والنهاية (14/83،84).

([10]) تاريخ العلويين (ص407) ط بيروت – الطبعة الأولى.

([11]) هذا الاجتياح التتاري غير الذي كان في سنة 656هـ على يد هولاكو خان.

([12]) انظر تاريخ العلويين (ص334) وما بعدها.

([13]) تاريخ العلويين (ص34- 339).

([14]) انظر : تاريخ العلويين (ص293).

([15]) تاريخ العلويين (ص391).

([16]) انظر: إسلام بلا مذاهب (ص309).

([17]) انظر: خير الدين الزركلي : الإعلام (3/170).

([18]) طائفة النصيرية (ص114، 115).

([19]) المرجع السابق (ص109).

([20]) د/ محمد أحمد الخطيب: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي (ص335) ط عالم الكتب للنشر والتوزيع، الرياض – الطبعة الثانية (1406هـ - 1986).

([21]) أ/ محمد عبد الغني النواوي: مؤامرات الدويلات الطائفية (ص263) الطبعة الأولى 1403هـ - 1983.