عبد الناصر سلامة لسان الجماعة
الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة رئيس تحرير جريدة الأهرام – سابقا – إحدى أكبر وأقدم الصحف في مصر والعالم العربي، كتب مقالا مختصرا محكما عن كارثة السد الذي بنته إثيوبيا على نهر النيل، ووضع يده على الجرح مطالبا بتنظيفه والتخلص من جراثيمه، إن كانت هناك نية للتعافي وحماية باقي البدن.
قدم الكاتب في مقاله الحقيقة واضحة لكل من يحسن القراءة وعنده النية للاستيعاب والفهم، مبينا أن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل أضاعها اتفاق المبادئ الذي وقعه السيسي مع إثيوبيا في الخرطوم، وأن كل الأحداث الحالية هي نتيجة ومحصلة لهذه الجريمة التي اقترفها بقرار منفرد، ولذا طالبه بالتنحي عن الحكم، وتكفيرا عما جنته يداه، وإفساحا للمجال أمام قيادة جديدة تحاول تدارك الأمر قبل فوات الأوان، وقبل أن يصبح السد أمرا واقعا، وذكر في ثنايا مقاله أن هذه ليست الجريمة الوحيدة التي توجب التنحي والمحاكمة، وإنما هي أم الجرائم.
والقصة المعروفة عن اعتقال الصحفي محمد منير حتى مات متأثرا بجنايتهم عليه وعدم مراعاة حالته الصحية، ونعيش الآن وقائع المأساة نفسها مع الفنان إيمان البحر درويش !!
علقت على هذا المقال فور صدوره بأنه يمثلني، ويعبر عني، وعن المخاطر المحدقة بكل من يعيش على ضفاف النهر العظيم، وتمنيت لو وصل لكل مصري، وأكبرت شجاعة الكاتب الذي كتب بمداد العزة وسطر بقلم الحقيقة وهو يدرك تبعة ذلك، وعاقبة من يجابه السلطة العسكرية من داخل مصر، لكنها لحظة تاريخية في حياة الوطن والمواطن، والقاعدة الشرعية الأصولية تقول: “لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة” أي حاجة الناس إليه، وهو ما قام به عبدالناصر سلامة على أكمل وجه وأتم بيان، في الوقت الذي صمت فيه عامة دعاة الشرع، وأغلب أبناء الأصول، ومن دُفع منهم للكلام أخذ يلف ويدور، ويتحدث بالمقفول والمستور!!
لكن لا ينتهي عجبي من طائفة من أهل الحق تملكتهم الريبة من كل شيء، وأصبح التشكيك هو قاعدة تعاملهم مع أي أحد، وكأن معرفة الحق والنطق به غدت حكرا عليهم ولا تخرج عن دائرتهم، ومع كل حادثة كمقال الأستاذ عبدالناصر سلامة ندخل في دوامة من التكهنات والاتهامات، بداية من التشكيك في نسبة الكلام أو الموقف إلى صاحبه، وإن ثبت دخلنا في قصة لعله تلميع لهذه الشخصية، أو تنفيس مقصود ومطلوب، وبعدها يأتي دور الحديث عن صراع الأجنحة ووقوف جهات معينة خلف الأكمة، ويتكرر هذا في كل مرة، دون أن يراجع أصحاب هذه النظريات أنفسهم أو يعيدوا حساباتهم، فقد تخطوا نظرية المؤامرة إلى خدمة المؤامرة والعمل لصالحها، وكان واجبا عليهم أن يعتذروا مثلا عن سوء ظنهم وتقديرهم لموقف المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي كشف الفساد المتراكم في الوزرات السيادية، وكتب ذلك في تقارير رسمية، ودفع ثمنا غاليا لذلك، فقد تم التنكيل به بعدها وسجنه في ظروف بالغة السوء والقسوة، والقصة المعروفة عن اعتقال الصحفي محمد منير حتى مات متأثرا بجنايتهم عليه وعدم مراعاة حالته الصحية، ونعيش الآن وقائع المأساة نفسها مع الفنان إيمان البحر درويش !!
إذا كان ما قاله عبد الناصر سلامة كذبا فعلا فأخبرونا ما هي الحقيقة، واذكروا لنا الرواية الصحيحة؟
عبد الناصر سلامة قال كلمته ومشى…. مشى في طريق يعلم أن نهايته مخوفة، وعواقبه غير مأمونة، وبدأ فعلا في دفع الثمن حيث اعتقلته الأجهزة الأمنية ووجهت له تهمة إشاعة أخبار كاذبة.
إذا كان ما قاله عبد الناصر سلامة كذبا فعلا فأخبرونا ما هي الحقيقة، واذكروا لنا الرواية الصحيحة؟
لكن إعلام النظام دخل كالعادة في وصلة ردح وتخوين، ووصف عبد الناصر سلامة بالعميل، وكأنه هو من وقع على اتفاقية ضياع مياه النيل!
اعتقلوا الصحفي عبدالناصر سلامة، وأفرجوا عن الصحفي جمال الجمل، وكأن النظام يخشى من اختلال حصة الصحفيين في صفوف المعتقلين، وفي النهاية هنيئا للجماعة الصحفية وجود هذه النماذج فيها، وهو دليل على قوتها وحيويتها وإن دب السوس في صفوفها، لكن تبقى الجماعة الصحفية أكثر التحاما وصدعا بالحق في القضايا المصيرية، من الجماعة ” الإسلامية” .
وسوم: العدد 939