بين نارين
عبد الله خليل شبيب
حينما قامت الثورة الإيرانية على الشاه ..ورفعت شعاراتها المعلنة أنها إسلامية وضد الهيمنة الأجنبية وضد أمريكا والدولة الصهيونية .. لدرجة أنها طردت السفارة اليهودية ..وأحلت محلها سفارة لفلسطين وأطلقت على أمريكا لقب [ الشيطان الأكبر].. بذلك التوجه استقطبت كثيرين من الشعوب العربية والإسلامية .. المغلوبة على أمرها ..والمتطلعة للتحرر من القفص أو النفوذ الأمريكي والصهيوني ..الذي يتحدى الآمة كلها ..ويكتم أنفاسها بنظم قمعية صنعها وسلطها عليها !..وغرز في قلبها دولة نجسة غريبة مغتصبة ..وظلت تلك الشعوب تتوق إلى التحرر وإلى استرجاع فلسطينها وتحرير مقدساتها ..!
ولقد طربت الأمة العربية زمنا لشعارات الوحدة وتحرير فلسطين ومحاربة الاستعمار التي رفعها حكام وصلوا إلى السلطة – سابقا أو لا حقا بتدبير الصهيونية والاستعمار – أو وضعوهم في ظروف لا يستطيعون الخروج على إرادتهم .. وتجبرهم على السير – طائعين أو مختارين- في المسارات التي قرروها وفرضوها !.. وذلك بالرغم من تنوع الطروحات والشعارات والأساليب ..ومن صراعهم مع بعضهم أحيانا ..لدرجة القطيعة !
.. وتبين كذب كل ذلك من بعد ..وكانت الثمرة المرة لكل تلك الشعارات والصراخ والهياج ..هزيمة [ مقصودة!]مخزية أمام الصهاينة سنة 1967 ..أسموها نكسة ..وأضاعوا فيها بقية فلسطين ..وفوقها [ زيادات البياعين] كسيناء والباقورة والجولان ..إلخ
هذا إضافة إلى التخلف والتبعية والضعف والتفرق الذي فرضوه على أمة يجب أن تكون أمة واحدة لا يفرقها شيء .. كما يفرض الله – وكما هو المنطقي من و حدة في الجنس والدين والتاريخ والجغرافيا والماضي والآمال والآلام وكذلك العدو المشترك..إلخ
.. وظلت الأمة جريحة تشعر بالقهر وبالذل وبالضعف أمام أخس وأجبن لصوص – كما عرفهم التاريخ وعرفهم من جاورهم أو تعامل معهم!
ولكنهم بسيف الصليبية الدولية والاستعمار العالمي الطامع والمعادي للإسلام والعرب.. دقوا أوتادهم في فلسطين ..واغتصبوها بالرغم من جميع العرب والمسلمين ..وقامت دول الكفر العدوة التاريخية للأمة والتي أسقطت خلافتها ومزقت [ تركتها] واستعمرتها حتى خلفت عليها [ أمساخا ] يأتمرون بأمرها .. وينفذون خططها شاءوا أم أبوا .. وحرصت على منع قيام أي وضع أسلامي حقيقي .. وإن سمحت ببعض الشكليات للتغطية والتمويه والتخدير ..وأمدت الكيان الصهيوني المغتصب بكل أسباب القوة والهيمنة من سلاح وأموال ومهاجرين وتأييد أعمى مطبق .. فقد أصدرت كبرى قوى الاستعمار الثلاث[ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ] ما أسموه [ التصريح الثلاثي ] الذي تعهدوا فيه أن يدافعواعن الدولة الصهيونية إذا تعرضت لهجوم أو خطر – كما يدافعون عن بلادهم ! وقد طبقته بريطانيا وفرنسا في عدوان سنت 1956!
.. إذن كانت الظروف مهيأة لتؤيد هذه الشعوب أية شعارات ترفع – تدغدغ عواطفها .. وتهيج مشاعرها – كما هاجت من قبل وراء شعارات رنانة طنانة من دجالين عملاء .. ساقوها إلى أبشع مصير!
ولا شك أن الذين أسهموا في صنع تلك الظروف ..وفي قيام هذا الوضع الجديد في إيران والذي أرادوا به أن يتخلصوا من عميل قديم [ مهتريء- انتهت مدة صلاحيته واستنفد != الشاه] خصوصا أنه بدأ يشعر بالقوة – آخر عهده ..وأراد أن يساومهم على النفط ليكسب أكثر .. ولعله رفع رأسه في وجوههم .. وهددهم – وقال كما قال غيره – وأزالوه- (نعيش على التمر واللبن )! .. – ومن يفعل ذلك يزيلونه وياتون [ بعمال جدد] يرفعون شعارت مغرية للعامة والدهماء !
.. ولذا فقد انساق الكثيرون وراء الشعارات الإيرانية الخلابة ..إلا قليلا من الواعين وممن احتكوا بالفرس والروافض وخبروهم عن كثب ..فقد تحقظوا ..أو لم ينخدعوا ببريق الشعارات ..التي ثبت زيف أكثرها فيما بعد!
حتى حين اشتبكت إيران مع العراق – بدفع الكفرة والصهاينة للجانبين بأشكال خفية- أو مباشرة أيد كثير من العرب إيران ضد العراق ...وأهلكت الحرب الضارية كثيرا من الحرث والنسل والأموال والإمكانات عدا عن زرع الأحقاد والثارات ..إلخ
.. والمستغرب أن الثورة الإيرانية التي رفعت شعار [ الشيطان الأكبر ] أي أمريكا .. كانت العامل الأهم الذي نصر غزو أمريكا لأفغانستان ..وكانت قوات الغزو الأطلنطي تقصف المجاهدين الإسلاميين السنة ( طالبان) وتحت حماية القصف تتقدم قوات الشمال [ والهزارة ] الرافضية المتحالفة مع إيران ..,وقامت إيران الثورة .. بنقل الجنود البريطانيين إلى ساحة المعركة الأفغانية – عبر طهران – على الطائرات الإيرانية ..!
.. تكرر الأمر في غزو أمريكا للعراق .. ودخل [ المنتتصرون الشيعة – ومن معهم- بسيف أمريكا على دباباتها] ليقيموا الحكم الرافضي ..وينتصروا لمظلوميتهم التاريخية المزعومة من السنة ومن حزب البعث الذي قتل[ الشهيد الحسين ] قبل15 قرنا]!!!
..وهو نفس الحزب الذي يحاربون معه في سوريا لتثبيت حكمه القمعي الفاشي العنصري المعادي للإسلام والمسلمين ..!
ومعلوم أن حزب البعث عاش معاديا للعجم – خصوصا إيران وتركيا .. ولم يكن يتصور إنسان لقاءه مع العجم !
لكنها الأحقاد الطائفية والتاريخية المزمنة !! والأطماع الإمباطورية الكسروية ..ولتذهب كل الشعارات إلى الجحيم !..ولتتغير – حسب الظروف!
مع أنه من المفترض أن إيران ضد سوريا ..حيث أن المذهب الإثناعشري الذي تعتنقه إيران وتبشر به – وبه جذبت الحوثيين واستدرجتهم إلى ماهم فيه – تلك النحلة تعتبر النصيرية [العلويين] كفارا مرتدين لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم- [ أكفر من اليهود والنصارى!]لأنهم يصرحون بألوهية علي !..ولكن حافظ الأسد أقنع الخميني ليعلن أن العلويين النصيرية من الشيعة– ووجدا بينهما مصلحة مشتركة ..ليؤول الأمر إلى ما هو حاصل الآن من حرب طائفية مزمنة في سوريا ..وفتحت حديثا جبهة العراق بشكل أوسع وأوضح –مما كان منذ الاحتلال الأمريكي .. وما تلاه من احتلال مزدوج[ أمريكي – فارسي]!.. وبقية الجبهات .. قيد الفتح..!!
واعتبر الخميني أن النصيرية [العلويين] من الشيعة .. فانظروا كيف تغير المصالح .. . والمآربُ المذاهبَ والأديان!
..وكان لإيران أكثر دور في انتصار وتثبيت الاحتلآل الأمريكي للعراق . ثم تصفية القوى السنية والوطنية والكفاءات العلمية والسياسية العسكرية والمهمة ..وتسليم أمريكا العراق لإيران على طبق من[العمالة ] شبه جثة هامدة !
.. وتحطم الجيش العراقس الذي كان من أقوى وأصلب جيوش المنطقة ..وفرح اليهود بذلك ..ولم يخفوا فرحهم ودورهم في كل ذلك !
..ولقد صرح أكثر من مسؤول كبير إيراني – منهم [ رفسنجاني] أنه لولا إيران الثورة لم تنجح أمريكا أو تنتصر في أفغانستان والعراق !!!
.. ومعلوم لدى الجميع [ فضيحة الكونترا= تزود الثورة لإيرانية بأسلحة يهودية [ إسرائيلية] في حربها مع العراق ]!!
.. لقد اتضح [ زيف شعارات الثورة الإيرانية ] فلو كانت إسلامية .. حقا ما شاركت في إبادة المسلمين في سوريا والعراق ..وتوهين قوتهم.. إلا أن يكون الإيرانيون يقصدون بالإسلام مذهبهم الخاص فقط – والآخرون كلهم في نظرهم غير مسلمين ! ولو شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله [ فعند الرافضة من لا يعرف الأئمة الإثني عشر ولا يؤمن بعصمتهم وعلمهم الغيب .. وأحقيتهم يالحكم على غيرهم ..ولا يفضلهم على الصحابة أجمعين – فليس مسلما ..
تذكروا قول الخميني في كتابه [ الحكومة الإسلامية] ص :62[ إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لم يبلغه نبي مرسَل ولا ملك مقرب]!!
.. لقد أساءت حكومات الثورة الإيرانية معاملة غير الشيعة وغير الفرس .. وكل من خالفها في الرأي .. فمواقفها من عرب الأهواز وأهل السنة والأذربيجانيين – وأكثرهم شيعة- وكذلك مجاهدي خلق وغيرهم ..أشهر وأوضح ممن أن يعاد تفصيلها !
.. وكذلك دسائسها في العراق والبحرين واليمن والخليج وغيرها ( والقادم أخطر!! فليحذر من يحذر!!)..وجيوش التبشير بالمذهب في أماكن كثيرة .. عدا عن دورها القذر والمخزي في سوريا وكذلك العراق ..كل ذلك يفضح شعارات الزيف التي رفعتهاالثورة ألإيرانية منذ بداية ظهورها!
ويكفي ما حصل من مآس وأهوال للفلسطينيين اللاجئين في العراق – مستعمرتها المشتركة مع أمريكا- ليدل على حقيقة موقفها من فلسطين والفلسطينيين وماذا ينتظرهم على يدها إذا سيطرت أو تدخلت ! ..وهاهو أيضا وضع الفلسطينيين في سوريا من حصار وتشريد جديد والموت جوعا وبردا وابتلاع البحار لكثير من الهاربين من جحيمها وجحيم حلفائها الأشرار! – عدا عن ملايين السوريين ..الذين أدركتهم[ بركات الولي الفقيه وجرائم الحرس الثوري وفيلق القدس]!! فهذه بعض ثمرات التدخل والسيطرة الإيرانية للشعوب ولفلسطين وأهلها خصيصا
وبالطبع .. ذلك مقياس لحقيقة [ إنسانية أمريكا وشعاراتها الزائفة الساقطة !]
.. واتضح الآن – أكثرمن أي وقت مضى ـأن إيران – تجاوزت الحدود ..وولغت في الدماء المسلمة البريئة ووقفت في مواجهة المظلومين – الذين تدعي نصرتهم!..وضد رغبات الشعوب في تحررها وإسلامها الحر ..! وأن إيران تسعى إلى إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية الكسروية .. وفي هذا السياق يندرج سعيها لامتلاك سلاح نووي – وإن كنا لا نرى بأسا في ذلك – وقد سبق أن أعربناعن تأييدنا له ..ولكن أن يصبح أداة لتهديد مسلمين آخرين – عربا أو غير عرب ..فهذا هو المرفوض والمنكر!– كما يصرح بعض الفرس .. بنيتهم في العدوان على الحرمين !
..ومن هنا تندرج حرب إيران – في سوريا – والبحرين ..والعراق – وحوثيي اليمن .كأجزاء من خططها لحرب طائفية واسعة للسيطرةعلى المنطقة ..
..ولا يخفى على أحد ..أن قيام حرب طائفية موسعة شاملة تهدم المنطفة وتفتتها ..هي من أقصى أماني اليهود والصليبيين الإمبرياليين – وعلى رأسهم الشيطان الأكبر!
وأن مساعي العقلاء- من الجانبين – لعدم التورط في مثل تلك الجريمة - تذهب هدرا تحت قعقعة جنازير الدبابات وهدير الطائرات والمدافع والصواريخ التي يحركها سفهاء طائفيون موتورون معبأون ..!
.. من الجهة الأخرى ..تصطلي المنطقة بنار الصهيونية التي تثير المؤامرات في كل مكان ..وتحاول كذلك الهيمنة على المنطقة وما حولها .. ودسائسها وجرائمها واضحة في فلسطين – وما حولها !! ..وخصوصا مصر وسوريا ..
..,لا شك أن الصهيونية خطر داهم قائم ..وأن معظم المشاكل التي تعاني منها المنطقة بل والعالم – لها فيها دور كبير ..وغالبا ما تكون من صنعها . فطبيعتها أنها لا تستطيع أن تعيش بدون مشاكل ومفاسد وجرائم" ويسعون في الأرض فسادا "!!
..ومن هنا يتضح لنا أن منطقتنا محاصرة بخطرين توسعيين يحملان روح العدوان والتوسع والهيمنة ..[ دولة اليهود من الغرب ..والفرس من الشرق ]!!
..ولكن لابد من التأكيد ..أن أي تعاون مع اليهود أو مهادنة لهم.. بحجة دفع الخطر الفارسي .. ليس خيانة عظمى فقط ..ولكنها أيضا جريمة كبرى ..وجنون مطبق !
.. كلاهما خطر ..ولكن لا يبرر دفع أحدهما تأييد الأخر في عدوانه وتوسعه وهيمنته وجرائمه !!
..كما أنه..من البداهة أن الخطر اليهودي هو الأهم والأجدر بالمقاومة ..وإذا أزيل انتهت كثير من المشاكل وزالت أكبر حجة يتذرع بها الفرس للسيطرة على المنطقة بحجة مواجهة [ إسرائيل ] التي تلتقي معها سرا وعلانية في أكثر من موضع ومن مفصل !!
وتتقاسمان المواقع والغنائم ..برعاية [الشيطان الأكبر] داعم جميع الجرائم ضد الشعوب وحرياتها ومصالحها وحقوقها!