بيان صادر عن قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح – لبنان

بيان صادر عن قيادة

حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح – لبنان

يا جماهير شعبنا الفلسطيني المكافح المجاهد

يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية… يا كلَّ الأحرار والشرفاء في العالم… نحييكم بإسم شهدائنا وأسرانا، بإسم الصامدين المرابطين على أرضنا المباركة، أرض القداسة، والأنبياء، نحييكم بإسم اللاجئين المتمسكين بحقهم في العودة إلى أرضهم التاريخية. نحييكم وكلنا إصرار على مواصلة مسيرة انطلاقة الثورة وعهد الثوار، وقسم الاحرار، مؤكدين لكم بأننا سنظل الأوفياء لقوافل الشهداء، للشهيد الرمز أبي الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات، ولقادة الثورة، وقيادة حركة فتح التي صنعت أعظم ثورة في العصر الحديث، وفي أحلك الظروف، وانطلقت من بين الخيام، ومن قلب المأساة والمعاناة، ومن جحيم التشرد واللجوء والعذاب.

في هذه الأيام المباركة من تاريخ مسيرتنا الثورية، وانطلاقتنا المجيدة في العام 1965، وإصرار الرعيل الأول من القادة التاريخيين المؤسسين على رسم ملامح جديدة لمرحلة من التثوير والتغيير والتحرير، واستعادة كرامة الشعب الفلسطيني، وانقاذه من حالة الذل واللجوء والضياع إلى شعب له كيانه الوطني، وهويته الوطنية، وإعادة وجوده السياسي إلى الخارطة الدولية ليكون وجهاً لوجه ضد الاحتلال الإسرائيلي المغتصب لأرضنا الطاهرة. إنَّ حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح التي أسست خلاياها الأولى في العام 1957، ودرست قيادتُها الواقعَ الفلسطيني بكل أبعاده السياسية والإجتماعية والوطنية، وعلى أساس هذا الواقع حدَّدت أهدافها ومبادئها، وبنت هيكلياتها التنظيمية، واعتمدت النظام الداخلي القادر على حماية مسيرتها الوطنية والثورية باتجاه تحرير الارض وإقامة الدولة، هذه الحركة الرائدة التي شكَّلت طليعة الثورة تحمَّلت مسؤولياتها كاملة ونهضت بالأعباء التي واجهتها عسكرياً وأمنياً وإجتماعياً على مدى خمسين عاماً، وما زالت تقاوم الظروف المعقَّدة، والمخاطر المحدقة التي تعترض مسيرة شعبنا النضالية على طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

يا جماهير شعبنا الفلسطيني.. يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية.. يا كل الاحرار والشرفاء.. إنَّ حركة فتح في ذكرى انطلاقتها التاسعة والأربعين تؤكد تمسكها بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وبحق تقرير المصير لشعبنا، وبضرورة تنفيذ حق العودة لشعبنا الفلسطيني المشرد خارج أرضه التي طُرد منها العام 1948. لقد انتهجت حركة فتح نهجاً واقعياً، وتعاطت مع الوقائع والمستجدات والتحولات الدولية والاقليمية على أرضية حماية وصيانة الاهداف والمبادئ، وتحَّملت في سبيل ذلك الأعباء الكبيرة، والأحمال الثقيلة، والتضحيات الجسيمة، ومن هذه المحطات التاريخية معركة الكرامة، وضرب الاحتلال في جنوب لبنان، والصمود في بيروت أثناء الاجتياح، وخوض الانتفاضة الأولى العام 8/12/1987، ومعركة النفق العام 1996، والانتفاضة الثانية في العام 2000 بعد لقاء كامب ديفيد إثنين، وكان الحصار في المقاطعة، وكان إجتياح الضفة وقطاع غزة، وكانت الملحمة في جنين.

لقد حدث اتفاق المبادئ في أوسلو إثر تفكك الاتحاد السوفياتي، وإثر حرب الخليج، وبداية حصار ثم تدمير العراق، ورأت القيادة أن اتفاق أوسلو رغم سيئاته إلاَّ أنه يصلح لأن يكون مدخلاً للعودة إلى أرضنا فلسطين المحتلة كي نكون في الخندق الأمامي، ونؤكد باعتراف العدو بنا أن هذه الارض أرضنا، وأنَّ للشعب الفلسطيني حقوقاً سياسة يجب أن تعود إليه، وأن اسرائيل يجب أن تنسحب من الاراضي المحتلة العام 1967. ورغم إلتزام م.ت.ف بعملية السلام التي من المفترض أن تعيد الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني إلاَّ أنَّ الكيان الاسرائيلي الذي يلقى الدعم الكامل من الولايات المتحدة حليفه الاستراتيجي تنكَّر لهذه العملية، ودمَّرها، وتخلى عن كافة التزاماته التي وقّع عليها أمام الجهات الدولية، وأدار ظهره لكل النداءات التي تطالبه بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وأصبح همُّه الاكبر تدمير كل ما يتعارض مع سياساته ومخططاته العنصرية، وإعطاء الاولوية للإستيطان والتهويد، وشنِّ العدوان إثر العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية، وممارسة أبشع جرائم القتل بحق المدنيين وخاصة الأطفال والنساء، والاعتداء على المقدسات في محاولة مقصودة لحمل الجانب الفلسطيني على إلغاء إتفاق المبادئ في أوسلو.

والمفارقة هنا أن الشعب الفلسطيني الذي نال عضوية مراقب لدولة فلسطين التي هي تحت الاحتلال الكامل، لا يلقى من الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى سوى الضغوطات غير المبرَّرة للبقاء على طاولة المفاوضات وإلاَّ فإن العقوبات المالية والإقتصادية والسياسية تنتظر الفلسطينيين، وهذه الدول نفسها لا تجرؤ على إتخاذ موقف حاسم من الكيان الاسرائيلي الذي يستمر بالاستيطان والتهويد على أرض الدولة الفلسطينية بما في ذلك وبشكل أعنف القدس. هذا الواقع الدولي قاد العملية السياسية إلى حالة من الجمود، وتناثرت الجهود السابقة، ولم يعد أمام الشعب الفلسطيني إلاَّ أن يعيد النظر في السياسات الحالية التي تتبعها القيادة الفلسطينية للتخلُّص من الأزمات الراهنة. وأمام هذا الواقع الذي صنعه الكيان الإسرائيلي وإعتمدته الولايات المتحدة فأن حركة فتح لن تقبل بما هو قائم، وهي تعتبر السلطة الوطنية محطة على طريق بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة العام 4/6/1967، وعندما تعجز هذه السلطة عن تحقيق أهدافها بسبب السياسة العنصرية الإسرائيلية لا بد من تعزيز الدور الفلسطيني الشعبي، ولا بد من تفعيل المقاومة الشعبية بكل ابعادها والتصدي للإحتلال وسياساته وتكريس المقاطعه الاقتصادية، وتعميق الابداع عند الشريحة الشبابية كي تمارس النضال الذي يفاقم الأزمة داخل مكوّنات الإحتلال. أضف إلى ذلك الملاحقة القانونية وعبر المؤسسات الدولية المعنية لمحاكمة قادة العدو على جرائمهم. وإستخدام هيئات ومؤسسات الأمم المتحدة. إن تصعيد هذه المقاومة الشعبية وأشكالها ضد الإحتلال هو الرد الطبيعي على المأزق الحالي، والعدو  الإسرائيلي وحده يتحمل مسؤولية التطورات اللاحقه ، والمعروف عن الشعب الفلسطيني أنه خاض العديد من أشكال المقاومة الشعبية ، والانتفاضات  رداً على سياسات الاحتلال ، وهذا هو رد الفعل الطبيعي على الاستيطان والإجرام والعدوان.

 

ثانياً : إن قبول الجانب الفلسطيني بعملية السلام ، والموافقة على المفاوضات من أجل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه رسمياً لا يعني أن حركة فتح ستقبل التفاوض عندما لا يكون مفيداً ومؤثراً وذات جدوى. والرئيس أبو مازن الذي وافق على المفاوضات الحالية كان ذلك من أجل الإفراج عن مئة وأربعة أسرى وهم أسرى ما قبل 1993 المحكومون بالمؤبدات  مقابل الموافقة على المفاوضات لفترة تمتد من ستة إلى تسعة شهور على القضايا الجوهرية ، وهي قضايا المرحلة النهائية ولكن ليس مقابل الاستيطان كما تشيع إسرائيل . والرئيس أبو مازن الذي سبق له أن قرر وقف التفاوض لمدة ثلاث سنوات، ورفض كل الضغوطات يمتلك الجرأة اليوم للتمسك بالثوابت الوطنية، وأنه في حال تم التوصل إلى أي إتفاق سيتم عرضه على الشعب الفلسطيني للاستفتاء.

 

ثالثاً: إنَّ القيادة الفلسطينية وفي مقدمتها الرئيس أبو مازن رئيس اللجنة التنفيذية يؤكدون رفض الطروحات الأميركية الإسرائيلية القائمة على أساس الحفاظ على الأمن الإسرائيلي ، والتواجد الاسرئيلي في الأغوار ، وعلى الحدود مع المملكة الأردنية ، كما نؤكد في حركة فتح أيضا رفضنا لكل الحلول المؤقتة ، أو الانتقائية ، أو الجزئية المطروحة على حساب حقوقنا الوطنية المشروعة ، وإنَّ أيَّ حلول لا تضمن لنا حقوقنا ، وسيادتنا على أرضنا ، وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس هي حلول مرفوضة. كما نؤكد على رفض (اتفاقية أطار) لأنها تطيل أمد المفاوضات لسنوات طوال دون التوصل إِلى حلول، وهذا ما يعطي فرصة للعدو الإسرائيلي للاستمرار في الاستيطان، ولهذا السبب أيضاً رفضت قيادتنا الدولة ذات الحدود المؤقتة.

رابعاً: إنَّ واقع الكفاح الوطني الفلسطيني يفرض علينا إعطاء الاهتمام المدروس لقضية الأسرى الذين يعانون في معتقلات العدو، وتُمارس ضدهم أبشع السياسات الإجرامية والعنصرية ، وتستخدم كافة أشكال التعذيب والتنكيل ، وهذا التنكيل يطال بشكل خاص المرضى حيث تتعمد الحكومة الإسرائيلية عدم معالجة أصحاب الأمراض المزمنة ، وعدم إعطائهم الأدوية والعلاج المناسب مما يؤدي إلى تدهور أوضاعهم الصحية وتصل أحيانا إلى الموت. ومعالجة هذا الملف تحتاج إلى تفعيل العلاقة مع المؤسسات الدولية المعنية بقضية الأسرى ، وإطلاق المسيرات والاعتصامات الجماهيرية الداعمة للجانب القانوني.

خامساً: إنَّ حركة فتح في ذكرى انطلاقتها التاسعة والأربعين تؤكد على أهمية حماية مدينة القدس بكل مكوناتها ومقدساتها وأرضها وترابها، فهي عاصمة دولة فلسطين التي فتحها عمر بن الخطاب وحررها صلاح الدين. ونحن ندعو الأمة العربية والإسلامية إلى تحمًّل المسؤوليات الكاملة على كافة الأصعدة ، وخاصة المالية والاقتصادية ، والإعلامية ، والاجتماعية ، وتشكل حصانة دولية لها لوقف الاستيطان والاعتداءات ، والحفريات ، وعمليات تهجير أهلها ، وإزالة جدار العزل العنصري الذي مزَّق الأرض ، وشتت أبناء القرية الواحدة.

سادساَ: نؤكد الأهمية القصوى لإنهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية،وندعو الأخوة في حركة حماس إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقاً من ضرورة الذهاب إلى الانتخابات ، وتشكيل حكومة تكنوقراط، والانتخابات هي العنوان الحقيقي، وهي القناة التي تؤمِّن الوصول إلى الوحدة الوطنية، وانتخاب قيادات جديدة عبر صندوق الاقتراع تكون  هي المعنية بوضع البرنامج الوطني المعبِّر عن طموحاتنا الوطنية، والقادر على صياغة برنامجنا السياسي، والاتفاق على كافة الأساليب والوسائل والأدوات الكفيلة بتفعيل مقاومتنا الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي .

سابعاً: نؤكد إدانتنا واستنكارنا لكل الاعتداءات التي يقوم بها  العدو الإسرائيلي سواء على قطاع غزة أو على الضفة الغربية، واستهداف المدنيين من الأطفال والرجال والنساء، وهذا استهتار واضح بكل القرارات الدولية، ورفض كامل لكل السياسات الفلسطينية التي ما زالت تتعاطى بعقلانية لإظهار صورة المعتدي الاسرئيلي بشكل واضح للمجتمع الدولي، والعدو الإسرائيلي يسعى إلى إبقاء الانقسام وترسيخه من أجل إلقاء قطاع غزة في الحضن المصري ، والتضييق عليه من خلال الحصار المتواصل ووضعه أمام خيارات صعبة ، وزيادة تفاعل الأزمة الداخلية فيه باتجاه الصراع الداخلي ، وهذا ما تراهن عليه إسرائيل التي تريد نقل الازمة الى مصر.

ثامناً: إنَّ حركة فتح تؤكد العمل والالتزام بكل ما يضمن سلامة الوضع الأمني للمخيمات، وتتعاون مع كافة القوى الوطنية و الإسلامية  لتحقيق الاستقرار وتفويت الفرصة على كافة الجهات الخارجة عن إرادة  المجموع ، كما تحرص حركة فتح على انجاح مهمة القوة الأمنية والأطر المشتركة ، وهي تتواصل مع الجهات الرسمية والأمنية اللبنانية لمعالجة كافة المستجدات والتطورات من موقع المسؤولية . وتسعى حركة فتح مع الجميع إلى تكريس مبدأ الحيادية في النزاعات الجارية بين الأطراف في الساحة اللبنانية ، وتبذل جهدها دائماً للنأي بالمخيمات وإبعادها عن التجاذبات لضمان عدم جرها إلى أتون الصراعات. ونعتبر أن هذه الجهود المبذولة لحماية المخيمات هي المدخل لإبقاء المخيمات محافظة على دورها الوطني المطلوب في هذه المرحلة، وهنا نثمِّن الزيارات التي قام بها فخامة الرئيس أبو مازن إلى لبنان لبناء علاقات أخوية سليمة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، على أرضية السيادة للدولة، والحرية والعيش الكريم للشعب الفلسطيني.

تاسعاً: وفي الإطار ذاته فإننا ندين ونستنكر كافة التفجيرات والاغتيالات التي استهدفت السلم الأهلي في لبنان، والعيش المشترك وأرادت أخذ لبنان إلى الفتنة المذهبية والطائفية لتدمير الوجه المضيء والديموقراطي لهذا البلد الذي أدى أدواراً مميزة على الصعيد الوطني والقومي، وخاصة دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني من أجل تحقيق أهدافه. نحن على ثقة بأن لبنان بقياداته الوطنية سيتغلب على كل المؤامرات، وسيضعون مصالح لبنان الوطنية العليا فوق مصالح الأحزاب والمذاهب، من أجل أن يبقى لبنان قبلة الديمقراطية.

عاشراً: إنَّ حركة فتح منذ بداية الأزمة في سوريا تعاطت مع هذه القضية المعقدة من موقع المسؤولية، ووضعت مخيماتنا وأمنها فوق كل الاعتبارات ونأت بنفسها ان تكون طرفاً في الصراع الدائر بين النظام والمعارضة لأن حركة فتح ترى أن الحلّ السياسي هو المخرج الوحيد، وهو الذي يوقف مسلسل القتل ونزيف الدم، ويحمي مخيماتنا، هذه السياسة هي التي مكّنت قيادة "م.ت.ف" من فتح الحوار مع الطرفين لتخفيف المعاناة، ولكن الجهود تعثَّرت لأسباب ميدانية، ولكنَّ الجهود ستستمر، مع كافة القوى والفصائل الفلسطينية، والجهات المعنية من أجل تقديم الدعم والمساعدة لأهلنا الفلسطينيين النازحين من سوريا إلى لبنان لتوفير ما أمكن من المساعدات المطلوبة، ولكنَّ الحلَّ الذي ننشده هو أن ننجح في إعادتهم إلى مخيماتهم كونهم ليسوا طرفاً في الصراع الدائر هناك.

في الذكرى التاسعة والأربعين لانطلاقة حركة فتح نؤكد التزامنا الكامل بمدرسة الشهيد الرمز ياسر عرفات، واستعدادنا المتواصل لتصليب بنية هذه الحركة الرائدة بقيادة سيادة الرئيس أبو مازن المؤتمن على الثوابت الوطنية. كما نؤكد لشعبنا الفلسطيني أن نبقى على العهد الذي أخذناه على أنفسنا منذ البدايات بأن نكون حراساً للوحدة الوطنية والثوابت الوطنية. وأن نخوض معركة الأسرى بكل شموخ فهم إرثنا الوطني والثوري.