يهوديات يُشهرن إسلامهن في المسجد الأقصى
ساعدهن مركز "دار السلام" في التعرف على الإسلام
عائشة وحنين تسردان تجربتهما مع الإسلام
أثناء تدشين مركز "دار السلام"
محمد محسن وتد ـــــ أم الفحم
دفع الشفاء من المرض عائشة، وهي فتاة يهودية في العقد الثاني من العمر من مواليد القوقاز، نحو الفضول ومعرفة المزيد عن الديانة الإسلامية، وساعدها في التعرف على الإسلام ثم الدخول في مركز "دار السلام"، إضافة إلى البحث عبر الإعلام ومواقع الإنترنت.
في عام 2008 مرَّ على قدومها إلى (إسرائيل) عدة أعوام، وكانت في زيارة لصديقة لها ببلدة عربية في الداخل الفلسطيني، وفي طريق العودة لبلدتها اليهودية، حصلت على كُتيب باللغة العبرية يُعرف بدلالات وتعاليم الإسلام بعنوان "الطريق إلى السعادة."
احتفظت بالكُتيب لكنها لم تُعره اهتماماً... وبعد أشهرٍ أُصيبت بوعكة صحية كادت أن تُفقدها حياتها، فصراعها مع المرض دفعها لتصفح الكُتيب لتشعر بالاطمئنان والسكينة والراحة النفسية التي خففت عنها الآلام... تجاوزت ترددها وخوفها من عائلتها اليهودية واتصلت بالدُعاة من فلسطينيي 1948 من مجموعة "دار السلام" للتعريف بالإسلام لتعرف منهم أكثر عن الدين، وبعد ستة أشهر من الدراسة المعمقة تعزز الإيمان بقلبها، وسافرت إلى المسجد الأقصى لتُشهر إسلامها..!!
الخالق والعبد
استذكرت عائشة ـــــ في حديثها للجزيرة نت ـــــ لحظة اعتناقها الإسلام ونُطقها بالشهادتين "حينها أجهشت بالبكاء، وأعجز حتى اللحظة عن وصف ما يجول بخاطري، لكنني أشعر بأنني خُلقت من جديد وأحظى برعاية وحماية ربانية، فما جذبني للإسـلام ليـس ما تنص عليه التعاليم بأن لا إكراه في الدين فقط؛ بل القناعـة والإيمان والتميّز بالعلاقـة المباشـرة بين الخالق والعبد من دون وسـيط أو تدخلات من بني البشـر."
تُقيم عائشة مع عائلتها التي لا تعرف عن إسلامها شيئاً، فعدا عن والدها ـــــ الذي بارك ودعم قرارها الذي اتخذته بالقناعة والإيمان ـــــ يبقى اعتناقها للإسلام سراً، إذ تتسلح بالإيمان وتسعى جاهدة للحفاظ على المبادئ الإسلامية، وذلك على الرغم من الصعوبات الاجتماعية والبيئية التي حولها، خاصة والدتها المتزمتة للديانة اليهودية وتُكن العداء للمسلمين، وتنتظر اللحظة لتواجهها وتكشف لها حقيقة اعتناقها الإسلام.
وباتت عائشة أكثر محافظة واحتشاماً بملابسها بعد أن تعذر عليها لبس الجلباب والحجاب بحضرة والدتها داخل المجتمع الإسرائيلي، لكنها تواظب على أداء الصلوات في موعدها، وتقضي ساعات الليل بقراءة القرآن حتى الفجر لتُصلي وعائلتها نائمة. وتتضرع للخالق لمنحها الشجاعة والقوة لمواجهة والدتها والإفصاح لها عن الحقيقة، وترى أن اللحظة الحاسمة قريبة، فما عادت بعد مرور ستة أعوام على اعتناق الإسلام تستطيع الحياة بهذه التناقضات والصراع الداخلي "ما عُدتُ أحتمل التمثيل بأنني أقوم بالشـعائر التلموديـة اليهوديـة التي لا تعني لي شـيئاً، ولا يُمكنني صوم يوم الغفران بعد صيام شـهر رمضان، وأُؤدي الصلاة خِلسـة، وما عُدتُ أحتمل الحياة من دون جلباب وحجاب."
الحوار والفكر
ووجدت عائشة أُسوة بغيرها من عشرات الفتيات والرجال من المسلمين الجُدد بمركز "دار السلام" للتعريف بالإسلام الذي دُشن ببلدة "كفر قرع" في الداخل الفلسطيني الإطار الراعي والداعم والمساند بمسيرة إعتناق الإسلام، بحسب المشرف على المركز الشيخ غسان عثامنة إمام مسجد "نداء الحق"، الذي أكد أنه يتم التركيز على التراث الحضاري والعلمي الإسلامي أثناء ربط الأصالة بالحداثة من منظور الفكر الدعوي.
ويضم المركز مجموعة دُعاة من الداخل الفلسطيني يقومون بدعوة غير المسلمين إلى الإسلام مستخدمين نموذجاً علمياً حضارياً للحوار الدعوي، وتوزيع مطويات وكُتب تعريف بالإسلام بلغات عدة لدعوة السياح الوافدين من مختلف أرجاء العالم إلى فلسطين، عبر طباعة وتوزيع المصاحف المترجمة لجميع اللغات بما فيها العبرية، إضافة إلى ترجمة منشورات دعوية وإيواء المسلمين الجُدد وتوفير المسكن والمأكل لهم ومتابعتهم وإرشادهم وتعليمهم الإسلام.
الإسلام والمرأة
وبفضل الداعيات في المركز تواصل عائشة ـــــ مع خمسٍ من صديقاتها اليهوديات اللواتي اعتنقن الإسلام ـــــ حياتها بالحفاظ على التعاليم الإسلامية دون الاصطدام مع البيئة والمجتمع الذي تعيش فيه، وابتعدت كلياً عن المحرمات وحياة اللهو وغيّرت من سلوكياتها وتعاملها بالأخلاق والانضباط والتصرفات الحكيمة، مما أثار شكوك بعض صديقاتها اللواتي أطلعن على حقيقة سرها.
الشابة حنين، وهي يهودية من كرواتيا في منتصف العشرينيات من العمر هاجرت إلى (إسرائيل) وتعيش بمفردها، انضمت إلى زميلتها عائشة لفهم المعاني والتعاليم السامية للإسلام... وعن دوافعها لاعتناق الإسلام قالت حنين للجزيرة نت إنها تأثرت بتجربة عائشة،واقتنعت بأن الإسـلام هو الدين الأكمل الذي ناصر وانتصر للمرأة ومنحها كافـة الحقوق ووفَّر لها الحمايـة، "فهذا الدين منح مكانـة خاصـة للفتاة لتكون الأمثل بالحياة الاجتماعيـة والتعامل الأُسـري وتربيـة الأولاد، وحدد العلاقـة بين الرجل والمرأة والزوجين."
وبيَّنت أنها ترفض مقارنة الإسلام بالديانات الأخرى، وتؤمن بأنه الدين الجامع لكافة الأديان السماوية، وهو المسار الصحيح والحكيم الذي أخرجها من الظلمات إلى النور وأدخل الفرح والروح إلى قلبها، وهو هداية وتعامل ونهج حياة وطريق السعادة والسرور بحقيقة الإيمان بالله والقرآن الكريم والرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام.