رسائل نتنياهو مقروءة جيدا

جميل السلحوت

[email protected]

ما أن يأتي أيّ مسؤول أمريكي بمن فيهم وزير الخارجية كيري الى المنطقة، وعند الافراج عن دفعة من الأسرى الفلسطينيين القدامى، حتى تسارع حكومة نتنياهو بالاعلان عن عطاءات لمشاريع استيطانية جديدة في القدس، وبقية أراضي الضفة الغربية، وما أن جرى الحديث عن منطقة الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية العتيدة، حتى تمّ طرح مشروع قانون" ضم الأغوار لاسرائيل"على الكنيست الاسرائيلي، فهل هذه الاجراءات عشوائية، أم هي رسائل للأمريكيين وللفلسطينيين وللعالم أجمع عن السلام الذي تريده حكومة نتنياهو؟ وبالتأكيد فان المسؤولين الأمريكيين والفلسطينيين يقرأون هذه الرسائل جيدا، لكنهم يغضون النظر عن الحديث عنها علانية، كي لا يصطدموا بالحاكم بأمره بنيامين نتنياهو.

 وفي الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية تحت رعاية الوسيط الأمريكي غير المحايد، فان نتنياهو ينفذ سياسته القديمة الجديدة، وهي فرض وقائع استيطانية على الأرض تجعل امكانية اقامة الدولة الفلسطينية أمرا خياليا لا يمكن تحقيقه على الأرض، ويجعل الضفة الغربية وجوهرتها القدس مضمومة الى اسرائيل بشكل واقعي، لكنه غير معلن رسميا، وهذا من باب العلاقات العامة في فنّ ادارة الصراع. لكنه في المحصلة تنفيذ للحلّ الذي يريده نتنياهو منذ سنوات طويلة، والذي يتمثل بادارة مدنية فلسطينية على السكان العرب، وليس على الأرض التي ستترك نهبا للاستيطان اليهودي، ونتنياهو بهذا يؤكد للفلسطينيين وللعرب، ولأصدقائه الأمريكيين، بأنكم فكروا وقولوا ما تشاؤون، ولكنني أفعل وسأفعل ما أريد، وهو على ثقة بأن الأمريكيين سيدعمونه في المحصلة النهائية. ونتنياهو متأكد بأنه سينجح في تنفيذ سياسته خصوصا وأن المفاوضات لم ترتكز على قرارات الشرعية الدولية، ولا على القانون الدولي، وبالتالي فان من يملك القوّة قادر على فرض ما يريد. ولا شكّ بأن اسرائيل هي القوية. في حين أن العرب غارقون في "الفوضى الخلاقة" ويقتلون بعضهم بعضا بأيد ومال عربييين، وبتخطيط "خلّاق" ممن يزعمون أنهم أصدقاء، ومشاركة من يزعمون أنهم حماة الاسلام. وذا كانت الطريق الى جهنم معبدة بالنوايا الحسنة، فان العربان يسيرون الى جهنم مختارين ومطمئنين، ومعتقدين بأن مفاتيح الجنة في جيوبهم.