و أنت فايت ع حارتنا
و إنت فايت على حارتنا و قبل دارنا على إيدك اليسار بتكون دار بيت العم أبو حيان محمود الفرج، دار كبيرة جدا و أكبر مما تتصور حتى أننا في يوم من أيام الطفولة و الفتوة حولناها إلى ملعب كرة قدم، أشبه بملعب كرة قدم حقيقي بحجمه ، و كنا نلعب و نتدرب فيها صيفا و شتاء .
و إنت فايت على حارتنا رح تشوف العم أبو فواز (رحمه الله ) و قد مد البسط داخل و أمام باب داره و رش الساحة إلى حواليه بالمي، و بجانبه جلست الخالة أم فواز رحمها الله أيضاً ، و جنبهما كان إبريق الشاي و دلة القهوة، و لا يمكن أن يمر أحد إلا و يجبره على ضيافة كاسة شاي أو فنجان قهوة على الماشي.كان باب دار العم أبو فواز كبير و عالي جدا بقدر أحلامنا و أمنياتنا ...
و إنت فايت على حارتنا و قبل دارنا رح تشوف زقاق ضيق جدا و طويل بالكاد يتسع لعرض سيارة و طالع بشكل قاسي و في نهايته رح تلاقي دار العم أبو رسلان حاج أحمد الحميدي رحمه الله و أخوه ابو شاكر العم محمد الحميدي، هذا الزقاق لم يكن الوحيد في حارتا و انما كان الزقاق الوحيد في ضيعتنا كلها ... صحيح أنه كان ضيق و طلعته قاسية كثير لكنه مليء بالألفة و الحياة.
و إنت فايت على حارتنا رح تلاقي طلعة صغيرة ورا بيتنا تماما ، تنتهي الطلعة بساحة كبيرة جدا فيها اليوم بيت أبو عبدو جارنا العزيز خالد العلوان هاي الساحة إسمها ساحة الطاحون ، كان فيها أول طاحون ،،ما بضيعتنا بس و انما كانت أول طاحون ميكانيكية في حماة كلها . و منشان الطاحون كثير ناس كانوا يسموا حارتنا بحارة الطاحون.
و إنت داخل على حارتنا و على ساحة الطاحون يطل شباك العم المرحوم أبو كرمو حاج خالد المبارك (رحمه الله) وكان معروف بنبرة صوته الحادة قليلا ، ربما لا أحد يعرف أن سبب تلك النبرة لأن الطاحون كانت على شباك بيته مباشرة، و بالتالي كان مضطر عندما يتحدث لكي يرفع صوته حتى يتغلب على صوت الطاحونة المجلجل و يسمعه الآخرون ، العم أبو كرمو تحمل طيلة عمره أصوات الطاحونة و من ثم أصوات عبثنا و لم يتذمر يوما من أحد.
لمن كنا صغار كانت الطاحون بآخر أيامها ، بس هاي الساحة كانت ملعب طفولتنا، بالشتوية كنا نلعب بالكلول و بالحاح و بطاب العيش ، و بالصيف كنا نلعب بجابر و بالتخباي و ...
و إنت داخل على حارتنا و على الزاوية الي بين دارنا و دار بيت خالي مرعي و دار جارنا العزيز أبو ابراهيم حاج احمد السويد الكرنازي( رحمه الله) و دار جيراننا الأعزاء أبو منقذ خالد الخابور و أبو محمد المرحوم حميد الخابور(رحمه الله)، هاي الزاوية تعتبر مكان كل إجتماعات و تجمعات شباب الحارة و أطفالها ، و عند العصر و بلا شعور تتدحرج أرواحنا و أجسادنا إليها كل يوم ، و أجمل شيء كانت في رمضان حيث نجتمع قبيل الآذان بقليل ، ننتظر آخر دقائق حتى تشتعل لمبة المسجد الكبير أو يرتفع صوت أحد المساجد ب الله أكبر ...فنتفرق مسرعين إلى بيوتنا.
هذا الحكي و إنت داخل على حارتنا بالزمانات .
اليوم و إنت داخل على حارتنا ما رح تشوف أحد ، من إستشهد إستشهد(الله يتقبلهم ) و من إنتقل إلى جوار ربه ( الله يرحمهم جميع) ...و إلي نزح نزح و إلى هاجر هاجر...
و أنت فايت على حارتنا اليوم ما رح تشوف إلا البيوت المهدمة و الحجارة الباكية و التراب المسجى بدماء أهله.
على فكرة لا أحد يستطيع الوصول لحارتنا اليوم لأن الوحوش أحاطت بها من كل جانب...
وسوم: العدد 953