هل من حلول في جعبة حكومتنا الجديدة لحاملي الشهادات الجامعية الذين تقدم بهم العمر
هل من حلول في جعبة حكومتنا الجديدة لحاملي الشهادات الجامعية الذين تقدم بهم العمر فوق العقد الثالث أو الحاصلين على شهادات دون ميزات ؟
لقد أثار قرار وزير التربية الوطنية الأخير القاضي بوضع شروط للترشح من أجل اجتياز مباريات ولوج مراكز تكوين أطر التدريس سخط شريحة عريضة من حاملي الشهادات الذين استثنوا من عملية الانتقاء الأولي أو لنقل بتعبير آخر أقصوا منها بسبب غياب شرط السن الذي حدده هذا القرار فيما دون العقد الثالث ، فضلا عن شرط توفر الشهادات الجامعية على ميزات ، وربما تكون هناك شروط أخرى لاعتبارات لم يتم الإفصاح عنها تكون سبب الإقصاء من الترشح.
وإذا كان لا أحد في وطننا ممن لديهم غيرة على المنظومة التربوية ببلادنا يعارض الرغبة في زحزحتها من وضعها المتأزم لسنوات وهي توشك على الإفلاس، إن لم تكن قد أفلست بالفعل ،وهذا هو المبرر الذي قدمه الوزير بين يدي قراره بحيث يكون ولوج ممتهن التدريس في عمر يقل عن العقد الثالث عاملا من شأنه أن يساهم في مراكمة وبلورة خبرة وكفاءة عاليتين لأنه يقضي فترة طويلة من عمره في ممارسة مهمته ، كما أن انتقاء المتفوقين منهم من الحاصلين على شهادات جامعية بتميّز من شأنه أن يحسن جودة التدريس ويرفع من مؤشر المردودية مما يعود بالنفع على الناشئة المتعلمة ، فإنه لا يمكن تجاهل معضلة حاملي الشهادات الجامعية الذين تقدم بهم العمر أو الذين لم يحالفهم الحظ للحصول على التميز ، وهي عقبة كؤود أمام الحكومة الجديدة التي رفعت الأحزاب المشاركة فيها سقف وعودها خلال حملاتها الانتخابية بما في ذلك وعود التصدي للبطالة عموما ،والبطالة الجامعية على وجه الخصوص .
ولا شك أن تجاوز البطّالين الجامعيين السن التي اشترطها وزير التربية مرده انسداد الآفاق في مختلف القطاعات بما فيها قطاع التعليم لسنوات متتالية، ذلك أن غالبيتهم تحمل شهاداتهم الجامعية تواريخ تشهد بأنهم قد حصلوا عليها وأعمارهم دون العقد الثالث ،الشيء الذي يعفيهم من تحمل مسؤولية تأخر أعمارهم اليوم . وإذا ما كانت الشهادات الجامعية التي لا تحمل ميزات غير مؤهلة لولوج الوظائف سواء في قطاع التعليم أوفي قطاعات أخرى ، فالأجدر والأولى أن يعاد النظر في قيمتها وألا تسلم أصلا إلا تلك التي تتوفر على ميزات تماما كما هو الشأن بالنسبة لولوج الأقسام التحضيرية أو المعاهد العليا على سبيل المثال ، وحينئذ سيكون على الطلبة الجامعيين الرهان على الشهادات ذوات الميزات إذا ما رغبوا في الحصول على وظائف .
ولا أحد أيضا يعارض حصول جميع طلاّبنا الجامعيين على ميزات ، ولكن الواقع أن التميز لا يمكن أن يتأتى للجميع ، لهذا لا مندوحة عن وجود غير المتميزين إلى جانب غيرهم من المتميزين ، والذين لهم الحق أيضا في الخلاص من وضعية البطالة ، وقد صرفوا من أعمارهم سنوات في الدراسة ، وسنوات أخرى في انتظار فرص الشغل الشحيحة أصلا في بلادنا ، والتي تزداد شحا سنة بعد أخرى خصوصا مع نهج سياسة التقليص من الوظائف في مختلف القطاعات العمومية فضلا عن تقليصها في القطاع الخاص .
ولا يعقل أن تنهج الحكومة الجديدة سياسة سابقاتها اعتماد سياسة تجاهل معضلة البطالة المتفاقمة عموما، والبطالة الجامعية خصوصا ، وهو أسلوب النعام في المواجهة .
ولا شك أن أول خطوة في طريق معالجة هذه المعضلة المزمنة هي إحصاء البطّالين بشكل دقيق ، وربط أعدادهم بالجهات من أجل إيجاد حلول لها جهويا بمساهمة جميع القطاعات العمومية والخاصة ، وباعتماد دراسات دقيقة ومقاربات جادة وفعالة ومحكومة بمواعيد مضبوطة مع اعتماد أسلوب المراقبة والمحاسبة بعد ولوج مناصب الشغل، وذلك لمنع التهاون في القيام بالواجب الذي هو خيانة للوطن .
وفي الأخير لا بد من تذكير الحكومة الجديدة بأن الرهان على المقاربة الأمنية لمواجهة ردود الأفعال ضد سياساتها الفاشلة أو قراراتها المتعثرة هو أسلوب الحكومات الفاشلة ، لهذا لا بد من الرهان على مقاربة الحوار البناء والمثمر .
وسوم: العدد 956