سلاح الجوع
معمر حبار
إطلاق سراح الأسير الفلسطيني سامر العيساوي، جاء بعد إضرابه عن الطعام لمدة 09 أشهر، مايدل على أن سلاح المرء داخل بطنه، وبين أمعاءه. ومن أراد التحليق والانعتاق، فليتحرر من سلطة البطن، وقهر الأمعاء.
إن الإضراب عن الطعام في مثل هذه الحالات، يبيّن بوضوح أن المرء، أيّ كانت وضعيته حرجة، هو الذي يملك حريته وسعادته، لأن مفاتيح التحكم في بطنه.
إن السّجان الذي كان يهدّد سجينه، بقطع رغيف العيش، وقتله بمنع الطعام والشراب عنه، أمسى السجين هو الذي يهدّد السّجان بعدم الأكل والشرب، ويرفض بعزّة وكبرياء، تودّد السّجان إليه، ويترجاه أن لايموت في سجنه، بسبب الإضراب عن الطعام.
إن الحرية تُكتسب عن طريق نعمة الطعام، وكذلك تُكتسب عن طريق الإضراب عن نعمة الطعام.
إن الأمم الغابرة، والحضارات القديمة العريقة، سقطت في يد من هو أقلّ منها شأنا، وهي التي ملكت المشرق والمغرب، بسبب ماأصابها من داء التخمة.
قريش استعملت سلاح التجويع، حين كانت الدعوة الاسلامية في مهدها، فصبر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه 3 سنوات، أكلوا فيها أوراق الشجر، واسودّت الوجوه، وبكى الصبية، فعلمت قريش وهي التي تملك القوافل، أن الكون سيكون بيد من يتحكم في بطنه، وأن الذي يصبر على الجوع لايمكن قهره.
إن الصحابة، رضوان الله عليهم جميعا، دخلوا غزوة بدر، وانتصروا على عدو، يفوقهم 3 أضعاف، ويتفوق عليهم في العدة، لأنهم تحكموا في بطونهم، ولم يستسلموا لتهديد وإغراء من يملك لقمة العيش من قريش.
منذ 30 سنة، قرأت أن الصليبيين، حين استولوا على القدس الشريف، كانوا جياعا حتّى أنهم أكلوا الجِيَف أثناء الطريق من شدّة الجوع. وسيسجّل التاريخ، أن هذا الجائع، هو الذي استولى على بيت المقدس، وانتزعه من يد من عاش ومات بالتخمة.
إن النصر مقرّه البطن، لمن تحكّم فيه، وصبر على أنينه. ومن كان سيّد شهواته، أُطعم من حيث لايدري، وجاءته البراءة من سجانه.