نافضة المَسك ونافحة المِسك لتصحيح النُّسك...
مقالة مهمة لخاصة الأمة
عبد الله المنصور الشافعي
المَسك = الجلد .النُّسك = العبادة والمقصود بها هنا الجهاد
قال تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) فالمستنبطون هم خلاصة الخلاصة ، ظن كثير ممن يتابع مقالاتي أني من أنصار الدولة الإسلامية ببادئ الراي منهم أو أني أجهل كثيرا من حقائق الأمور ولا حول ولا قوة إلا بالله وما ذاك إلا لقلة تأملهم وتعجلهم قبل تدبرهم فإني بحمد الله لست أجهل حقيقة عمل القاعدة ولست من أنصارها ولا من أنصار أمها والتي رضعت القاعدة من ممخوض لبنها فحملت فكرها العقدي واليوم وبعد أن استبد كل برأيه وبلغت الأمور مبالغها لا بد لي من بيان واضح لحقيقة وباطن ما دعوت وأدعو إليه وسأذكرها تسهيلا للقارئ بأقلام تيسيرا لسرعة التحصيل
1- الدعوة لمجلس للأمة كان اغتناما
لملحمة الشام لجمع شمل الأمة ولن تجتمع الأمة قط مالم نرفع الخلاف العقدي والذي منه
وبسببه تأصل الفكر التكفيري هذا الخلاف العقدي الذي استطار شرره حتى جعل من مسائل
فرعية مسائل أصولية مكفرة يستباح بها دماء المسلمين كتكفير عبد الله عزام بسبب
مسألة الجهر بالتأمين عقب الفاتحة ! هذا الخلاف الذي يغرس في أصحابه روح الاستعلاء
كيف وصاحبه من يملك ذروة الحقيقة العقدية -بظنه- فمن كان أعلم الناس بصفات وكنه
الله تعالى ! كيف لا يكون فيما دون ذلك ؟ وإن الأمة إذا لم تغتنم ملحمة الشام
لتحقيق أمر الله تعالى في الاعتصام بحبله جميعا فمتى تفعل ؟ فلهذا دعوت لمجلس للأمة
ومازلت أدعو إليه
http://www.odabasham.net/show.php?sid=69868
2- سبيل التعامل مع دولة الإسلام
-وليست هي ولن تكون قط للإسلام دولة ولا نمطها وسأذكر أحد الأسباب الوجيهة لذلك في
خاتمة المقالة- هو التناصح على طريقة أمير المومنين وإمام المسلمين علي بن أبي طالب
رضي الله عنه مع أهل النهروان والتي اتبعها أيضا الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز
رضي الله عنه هذه الطريقة لا تكون ولا تؤتي ثمارها بغير الحكمة في سلوكها وتطبيقها
فعندما نصحت باختيار مشايخ مقربين من الدولة ومشايخ من السلفية ومشايخ من الشام
للتراجع مع قادة الدولة وللتحاكم ليثمر هذا في رجوع فئة منها إلى صفوف المجاهدين من
غيرها وعزلها وقيادتها وقطع المدد عنها في حال عدم استجابة قادتها لدعوات الوفد,
فهذا أبلغ في تحقيق الغاية وألزم في الحجة وأحرى أن لا تتعلل الدولة وتتخلّق
الأعذار, أو حملها على الجادة على الأقل, جادة الجهاد المثمر في الشام والقائم على
التعاون التام والذي لا يكون بغير اختلاط الفصائل واتحاد عملها والكف عن كثير من
الأمور التي تتهم بها الدولة وتوضيح أو تفنيد ما سوى ذلك, فبغير إرسال وفد رسمي فيه
أمثال الشيخ يوسف الأحمد والعجمي وغيرهما من من المشايخ المقربين للدولة ومشايخ
سلفيين وشاميين لا يمكن أبدا تحقيق النتيجة المرجوة في تصحيح مسار الدولة وتقويمها
(والكلام نفسه يقال عن فصائل الجبهة الاسلامية والكتائب). وكل المهاترات والمراجعات
بين السلفية والدولة والإخوان والكتائب على الملأ والتي عمت الصفحات والقنوات لا
تعمل إلا لمصلحة النظام وتطيل المحنة وتزكي الفتنة وليس هذا ما ينتظره منا شعبنا
المستضعف المسكين الذي يعاني الأمرار -جمع مرارة- وليس هذا هدي الدين ولا العقل
.انظر مقالات متعددة بهذا الخصوص على
https://www.facebook.com/sham.revolution2011?ref=hl
3- إن العمل السري المغلق البعيد عن الشورى والممتنع المستعصي على أداء النصيحة
الذي تتّبعه الدولة مظنة كل اختراق وخطأ وضلال منهاج أفلا ترى الدولة ورجالها ما حل
بالقاعدة في الجزائر بعد أن اخترقتها فرنسة ببائع الدجاج جمال زيتوني الذي انتقاه
الجنرال عثمان طرطاق ليكون رئيس (ج.اي.أ) القاعدة الجزائرية حيث تمكنت من تصفية
عامة رؤوس الجماعة الجهادية عن طريق خيانة جمال هذا ليتربع جمال رجل المخابرات
الجديد على رأس هرمها ومن ثم تصفية كل المخلصين والصادقين واستبدالهم بالخائنين,
ألا ترى الدولة إلى أي مدى بلغت الفتنة بذلك في أهل الجزائر وفي الرأي العام الغربي
وألا تعتبر الدولة بما فعله الأمن الفرنسي حين سمح لعلي توشنت بارتكاب تفجيرات
باريس عام 95 والتي راح ضحيتها 23 قتيل فرنسي ونحو مئة مصاب ويسر الأمن الفرنسي بعد
ذلك هروبه إلى الجزائر حيث تولّت المخابرات الجزائرية تصفيته بعد تمام مهمته, لقد
سمحت الدبلوماسية الأمنية الفرنسية بقتل مواطنيها الفرنسيين لماذا ؟ (ويا ليت
المعارضة السورية تتمعن في الجواب أيضا) فبعد نشاط حثيث وعمل دؤوب من الجبهة
الاسلامية للانقاذ في أوربا بات الرأي العام الغربي مؤيدا لاستلام الجبهة للحكم
الذي سلب بالقوة منها بعد أن فاز المسلمون بالانتخابات فكان هدف الأمن الفرنسي هو
أن ينقلب الرأي العام الغربي من مؤيد للديموقراطية وانتقال السلطة لجبهة الانقاذ
إلى كاره للإسلام والمسلمين وحكمهم بل إن هذه الفواجع التي ارتكبها زيتوني وجماعته
وأيضا الجيش الجزائري ولكن باسم القاعدة (ج.اي.أ) بعد أن عبّد زيتوني لها السبيل
بمثابة تحرير الساسة الفرنسيين والغربيين من ثقل الرأي العام وآثاره في القرارات
السياسية لتمرير وتبرير مخططاتهم في استمرار سقوط الجزائر تحت حكم الجيش والعسكر,
وحتى اليوم فإنك تجد كثيرا من الجزائريين خانعين راضين بحكم العسكر خائفين كارهين
لحكم الإسلام مع أنهم مسلمون محافظون على الفرائض ! ونحو هذا حصل مع الدولة نفسها
في العراق وفي الفلوجة خاصة عقب معركتها الثانية حيث رفض هؤلاء نصيحة أهل الخبرة
والاختصاص من ضباط صدام حسين وتسببوا في خسارة مريرة مازال أهل السنة في العراق
تعاني منها كما تسببت في كراهية أهل السنة لهم وأيضا بعد أن قتل المريب أو المخبول
أبو صفا والي صلاح الدين حبيب اسماعيل الراوي رحمه الله من غير عذر ... الخ فما
يحصل اليوم في الشام كشبه بداية ما حصل في غيرها حيث تتكرر الأخطاء, فأين العلماء
وأين عقلاء الدولة ؟ وأي شيء يعني اليوم بقاء مثل البغدادي مستترا وهو معلوم الهوية
معروف الشخصية وأي شيء يمنع الدولة من الانفتاح على عامة المسلمين والتواصل مع
علمائهم وخاصتهم ومشاورتهم فهذا أحرى في أن تنفي عنها الاختراقات وأسلم لها في
عاقبتها وقد علم العالمون أن "الإثم ...وكرهت أن يطلع عليه الناس" فليس في مثل هذه
الأمور الجهادية المصيرية يستحسن الإسرار أبدا .
4- أما لماذا لن تكون الدولة قط
للإسلام دولة فهذا أمركنت قد تعرضت إليه في جوابي على أبي الحسن الأزدي في دعوته
لمبايعة الدولة وأميرها
https://www.facebook.com/sham.revolution2011/posts/225380174301494
وأيضا إن أهل الشام على مذهب الشافعية والحنفية ونحن ولله الحمد راضون وفي دين الله
تعالى مندوحة وسعة من أن نكره على مذهب وفكر مستحدث سيان في العقيدة أم في اتباع
واستنباط الأحكام الشرعية وأضرب على ذلك مثالين للبيان بهما على ما ورائهما ولن
أضرب في العقائد مثلا فقد سبق وتعرضت إليها
الأول :
في هذا الفيديو نحن لا نوافق الدولة
على قتل هذا الشاب بهذه الطريقة ولا في الحكم ولا في الحاكم ولا محكمته, إن النبي
صلى الله عليه وسلم لمّا أتاه صاحب النسع (حبل) الذي يجر به رجلا قتل أخاه وبعد أن
أقرّ القاتل عند النبي بأن القتيل سبه فأغضبه فضرب رأسه بفأس بيده على قرنه (رأسه)
فقتله أمر النبي القاتل بدفع الدية فلما أظهر الرجل عجزه وقومه قال النبي لولي
القتيل "دونك صاحبك" أي سلّم القاتل لولي الدم وهو أخو القتيل فلما ولّى يجر القاتل
للقصاص منه قال النبي "إن قتله فهو مثله" وأراد النبي ولا ريب أن يبلغ قوله ولي
الدم فلما بلغه رجع إلى النبي فقال إنه بلغني ما قلت يا رسول الله ؟ وإنما أخذته
بأمرك ؟ فقال النبي "أما تريد أن يبوء باثمك وإثم صاحبك" ؟ ... فرمى بنسعه وخلى
سبيله . رواه الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه . وفي الحديث ترغيب واضح من النبي
بترك القتل في القصاص ما وجد أدنى أدنى سبب لتركه وما انعدمت كل الأسباب المعقولة
والحكم المفهومة في القصاص من كون المجرم مشهور أو من أهل الفسق والريبة كما هو
مذهب مالك أو لسبق تدبير وخبث غاية أو أي سبب آخر يدعو إلى ترك الدية وقتل القاتل
لمصلحة معتبرة لمصلحة الأمة أو إصرار أولياء الدم على القتل جميعا ومن كان منهم غير
بالغ انتظر بلوغه وروعي في أمره انتفاء التلقين ...الخ, وفي مثل حالة هذا الشاب لا
تتحقق المصلحة في قتله فربما غلب عليه فقره وشقوته وخاصة مع شيوع الفسق وانعدام
النصح والعلم في الشام فعمل مع النظام ولا ندري أتسبب في قتل أحد أم لا لسوء
المحاكمة وتعجلها كالعادة فضلا عن أن الساعي لا يقتل إلا بشروط ومع الاختلاف فيه,
وظاهر الأمر أن حاكم الدولة هذا لم يحكم بقتله أصلا على السعاية ولا على تسبب القتل
والظاهر أنه لم يقع وإلا لذكروه بل وهنا الطامة الكبرى فقد قتله على الردة المغلظة
!!! وعدنا إلى مسألة التكفير الأولى, وإنا نقول لا يخرج من الإسلام أحد من غير أن
يرغب بالخروج منه طائعا غير مكره وما سوى ذلك فلا يحكم بخروجه من غير بيان ومراجعة
وحبس وليس ههنا محل بسط المسألة ويكفي في الدلالة عليه أن الفقهاء قالوا لو أن الذي
وجب عليه الحد كحد الزنا ادعى أنه لا يعلم الحد صدّق بقوله إن كان أمره يحتمل أي
لعموم جهل أو خصوص نص على ذلك الإمام مالك .
إن الأمة الفرنسية على سبيل المثال بعد الحرب العالمية الثانية حكمت بالإعدام على
نحو من 135 ألف من مواطنيها ممن ثبت تعامله مع حكومة "فيشي" العميلة للنازية وكان
قد قتل من الفرنسيين فيها قرابة المليون فلم ينفذ حكم الإعدام بغير 11 ألف فقط فيما
أذكر من عتاتهم وهذا الأصل الذي لا ينكره الدين مؤصل في الاسلام ومغروس في الغرائز
والفطرة الطبيعية للبشرية وكثيرا ما كان الشافعي في احتجاجاته يقول "القرآن ثم
السنة ثم المعقول والقياس" وقد ترك الصحابة قتل عبيد الله بن عمر رضي الله عنه بعد
أن قتل الهرمزان الذي استراب بأمره عشية طعن عمر وكان مناجيا لأبي لؤلؤة المجوسي
فمر بهم عبد الرحمن بن أبي بكر فثارا فسقط من المجوسي أبي لؤلؤة خنجر يُظن أنه الذي
طعن به عمر فبعد أن توفي عمر عدا عبيد الله على الهرمزان فقتله من غير حكومة !
فاختلف الصحابة فيه فقالت طائفة قليلة يقتل وقال أكثرهم يقتل أبوه بالأمس ويقتل هو
اليوم واستشنعوا قتله وألجؤوا ولد الهرمزان على القبول بالدية حتى إذا ما رضي وعفا
حمله الناس على عواتقهم إلى بيته .الطبري وغيره . وأيضا ترك علي رضي الله عنه
القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه حذر الفتنة وترغيبا في التأليف في وقتها . ففي
النوازل كالضرورات أحكام كأحكامها وقد نهى النبي عن قطع الأيدي في الغزو .ولا بد
للأمم بعد الحروب من ترك الكثير من ظاهر الأحكام فضلا عن الاستقصاء في درء الحدود
بالشبهات وهذا أيضا مؤصل في القرآن فقد قال تعالى (وإن طائفتان من المومنين اقتتلوا
...) ومعلوم أن ما أتلف الفريقين في حربهما من مال ودم حكمه الهدر إلا أن يجد امرؤ
ماله بعينه فيرد عليه بل هذا حال البغاة مع الدولة المسلمة الشرعية فما أصابوا من
دم ومال فهو هدر وللإمام إن كان بيت المال يتسع أن يعوض ويواسي أهل الحاجة والعظيم
المصاب .
الثاني : وهو مثال عن طريقة الحكم عقب
النصر في حكم الله تعالى في قطع يد السارق مثلا فإن حققت السرقة كامل شروطها فنحن
لا نتعجل ونتشوف فنقطع من سرق من مزرعة ولا من بيت مهجور ولا من وهبت له السرقة أو
غرمت عنه حتى بعد بلوغ القضية للقاضي كما هو مذهب أبي حنيفة وليس في حديث صفوان بعد
التأمل ما يدفعه وهو مذهب ابراهيم وعامة ما يذهب إليه ابراهيم عن ابن مسعود رضي
الله عنه ومن فقهه ولا قطع على من سرق مال الدولة أو مشاعا ولو ادعى اللص أن السرقة
ملكه أو عارية عنده أو سرقها لحق له عند صاحبها لم يقطع ولا نقطعه إن غرم ثمنها
بنفسه لمالكها كما هو مذهب الثوري وأبي حنيفة ولا نقطعه إن تصرف في المسروق حتى
أخرجه عن اسمه أي تغير مسماه كما هو مذهب أبي يوسف ومحمد وفوق كل شيء نأمر قضاة
الشام إن جاءهم سارق أن يلقّنوه أسرقت قل لا كما علم الفاروق عمر رضي الله عنه ...
الخ .وللاطلاع على مقالة حكم قطع الرؤوس في الإسلام .وأيضا مقالة الخلافة الاسلامية
ليست عقدا مؤبدا مع جواب الشيخ مرهف عبد الجبار السقا عن اعتراضه عليها
http://islamsyria.com/portal/consult/show/640
باختصار شديد إنا رحماء بأمتنا ما أمكننا إلى ذلك سبيلا كثيري المشاورة كما علمنا
من ليس به حاجة إلى المشاورة وقد كان أكثر الناس مشورة لأصحابه صلى الله عليه وسلم
ولا عبرة بمشورة بعض الدولة بعضا فالمشورة لقاح العقول وتحتاج في التلقيح إلى مشورة
من لا يرى وجهة نظرك ومن يعلم كثيرا مما تجهل حتى تطلع على بيان الحقيقة اتباعا
لرأي غيرك أو وثوقا بصحة مذهبك وخاصة في هذا العصر وبعد هذه المحن التي تشيب منها
الولدان والعالم كله يترقب فينا أدنى زلل أو أدى ما يشنع به علينا وعلى ديننا
الحنيف لصرف وجوه شعوبهم عنه ولعمر الله لئن كان تطبيق حد واحد خير لأهل الأرض من
مطر 40 يوم فإن إسلام واحد خير مما أنبته ذاك المطر وأشبع و"لئن يهدي بك الله رجلا
واحدا خير لك من حمر النعم" وفي هذا القدر كفاية لمن لاحظته عين العناية .