حدد موقعك من الإعراب

هبة عبد الحليم النتشة

هبة عبد الحليم النتشة

إن ما نلفظه من أفواهنا يعبر عما نُفكرُ بِه ، وعما نَحن عليه بالحقيقة . لكن في الآونة الأخيرة، في وسط التزاحم الثقافي والاجتماعي التكنولوجي، أَرى للشخص أكثر من وجه، كالمنافق ضِد النفس، وكأَنه عالم ممزوج بين هو وشخوص أخرى. فها أنا اجلس مكاني في هذا العالم الافتراضي وأترجم العبارات التي ينطقها أقران عَصري فأرى من الحال أَلف حال ومن النَّفس أَلف نفس ومن الشخص عِدةُ شُخوصٍ مَعي غَير الذي مع غيري.

 يا أخي، حَدد مَوقعكَ مِن الإِعراب، فهل أنت في محل جرٍ (تُحركك الدنيا إلى ما تريد وتَجرك النضالية وقت ما تريد، والحزبية حين تَندلع وجهات النظر، والتأسلمية حين تبدأ خطب الجمعة) ، أَم أنت في محل نَصب (منصوب عليه وضحيتُ الواقع المُر... ضَحيتُ الوطن الذليل، والحكومة المتقاعسة، وفي مُعظم الوقت كِليهما) ، أَم أنت في محل رَفع (تَبحث عن الرِفعة والتَّقدم والتجديد، تبحث عن النجاة من غرقٍ مرير) ، أم أنك في مَحل السكون (فلا يوجد أمر يسعدك بالبقاء) ـ أن تكون في محل جرٍ، نصبٍ، أو رفع، أو في محل سكون فالأمر طبيعي، لكن ينحصر تفاجئي أن أَرى الشخص لا محل له من الإعراب!!. نِضاليٌ وحزبيً وإسلامي وفي بِضع أَوقاتهِ نَقابي، وفي كل مرة يبادلُ ثُنائية الأمر. هو كالضحية بين كل هذا وذاك، يتلقفهُ الجهل، ولا وجود لرأيه بل إن الأمر نسخ ولصق، للكلمات وللأفكار ولكل أمر، إننا مُجرد ضحية لِوجهات النَظر... أم أَن كل هذا ضحية الإعلام المجتمعي ؟

 ربما الأرجح هو الجهل في عصر النهضة، للأسف أنا اشعر بأن الوطنية والقومية والدين، ما هي إلا أكاذيب تشتعل في هذا العصر، لذلك حدد موقعك من الإعراب لكي تكون أنت ونكون نحن وتستمر الحياة بالطريقة التي نود...