رسالة مهمة إلى قادة الجبهة الإسلامية ومشايخ الثورة

عبد الله المنصور الشافعي

رسالة مهمة

إلى قادة الجبهة الإسلامية ومشايخ الثورة

عبد الله المنصور الشافعي

بسم الله الرحمن الرحيم ... أرجو من القارئ الكريم أن يولي هذه المقالة عنايته ويكلف النفس بالاطلاع على ما فيها من روابط مهمة لفهم المسألة 

كمقدمة لا بد منها ليعلم الجميع أني شامي لا أنتمي إلى فئة حزبية أو جماعة جهادية فلست سلفيا ولا إخوانيا ولا قاعديا وتجدني والله شهيد أقرب لإخواني من أهل المذاهب كوني شافعي المذهب ولإخواني المجاهدين الشاميين 

ولكني لا أرى بدا من قول الحقيقة واستناج العبرة مما تلخص عندي من معطيات بتجرد وإنصاف 

في آب 2011 حذرت المعارضة من أن الفرصة لطلب تدخل الناتو عقب تحرير طرابلس وسقوط القذافي ربما لا تعوض لأسباب شرحتها في حينها وبعد كل ومضة أمل سياسية إثر فاجعة أو مستجد من حادث مهم كتنصيب الخطيب مثلا كنت أعاود التكرار والبيان ، وشرحت للمعارضة وللشيخ العرعور مدى أهمية طلب الناتو في آب 2011 وبعده وأبنت أن في تعجيل حسم الأمر كل الخير من حقن الدم ودرء الفتن ومنع التطرف وصون بيضة البلاد ورأفة بالعباد ... الخ  وأجبت الكثيرين ومنهم الشيخ حاكم المطيري عضو مجلس الأمة الكويتي عن جواز الاستعانة بالناتو فلم يقنع لهذا غير الشيخ عدنان حفظه الله فغير موقفه من رفض التدخل الخارجي الجوي إلى القبول به والدعوة إليه اتباعا منه لرغبة ثوار الداخل وطلبهم وذلك بعد شهرين أو ثلاث من توالي الكتب إليه والله أعلم . ومن هنا أتقدم من جديد إلى الشيخ عدنان وقادة الجبهة الإسلامية وشرفاء المعارضة والمخلصين فيها بالنصح والتحذير من خطر جديد لا يقل خطورة عن -النصح- الأول وعواقبه 

فأقول مستعينا بالله تعالى ولا حول ولا قوة إلا بالله كان قادة الغرب يلتمسون من رفضهم للتدخل في سوريا كما فعلوا في ليبيا أمورا لا تخفى خلاصتها حماية الحدود الجنوبية وأيضا المنع من ترسيخ نظام ديموقراطي (شوري)

في المنطقة مما قد يفتح الباب على مصراعيه وخاصة بعد قيام هذا في مصر على دول المنطقة لاستنساخ التجربة فكانت خطة الغرب العمل على حل "سياسي" لإقامة نظام ظاهره الديموقراطية وباطنه الدكتاتورية أي يحكم فيه المدنيون بقانون ديموقراطي وتعطى فيه الحريات بمقدار ويحرس هذا النظام الجيش (النظامي الطائفي) من أن يتعدى طوره أوما يسمح له به الغرب وانخدع المجلس الوطني لأسباب ليس ههنا محل بسطها بهذه الخطة وعمل عليها وبذلك فوت أعظم فرصة لتدخل الناتو وعذر الغرب وقدم له صك براءة أمام رأيه العام وصحافته ، والذي يهمنا هو أن هذه السياسة فشلت كما أوضحت ذلك تماما من قبل -بفضل الله تعالى وهديه لا بحول مني ولا قوة- وتسبب فشل الخطة في استقطاب المجاهدين تلبية لنداء رب العالمين أو ما يطلقون عليهم القاعدة أو المتطرفين ووقع الغرب وأتباعه العرب في حيص بيص وفي شر عملهم (ولا يحيق المكر السيء الا بأهله) 

فالذي يعنينا الآن بعد المقدمة هو أن العرب والغرب باتت خطته هي التالي : ضرب المجاهدين بعضهم ببعض والتحريش بينهم لضرب الدولة بعد حملة إعلامية اجتمع عليها النظام وعملائه والغرب والعرب بل والمعارضة بما فيها الإخوان أنفسهم !!! ومع تعذر هذا السبيل وعدم تحقيق ما عقد فيه من آمال راح الغرب والعرب على العمل على خطة فحواها  إفراد الدولة والنصرة في مواجهة النظام والميليشيات ولهذا لا يمنع لهذا الغرض الانسحاب "التكتيكي" وتركها أحيانا تخوض غمار الحرب وحدها والخطير في الأمر أن هذه الخطة تُشتم من تصرفات بعض الأفاضل وتصريحاتهم وكأنها سولت لهم أنفسهم والحاجة الماسة لدعم غيرهم فزينت لهم القبول بالخطة تلك حتى إذا ما أنهك الفريقان حملنا باعتقادهم بمجاهدي الحر على بقايا النظام فأنهيناه وكان لنا بذلك شرف تحقيق النصر وأيضا نكون قد حددنا من قوة القاعدة في سوريا والتي يشكل أصحابها ولا ريب عقبة كؤود أمام بناء الشام .

إني لا أملك دليلا قطعيا على الذي أقول ولكني كما ذكرت أستشرفه وأحسه من بعض المواقف والأقوال والأفعال والتي بمجموعها تدل عندي دلالة قوية على هذا النهج المتبع وأقول محذرا لقادة الجبهة الاسلامية والشيخ عدنان والإخوان ومن معهم إن الذي تحاذرون منه ستقعون فيه على أكمل وجه كما حصل تماما مع خطة الغرب فتخاذل الجبهة وتراجعها وتركها الصراع -ليس بالكلية طبعا ولكن كبره وبداءته- للدولة سيؤدي قطعا إلى ازدياد شعبية الدولة وتهافت الشباب الصادق عليها بل ولن يتأخر انشقاق بعض الكتائب الصادقة عن الجبهة ولحوقهم بركب الجهاد مما يكرس ولا ريب المشكلة ويوقع أصحاب الخطة فيما يحذرون منه كما سيؤدي هذا إلى فتنة أخرى وهي تأصيل الشقاق بين الطرفين وتعميق هوة الخلاف بينهما مما يصعب تداركه في المستقبل كيف لا وأقل ما سيرمى به خصوم الدولة الخذلان واتباع مخطط آل فلان 

لقد كتبت غير مرة عن سبل التعامل مع القاعدة في الشام وليس بي حاجة إلى التكرار ومن شاء فليراجع صفحتي (مقالة الفتنة : الخطر الأكبر على الثورة ، حتى لا تشعل داعس ما أشعلته الغبراء وداحس ، الخلافة الإسلامية ليست عقدا أبديا) ، وأجدد في مقالتي هذه الدعوة إلى تشكيل وفد من العلماء مرضي ترضى بشيوخه الدولة والجبهة يكون موضع وفاق بين الطرفين لقطع الألسن ووأد الفتنة وخاصة أن كلا الطرفين يدعو للتحاكم ويزعم أن الطرف الآخر هو الذي يأبى الحكومة وأكرر قول حكماء الغرب "لاتنشروا غسيلكم القذر أمام الناس" مثل يراد منه أن الخلافات الداخلية بين فئة أو أمة لا ينبغي أن تشهر وتطرح على الملأ وإنما سقت مثلهم زيادة في التحريض على العمل بما أمرنا به ربنا سبحانه وتعالى ونبينا ثم سلفنا الصالح من إصلاح ذات البين ونبذ الفرقة المفشلة والإسرار في التناصح والاقتصار في التخاصم على رفعه أمام القاضي لا أمام الشاشات والصفحات .