زهرة عراقية في كأس العالم

كاظم فنجان الحمامي

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

في العراق عشرات الحدائق المزدانة بأجمل أنواع الزهور العلمية والفنية والأدبية والرياضية, لكنها للأسف الشديد, لم تلق الرعاية والعناية, فتذبل في مواسم ربيعها, وتموت مبكراً بمناجل التصحر الفكري, التي تنتجها المؤسسات البليدة المنشغلة هذه الأيام برهانات المحاصصة الطائفية.

كانت الزهرة (أنفال أحمد كمال) أبهى ورود القرنفل في جنائن الذكاء والمواهب الواعدة, تألقت بعطرها الفواح في الفردوس الماليزي, الذي اشتركت فيه (54) دولة, بمسابقة (يوسي ماس) (1) العالمية للرياضيات. فازت فيها (أنفال) بالمركز الثالث في الترتيب العالمي, فرفعت علم العراق من دون أن يعلم العراق.

رفعت رؤوسنا عالياً فوقفنا معها كلنا, وصفقنا لها طويلاً لما حققته من إنجازات باهرة على صعيد المنافسات الشبابية والطلابية للأعمار دون (12) سنة, اشتملت على مفاهيم جديدة لتنمية القدرات الذهنية عند صغار السن, يطلق عليها أحياناً: (المفهوم العالمي لنظام الحساب الذهني), ويعبر عنه بأحرف (يوسي ماس)(2).

تهدف هذه البرامج إلى تعزيز ثقة التلاميذ في قدراتهم العلمية, ومساعدتهم على كسر حواجز الخوف من مادة الرياضيات, عن طريق استعمال طرق علمية مجربة, ثبت نجاحها في المعاهد العلمية المتقدمة من عشرات السنين.

خضعت هذه البرامج عام 1993 للتطوير في ماليزيا على يد العالم (زهو زوان), وحققت نجاحاً مثمراً في الحياة الأكاديمية لملايين الطلاب من مختلف بلدان العالم, وهي في حقيقة الأمر تعتمد على الجمع بين المفهوم الصيني القديم, والأبحاث العلمية الحديثة لإجراء عمليات حسابية سريعة ودقيقة بالاستعانة بالأنماط البسيطة جداً, كعداد (أباكوس) الصيني, وهي آلة حسابية يدوية تحتوي على صفوف مزودة بخرزات ملونة, يحركها الطالب بأصابعه, وفقا لبرنامج علمي لتنشيط المواهب الذهنية للطلاب وتنميتها, بتحفيز القدرات العقلية المخزونة في الدماغ.

يشترك الأطفال العباقرة الذين يتجاوز معدل ذكائهم المستوى المتوسط (أكثر من 125), وأقل من (130), فيدخلون المسابقة المفتوحة في ماليزيا, وتحسم النتائج لصالح الأفضل والأسرع والأذكى والأدق, من دون محاباة, ومن دون تحيز ولا تميز.

وهكذا كان النجاح الفائق حليف زهرتنا الجميلة (أنفال), التي لم تتحدث عنها فضائياتنا حتى الآن. وربما لم يسمع بها أحد رغم فوزها الكبير, ورغم تألقها في المحافل العلمية المفتوحة.