الخليج في المشهد المصري

الخليج في المشهد المصري

محمد جلال القصاص

 لم يعد سرًّا أن الخليج لا يدعم الإسلاميين ضد العلمانيين، أو لا يصدر ثورة إسلامية سلفية للبلدان العربية، وإنما يبحث عن مصالحه الخاصة. وعلينا أن نميز بين مرحلتين خليجيتين: 

الأولى: معالجة الداخل الخليجي، فقد كان الخليج منكفئ على نفسه، ولا يسعى لتبني سياسة خارجية، فلم تكن الدبلوماسية الخليجية تعمل خارج الخليج، على الأقل ظاهريًا. وكان الأثر الخارجي للأفراد، أو الجمعيات الأهلية، وانكمش تمامًا بعد أحداث سبتمبر. 

الثانية: بعد ثورات "الربيع العربي": تحرك الخليج للعب دور "القاطرة" في الأمة العربية، وتبنى دورًا خارجيًا، وهي المرحلة الحالية. والسؤال: كيف يتحرك الخليج في المشهد المصري الآن؟

باختصار: يدعم عددًا من القوى بهدف إيجاد كيانات متصارعة تحافظ على إرباك المشهد المصري؛ بل تفجيره، ليعلم القوم في الخلج وفي غير الخليج أن الثورة لا يأتي منها خير، وأن على الجميع أن يرضى بالموجود ويستسلم له، يحمي نفسه بأذية غيره. وهذه القوى هي:

=الإنقلابيون، الشق العسكري منهم والشق المدني، وقد تقدم منسق حركة تمرد بالشكر علانية للخيلج على شاشات التلفاز. 

= ويدعم عددًا من المنتسبين للسلفية، وتدبر معي:

=من هؤلاء من أسميهم بالمرتشين الجدد، وهي طبقة من السلفيين المنتسبين لطلب العلم، تم توظيفهم في وظائف خليجية في مصر وخارج مصر، هذه الوظائف لها علاقة مباشرة بالعمل الدعوي، مثل الفضائيات "الإسلامية"، ومثل "مراكز بحثية سلفية" في مصر وفي الخليج. 

ولا تستخف بالأمر: فهؤلاء بعد البطالة وكآبة الحياة، حققت لهم هذه الوظائف منافع مادية ومنافع سيادية (شهرة صحبها وضع اجتماعي مميز)، ولذا هم يحافظون على وضعهم؛ ومن يدعمهم يفهم هذا الأمر. وخير هؤلاء من صمت في هذه الهجمة الشرسة من العلمانيين على الإسلام في مصر. 

= ويدعم الخليج الملحقين على المشهد السلفي في مصر، كبعض المنشغلين بالصحافة الإلكترونية. ومن ثمراهم تعرفونهم. 

= ويدعم الخليج طائفة من "رهبان" السلفية، أو من المنتفعين سلفيًا عن طريق العمل في المساجد. أولئك أصحاب مبدأ "الكفر كفران"، مرجئة الحكام، وتتفق معهم، ولا يهم أن تتفق معهم أو تختلف فقهيًا، المهم أنهم عمليًا يثبتون أركان الظلم باسم الدين، أحجارًا تلقى على أقدام السائرين الثائرين.

= ويدعم الخليج العمل السياسي السلفي المتحالف مع القتلة والمعادين، ولم يعد سرًّا، وهم يحلفون أنهم ما تلقوا من دولة "س"، وهم قد تلقوا من دولة "ص"، ولذا فإني أتحدث عن الخليج ككل. 

ثمرة هذا الدعم هو تفتيت المشهد المصري، وصد الجادين الطامحين لحرية المواطن المصري والتمكين لدين الله في الأرض، وكل هذا الهدر لأموال المسلمين وأرواحهم وأوقاتهم حتى لا يتحرر الخليج. 

سأعود مرة بعد مرة -إن شاء الله- لعرض المشهد من زوايا أخرى تتعلق بالخطاب ومضمونه، وكيف لا تظهر نظرية التآمر مع وجودها، وكيف أنه التقاء مصالح، وكل يبكي على ليلاه.