اليمن: سجل قاتم وطويل من انتهاك الحريات الإعلامية
71 حالة انتهاك تعرض لها الصحفيون في خلال العام 2023
ذكرت منظمة "صحفيات بلا قيود" انها رصدت (71) انتهاكا تعرض لها الصحفيون خلال العام 2023، تضمنت اعتقال وإخفاء قسري، واعتداء جسدي ونفسي، ومحاكمات واستدعاء وتهديد وتعذيب، وغيرها من صنوف الانتهاكات الجسيمة.
وقالت منظمة "صحفيات بلا قيود" تواجه الصحافة اليوم أخطار جمة وتحديات غير مسبوقة ويزداد الوضع سوءًا عامًا بعد عام، ونشهد تراجعًا هائلاً في الحريات الإعلامية وتُعد الأحداث الجارية انتكاسة كبيرة للحرية الصحفية، تعيدنا عقودًا إلى الوراء.
إن تدني الأرقام في عدد ضحايا الانتهاكات بحق الصحفيين خلال عامي 2022 و2023 لا يعكس حالة من الاستقرار أو نقص في مستوى الانتهاكات بقدر ما هو ناتج عن السطوة الحديدة التي تنتهجها الأطراف المتنازعة بتعاملها مع أي شكل من أشكال العمل الصحفي وهو الأمر الذي تسبب بإغلاق كل مكاتب وسائل الإعلام الأهلية والخاصة التي كانت تعمل إلى ما قبل انقلاب مليشيا الحوثي في سبتمبر 2014، ناهيك عن فقدان غالبية الصحفيين لأعمالهم و اضطر عدد منهم للنزوح والهجرة؛ وبالتالي فإن الحديث بلغة الأرقام ليس مجديا على الأقل في الوقت الحالي، فعلى مدى تسعة أعوام من الحرب يعمل الصحفيون في بيئة غير آمنة، تعرضوا فيها للقتل والتعذيب والإخفاء القسري.
وبينت "صحفيات بلا قيود" أن الانتهاكات المسجلة خلال العام 2023 تنوعت ما بين محاكمات واستدعاءات بلغت (17) حالة انتهاك ما نسبته 23.94% من إجمالي الانتهاكات و(13) حالة اختطاف واعتقال واحتجاز ما نسبته 18.30% و(12) حالة قطع وفصل لشبكات الانترنت بنسبة 8.52% و حالات تهديد وتحريض بواقع (9) بنسبة 16.90% وتعذيب بواقع (7) بنسبة 9.85% واقتحام ونهب وعبث بالمؤسسات الإعلامية بواقع (5) بنسبة 7.04% من إجمالي الانتهاكات، ومنع من الزيارة والتواصل وحرمان من الرعاية الصحية للمختطفين بواقع (4) ما يمثل نسبته 5.63% من إجمالي الانتهاكات وحالتان اعتداء جسدي بنسبة 2.81% وحالتان إيقاف رواتب بنسبة 2.81% وحالة اضراب عن الطعام بنسبة 1.40 %.
بيئة خطرة
قالت منظمة "صحفيات بلا قيود" ان أطراف النزاع سعت إلى فرض سيطرتها الكاملة على كل وسائل الإعلام في المناطق الواقعة تحت سيطرتها واستخدامها لأغراضها الحربية ناهيك عن فصل وقمع والتضييق على الصحفيين المعارضين لسياستهم وتوجهاتها واعتبارهم خصوم.
وأضافت: في السنوات الأخيرة تعرضت الحريات الإعلامية للتجريف والتهجير إذ صنفت اليمن ضمن أسوأ الدول في العالم في انتهاك الحريات الإعلامية.
ووفقا للتقارير السنوية الصادرة عن منظمة "صحفيات بلا قيود" حول الحريات الإعلامية فإن عدد الانتهاكات التي رصدتها منذ 2014، بلغت (1657) حالة انتهاك من بين ضحاياها (51) قتيل، بالإضافة إلى تعرض المئات من الصحفيين للاعتقال والاخفاء القسري والمحاكمات والاعتداءات والتهجير وإغلاق ونهب مقرات الصحف والقنوات الفضائية.
وقالت المنظمة: إننا نضع هذه التقارير الحقوقية حول الانتهاكات أمام الرأي العام وأمام المنظمات المعنية بحرية الرأي والتعبير والحريات الصحافية؛ لنطلعهم على حجم الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الصحفيون والإعلاميون في اليمن، داعية تلك المنظمات للعمل على حماية الصحفيين وتقديم المساعدة والحشد والمناصرة للتضامن معهم.
الإفلات من العقاب
خلال سنوات الحرب الأخيرة وثقت منظمة "صحفيات بلا قيود" 51 حالة قتل تعرض لها صحفيون وفي بعض الأحيان تم استهدافهم بشكل متعمد أثناء تأديتهم لعملهم المهني وعلى الرغم من ذلك لم تشهد بلادنا أي عملية تحقيق أو محاسبة لمرتكبي تلك الجرائم!
مرت الذكرى الثالثة لاغتيال المصور الصحفي نبيل القعيطي، دون تحقيق العدالة، وسط إهمال وتسيب من قبل الجهات الرسمية. في 2 يونيو 2020، قُتل القعيطي أمام منزله في مديرية دار سعد بمحافظة عدن برصاص مسلحين مجهولين. وعبرت أسرة القعيطي عن استيائها من عدم وجود أي تقدم في التحقيق في القضية، مؤكدةً أن كل ما تلقاه من النيابة العامة هو عدم الاهتمام وجاء في بيان صادر عن الأسرة بمناسبة الذكرى الثالثة لاغتياله: "إن قضية اغتيال نبيل لا تزال عرضة للإهمال، ولم تتحرك قيد أنملة، وكلما ذهبت أسرته للنيابة العامة للمتابعة لا تجد إلا عدم الاهتمام، وهو أمر يحز في نفوسنا ونفوس كل محبيه." وطالبت الأسرة بفتح تحقيق شفاف في القضية وتقديم الجناة إلى العدالة
بحسب منظمة "صحفيات بلا قيود" في تقريرها السنوي حول الحريات الإعلامية للعام 2023، فقد ارتكبت مليشيا الحوثي (35) حالة انتهاك بنسبة 49.29% من إجمالي عدد الانتهاكات و(20) حالة انتهاك ارتكبتها القوات والتشكيلات العسكرية والأمنية الموالية للحكومة المعترف بها دوليا ما شكل نسبته 28.16% من إجمالي عدد الانتهاكات و (12) حالة انتهاك ارتكبتها مليشيا قوات الحزام الامني التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي بنسبة 16.90% و (3) حالات نفذها مجهولون بنسبة 4.22%.
تُحذّر منظمة "صحفيات بلا قيود" من أن الإفلات من العقاب على الجرائم ضد الصحفيين يُشكل مشكلة خطيرة. فاستمرار هذه الظاهرة يُفاقم من حدة الانتهاكات، كما هو الحال في بلدنا، حيث أدّى إلى تراجع مريع في العمل الصحفي ككل، بما يعنيه ذلك من حرمان الجمهور من حقه في الحصول على المعلومات.
تُشير "صحفيات بلا قيود" إلى أن صمت المجتمع الدولي تجاه هذه الانتهاكات الجسيمة ساهم بشكل كبير في تفاقمها؛ فغياب المساءلة يُشجع الجناة على الاستمرار في ممارسة جرائمهم الوحشية ضد الصحفيين، من قتل وتعذيب واختفاء.
تُعرب المنظمة عن أسفها الشديد لهذا العجز المُخزي من قبل المجتمع الدولي في التصدي لهذه المشكلة، وتُؤكد على ضرورة محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات حتى ينالوا جزاءهم العادل، كونها جرائم لا تسقط بالتقادم.
محاكمة الصحفيين
مثلت محاكمة واستدعاء الصحفيين من قبل الجهات القضائية الأكثر شيوعا بين أصناف الانتهاكات التي تعرضوا لها خلال الصحفيون إذ سجلت "صحفيات بلا قيود" (17) حالة ما نسبته (23.94) خلال العام 2023.
استخدمت أطراف النزاع القضاء للتضيق على الصحفيين ووسائل الإعلام، إذ صدرت أحكام قاسية من بينها أحكام بالإعدام بحق صحفيين.
في 9 يونيو 2023، أصدرت النيابة الابتدائية في محافظة مأرب أمرًا بالقبض على ثلاثة صحفيين للتحقيق معهم، وهم:
أحمد عايض، رئيس تحرير موقع "مأرب برس".
علي الفقيه، رئيس تحرير موقع "المصدر أونلاين".
محمد الصالحي، رئيس تحرير صحيفة "مأرب برس".
وجّهت للصحفيين الثلاثة تهم متعلقة بقضايا نشر تناولت توظيف النائب العام السابق ورئيس مجلس القضاء الحالي "علي الأعوش" لأقاربه في السلطة القضائية.
في 5 يونيو 2023، استدعى جهاز الأمن والمخابرات بمحافظة عمران الخاضعة لمليشيا الحوثي الصحفي فهد الأرحبي، على خلفية نشر قضايا فساد.
كما رفضت مليشيا الحوثي الإفراج عن الصحفي نبيل محمد السداوي، على الرغم من انتهاء مدة عقوبته في 8 سبتمبر 2023، قضى السداوي ثماني سنوات في السجن والاختفاء القسري، قبل أن تصدر محكمة تابعة للحوثيين حكمًا غريبًا يقضي بوضعه تحت رقابة الشرطة بعد إطلاق سراحه، كما أمر الحكم بتوجيه الجهات المعنية بتأهيل السداوي ثقافيًا وسلوكيًا وفكريًا وتربويًا بالتعاون مع وزارة الأوقاف!
منظمة "صحفيات بلا قيود" استنكرت استخدام أطراف النزاع للقضاء كوسيلة لترهيب الصحفيين، مؤكدة رفضها المطلق محاكمة الصحفيين بسبب قضايا نشر أمام محاكم غير متخصصة بقضايا الصحافة والنشر ودون توفر أدنى فرص العدالة.
وسوم: العدد 1066