إن الذي أغرى الحداثيين بالتجاسر على الدين تعطيل وزارة الشأن الديني فريضة النهي على المنكر
إن الذي أغرى الحداثيين بالتجاسر على الدين تعطيل وزارة الشأن الديني فريضة النهي على المنكر وتسريحها الخطباء والوعاظ الذين يضطلعون بها
لقد كشف الجدل الدائر بخصوص موضوع مدونة الأسرة عن استقواء فئة الحداثيين التي اغتنمت فرصة مراجعتها من أجل الضغط لتمرير ما يسمى شرعا فواحش ينكرها شرع الله تعالى بنصوص الكتاب والسنة من قبيل ما يسمى رضائية ، وهو زنا تلطيفا لوقعه السيء في نفوس المغاربة ، ومن قبيل ما يسمى مثلية، وهو فاحشة قوم لوط تلطيفا أيضا لوقعه الأسوء والمقرف في النفوس السوية .
وما كان لهذا اللوبي الحداثي الداعي إلى تفكيك المنظومة الأخلاقية ببلادنا التجاسر على المجاهرة بمثل هذا الانحلال الخلقي الفظيع ، والمطالبة به تحت ذريعة المطالبة بالحريات الشخصية ، لولا تعطيل الوزارة الوصية على الشأن الديني فريضة النهي عن المنكر التي هي شطر من خصوصيات الأمة المسلمة مصداقا لقوله تعالى واصفا هذه الأمة : (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) ، ومعلوم أن العلاقة جدلية بين الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، بحيث أن كل أمر بالمعروف ،هو بالضرورة دفع للمنكر ، و العكس يصح أيضا . ولقد قدم الله تعالى ذكر فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ذكر الإيمان تنبيها إلى أهميتها . ولا خير في أمة الإسلام إلا بصيانة هذه الفريضة ، ذلك أن الإيمان لا يكتمل أو لنقل لا يصح مع تعطيلها ، كما ان القيام بها دون إيمان لا يستقيم به أمر الأمة .
ومعلوم أن الشريحة الحداثية التي تروم شرعنة التطبيع مع الفواحش، هي عبارة عن جبهة متقدمة للعلمانية والحداثة الغربية التي تريد اكتساح بلاد الإسلام شرقا وغربا بقيمها الداعية إلى الانحلال الخلقي ، وعلى كل أنواع التفسخ ، والاستهتار بقيم ديننا الصائنة لكرامتنا .
وهذه الشريحة بالرغم من قلتها التي لا تكاد نسبتها بعد الصفر والفاصلة عن يمينه تعني شيئا حين تقارن بالسواد الأعظم للأمة الذي ينبذ بشدة مروقها من القيم الإسلامية ،قد صنع منها الإعلام المأجورعلمانيا بعبعا يهدد استقرار منظومة قيمنا الإسلامية بطرق مستفزة للمشاعر الدينية للسواد الأعظم دون أن تتحرك الجهات المسوؤلة من أجل وضع حد لهذا الاستفزاز السافر .
ومقابل الحرية المطلقة التي تحظى بها هذه الشريحة الحداثية المارقة ، نجد الوزارة الوصية على الشأن الديني تضيق على الخطباء والوعاظ كأشد ما يكون التضييق حين يجاهرون فوق المنابر المخصصة شرعا لخدمة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهي فريضة إذا ما غيّب صارت تلك المنابر مجرد قطع خشبية تُعتلى لإلقاء كلام يتنكب فضح المنكرات التي يجاهر بها وبكل وقاحة هؤلاء الحداثيون ، والذين مهدوا للمطالبة بالفواحش أول الأمر بالتجاسر على أئمة الحديث ، وعلى رأسهم أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري رحمه الله تعالى ، و قد اعتبروه مجرد وهم أو أسطورة ، ثم تجاسروا بعد ذلك على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجرحوهم أيما تجريح ، وانتهى بهم الأمر إلى التجاسر على أحكام ورادة في آيات محكمات من كتاب الله عز وجل مطالبين بتعطيلها ، واستبدالها بما تمليه عليهم حداثتهم وعلمانيتهم .
ولقد أقدمت وزارة الشأن الديني على عزل خطباء لتناولهم في خطبهم انتقاد على سبيل المثال لا الحصر منكرات المهرجانات الماجنة ، وقد جعلت عزلهم عبرة لغيرهم حتى لا يطرق مثل موضوع تلك المهرجانات أو غيره من المنكرات ، وفي هذا تشجيع واضح لمطالب الحداثيين ، وهو ما يعني صراحة تعطيل فريضة النهي عن المنكر . ولقد لحق العزل أيضا كل خطيب نهى عن منكر صارخ وشائع في المجتمع ، نزولا عند رغبة أصحاب مثل هذه المنكرات من دعاة الفواحش , و دعاة معاقرة الخمور ، ودعاة العري ، ودعاة الإفطار العلني في شهر الصيام ... إلى غير ذلك من السلوكات المنحرفة التي تأنف منها الفطر السليمة ، فضلا عن قضايا أخرى تعتبرها الوزارة خطوطا حمراء بالرغم من شناعتها الصارخة . ولا توجد وزارة تتصرف مع العاملين فيها بمثل ما تتعامل به وزارة الشأن الديني مع الخطباء والوعاظ من صرامة، وشدة، وقسوة بحيث لا تراعي فيهم ما يقضونه من مدد طويلة في توجيه الناس إلى ما يصلح أحوال دينهم ودنياهم . ويبدو أنها تتربص بهم ، وتتحين الفرص من أجل إبعادهم عن المنابر ، كلما نهوا عن منكر من المنكرات، خصوصا ما يتعلق منها بمطالب شريحة الحداثيين التي اختلقت لنفسها مظلمة اجتماعية تحت ما تسميه بالحريات الشخصية ، وقد سوقت هذه المظلمة إعلاميا على نطاق واسع، بحيث لا يمر يوم دون أن تطلع علينا منابر إعلامية مشبوهة بأحاديث عن هذه المظلمة المختلقة .
ومع وجود علماء يعملون مع الوزارة الوصية على الشأن الديني ، فإن بعضهم لا يحرك ساكنا بخصوص إنكار المنكرات ، وليست لهم مواقف رافضة لإيقاف الخطباء والوعاظ الذين ينكرون المنكرات ، بل إن بعضهم ربما يرضيهم ما تقدم عليه الوزارة من عسف ، و ربما قد يحمد بعضهم ذلك لسبب أو لآخر . وإن منهم اليوم ـ وقد استقوت اليوم شريحة الحداثيين المطالبين بشرعنة الفواحش ـ تضج أصواتهم بإنكارها ، وهم الذين وقفوا بالأمس موقف المتفرجين على صرف الوزارة لخطباء ووعاظ عن المنابر من الذين كانوا ينكرونها ، وينكرون غيرها مما يفوقها خطورتها على دين الأمة ومصيرها . وعلى هؤلاء ينطبق المثل القائل : "ألا إني أكلت يوم أكل الثورة الأبيض" ، أو القائل : " الصيف ضيّعت اللبن " ، ولا شك أنهم سيندمون ، ولات حين مندم ،وقد سكتوا على عسف وزارتهم الذي لحق العديد من الخطباء والوعاظ، وهم الذين استأمنهم الله تعالى على قول الحق والانتصار له .
وسوم: العدد 1075