سينفرط عقد منظومة الظلم والاستهتار.. وستبقى الشعوب

سينفرط عقد منظومة الظلم والاستهتار..

وستبقى الشعوب

نزار حسين راشد

أسئلة كثيرة معلّقة في ذهن المواطن العربي، وهو يلتمس الإجابة عليها عند المحللين السياسيين، سواء على الفضائيات أو في الصحف، وهو يريد من المحلل السياسي أن يكون متنبّئاُ، وأن يُزوّده بإجابات نهائية تريحه، وتقطع دابر الشك المسلّط على عقله ليل نهار! فهو يريد أن يعرف: هل سيسقط بشّار الأسد؟ هل سيسقط السيسي؟ هل ستعود الأمور إلى نصابها وتعيش الشعوب في سلام وأمان! إنّه يريد لرغباته وأمانيه أن تصبح حقائق، وكم وددت لو أريحه وأجيبه بـ’نعم’، كل رغباتك أخي العربي وأخي المسلم ستتحقق طال الزمن أم قصُر! ولكنّ هذه الإجابة ما كانت لترضيه بأي حال، فتجربته مُرّة، وتاريخ خذلانه طويل، والسقطات والعثرات، لا بل قل الخيانات، علّمته عدم الثقة! فكل من علّق عليهم آمالاً في ما مضى، عقدوا الصفقات من وراء ظهره، وباعوه بثمن بخس دراهم معدودة! 

انظر ما الذي يحدث في فلسطين: عبّاس يُعزّي بالحاخام عوفاديا، ضارباً عرض الحائط بمشاعر الشعب الّذي يفترض أنّه يُمثّله! السيسي يطلق النار على الشعب بسهولة وخفّة مقلدا اسرائيل، فهي لا تستطيع أن تطلق يدها لهذه الدرجة، حتّى على أعدائها من الفلسطينين، بشّار الأسد حرب إبادة شاملة: فإمّا أن أحكمك أو أقتلك! أحكم سورية أو أدمّرها!

المواطن الّذي شمر ذراعيه، وأصبح جزءاً من الحدث، لم يعد قلقاً، فهو قد حسم أمره ونزل إلى الميدان، متظاهراً أو مقاتلاً، أمّا المواطن الّذي لم تواته الفرصة أو نكص عنها، فهو من يبحث عن إجابات!

وحقّه علينا أن نُقدّم له إجابة، ليس إجابة نظرية أو تخميناً أو رجماً بالغيب! ولكن إجابة من واقع سؤاله هو، وواقع الظروف الّتي أنتجته! فالأسئلة لا تولد عادة في الفراغ، وإنّما تصبح ملحّة بفعل تواتر الأحداث، التاريخ نفسه أجاب في مناسبات مختلفة، ولم يتركنا أبداً لحيرة متطاوله، إجاباته كانت دائماً حاسمة وواضحة وجليّة لا تدع مجالاً للشكّ أو المواربة!

قبل أيّام ودّعنا قائد الثورة الفيتنامية، الجنرال جياب، الّذي أوقع بالأمريكان هزيمة مذلّة! ألا ينبؤك ذلك بشيء؟ لا أقول لك أين بينوشيه وستالين وباتيستا؟ لا بل أقول لك من منظور أقرب: أين عبد الناصر والسادات وحسني مبارك؟ وأسألك هل يمكن إعادة إنتاج التاريخ؟ لو كان ذلك كذلك لكان السيسي وبشّار آمنين في قصورهما، ولما كان الناس في الشوارع والميادين، حاملين أرواحهم على أكفّهم، ومستعدّين تماماً لمقايضة الموت بالحريّة!

وإذن فهل يجيب ذلك على سؤلك؟ وهل تظن أن كل وسائل القمع والتحايل في العالم، ستبقي في السلطة ديكتاتوراً ثارعليه النّاس وكرهوه؟ الإجابة عندك وليس عندي!؟

أنا مواطن مثلك وسأجيب نفسي قبل أن أجيبك على كل تلك الأسئلة، لن يبقى السيسي ولن يبقى بشّار، عبّاس سيلحق بعوفاديا وآخرون سيلحقون به، وسينفرط عقد منظومة الظلم والاستهتار الّتي لم تعد تطيقها الشعوب ولا ثانيةً أخرى!

أنا أجبت نفسي فكيف ستجيب أنت نفسك أم هل أقنعتك إجابتي؟