المعارضة السورية وأزمة بناء الصداقة وعقد التحالفات

المعارضة السورية

وأزمة بناء الصداقة وعقد التحالفات

زهير سالم*

[email protected]

سقط عنوان ( أصدقاء الشعب السوري ) وتبين للسوريين أنهم يتحركون على المستوى الدولي والإقليمي بين فريقين : أعداء وأعدقاء . من السهل أن نلقي اللوم في الواقع القائم على الآخر . الآخر المتعدد والمتناقض والمتفرق والذي تحركه مصالحه أو تحكمه التزاماته والذي لم يجد أي طرف فيه لنفسه على الساحة السورية الثورية والسياسية صديقا ...؟!

إن الحقيقة الموضوعية والسياسية تلزم السوريين أن يكونوا أكثر وعيا لأزمتهم الطبيعية والبنيوية التي جعلتهم عاجزين عن بناء صداقات حقيقية وجادة ، وعن عقد التحالفات السياسية التي تساعد ثورتهم على تحقيق أهدافها .

على المستوى الثوري حالة من الانفعال والعاطفية تقود المشهد الثوري يلقي أصحابها الكلام على عواهنه فلا تجد للمتحدثين باسم هؤلاء بوصلة تبني علاقاتهم أو تحدد مواقفهم من الآخرين .

وعلى المستوى السياسي تسود حالة من التنافس المحموم تقود المشهد السياسي ، تجعل الكثيرين يرددون بلسان الحال عبارة سارتر الشهيرة      ( جهنم هي الآخرون ) . يرى لمعارض السوري في  زملائه الآخرين منافسين إلى ما يرى نفسه أولى به فيبادر إلى هدمهم والتشكيك بهم  بكل وسائل الهدم لكل لا يسبقوا إلى ما يتطلع إليه ...

على المستوى الدولي لا يستطيع صانعو القرارات السياسيون والعسكريون أن يتحدثوا عن صديق عالمي واحد يدعمهم بإخلاص كما تدعم روسية بشار الأسد . هذه حقيقة يجب أن تقرع رؤوس صانعي السياسات وتواجههم بعجزهم وتخلفهم وسوء إدارتهم للمعركة السياسية بأبعادها ...

وعلى المستوى الإقليمي وعلى الرغم من وجود الكثير من المشتركات والروابط والمصالح بين الثورة السورية والشعب السوري والآخرين لا يستطيع المتكئون على مواقع قرارات الهيئات والتنظيمات في سورية أن يشيروا إلى صديق إقليمي واحد يدعمهم كما تدعم بشار الأسد إيران !!!

عدا عن أن عددا غير قليل من الدول العربية ما تزال تدعم بشار الأسد وتحلب في إنائه . نحن هنا لا نتحدث عن العراق ولبنان وإنما نتحدث عن الجزائر ومصر و من في الامتناع عن تسميته بعض الحكمة,,,,,,,,,,

من المؤسف أن نقرر أن عدالة قضية الشعب السوري ومظلوميته بكل أبعادها ما تزال ملتبسة عند الكثيرين ، ليس على مستوى الرأي العام العالمي في التشيلي والأرجنتين والولايات المتحدة والغرب الأوربي فقط ؛ بل ما تزال ملتبسة عند الكثير من الجماهير والنخب العربية في بعض دول الفضاء العربي القريب والبعيد . حقيقة أخرى فاقعة تصفع بقوة قدرات السوريين على التواصل المنظم البناء لشرح الحقائق وكسب الأصدقاء . حقيقة فاجعة دولية وقاصمة إسلاميا وعربيا ألا يلقى استعمال الكيماوي في غوطة دمشق بكل صوره الصادمة عُشر ما لقيه العدوان على ميدان رابعة من استنكار . و رغم ذلك لا يزال هناك سوريون يرون كراسي المسئولية تليق بهم ...

بل الأعجب والأغرب في تصوير العجز الكامل عن التواصل وإيجاد الصداقات والأحلاف أن تسمع أحاديث المعارضين بحق بعضهم . فحيثما استمعت تسمع أحاديث التشكيك والتفتيف .

بجدية وموضوعية نتساءل عن تحالف وطني ( منشود ) حقيقي يقوم على الثقة والصدق ، استطاعت القوى السياسية السورية أن تدفع به إلى السطح ليقول المشاركون فيه للناس توحدنا الصداقة الوطنية قبل أن يوحدنا الاتفاق والاختلاف ..

وعلى مستوى أصحاب مشروع الإسلامي على اختلاف شخصياتهم وهيئاتهم وتنظيماتهم نرجو ممن يجد على الساحة السورية هيئة جامعة واسعة تضم – وسط هذه التحديات - أهل الصدق بالصدق أن يدلنا عليه . أليس عجزا شرعيا وسياسيا ألا يكون هناك إطار جامع يجمع في إطاره هؤلاء الذين يجيبون المؤذن عند الأذان  ...

وفي الاتجاه المعاكس يتقدم المشهد السوري في طريق المزيد من التفتيت . فهناك من يتفنن بين السوريين في صناعة الأعداء ، ومن يبرع في تكريس الخلافات وتحويلها إلى منافرات وعداوات . إن تشويه الآخر بكل أشكال التشويه هي طريقة العاجزين للاحتفاظ بجدارتهم التي لا يتفوقون إلا بها . اهدم الآخر واجعل حطامه تلا ترتفع عليه هذه طريقة بعضهم .

وإنه لاستحقاق إنساني واستحقاق شرعي إسلامي وقومي عربي واستحقاق سياسي  بعد ثلاثين شهرا من  الثورة أن يطرح السوريون على ممثليهم في كل البنى والهيئات : من هم حلفاؤنا ؟! ومن هم أصدقاؤنا ؟! وإن لم فلم لا ... كي لا تضيع البقية إن بقي هناك بقية ...    

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية