عائلة الأسير سلمان دراغمة
أحرار:
تزرع الأم الذكريات في عقول صغارها...
ليكبروا ووالدهم فيهم يعيش
لم تقف معاناة حياته التي عاشها عند المطاردة والملاحقة لسنوات فقط، فكان الاحتلال ينوي اغتياله، إلا أنه لم ينجح في ذلك، وعاد لمطاردته إلى أن تمكن من اعتقاله وأصبح في قبضته... وتحقق ذلك بعد عام كامل من المطاردة..
كان ذلك مشوار الأسير سلمان محمد سليمان دراغمة، المولود بتاريخ: 18/7/1972، من محافظة طوباس، والذي اختار درباً كان شاقاً عليه وأسرته، فكان لا يرى عائلته إلا في أوقات قليلة، مما كان له الأثر القاسي والصعب على زوجته وأبنائه.
أم صهيب، زوجة الأسير دراغمة، قالت لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، إنها ومنذ زواجها من أبو صهيب، عاشت وإياه حياة مليئة بالصعوبات، ففي العام الأول من زواجهم، عام 1993 اعتقل الاحتلال زوجها، وكان عمر ابنهما البكر (صهيب) 20 يوماً، وفي ذلك اليوم، أكدت أم صهيب أن اعتقال زوجها كان مفزعاً ومرعباً، وإن طريقة اقتحام الجنود للمنزل كانت غاية في الوحشية..
الاعتقال... كان حدثاً جديداً ولأول مرة في حياة أم صهيب، التي حتم عليها القدر أن تحمل المسؤولية مبكراً، خاصة وإن زوجها كان يقول لها إن دربه صعبة ومحفوفة بالمخاطر ولا بد من أشياء أكبر قادمة، لكن ما كان من تلك الزوجة إلا أن تصبر وتحتمل كل ذلك.
مكث أبو صهيب في اعتقاله الأول عاماً كاملاً، دون أن تتمكن زوجته وابنه ووالديه من زيارته والاطمئنان عليه.
وتواصل أم صهيب حديثها:" خرج أبو صهيب من سجنه، لكننا كنا نشعر بأن الخطر ما زال يحوم حوله، وبأن هناك اعتقالات أخرى وملاحقات للاحتلال له، لكنه في تلك الفترة واصل حياته الطبيعية معنا وواصل عمله موظفاً في الأشغال العامة في أكثر من مدينة، وعاش مع أبنائه صهيب وميسون التي أنجبتها في تلك الفترة".
وفي عام 1996، عادت قوات الاحتلال واعتقلت أبو صهيب من منزله من جديد، وحكمت عليه بعد أيام طويلة في مراكز التحقيق بالسجن 6 أشهر، وكان الاحتلال قد وجه له تهمة الانتماء إلى حركة حماس، وتشكيل مجموعات عسكرية.
عاشت العائلة خلال الاعتقال الثاني لأسيرها فترة انتظار وترقب وتخوف، خاصة مع تكرار اعتقاله بين الحين والآخر، إلى أن خرج من السجن وعادت حياتهم إلى ما كانت عليه في السابق.
فترة من الأمن والأمان عاشتها العائلة بأكملها بعد الأشهر الستة التي قضاها الأسير دراغمة في السجن، إلى أن اشتعلت انتفاضة الأقصى عام 2000، بدخول أريئيل شارون للمسجد الأقصى وتدنيسه، وهبة الشعب في وجهه، والتي بدأت مظاهرها من ساحات المسجد الأقصى المبارك، ليمتد الغضب فيما بعد إلى جميع القرى والمدن الفلسطينية، لتنطلق نشاطات الحركات والأحزاب وتنفيذ عمليات ضد أهداف اسرائيلية.
وتقول أم صهيب:" كان زوجي، قد انضم لصفوف حركة حماس، وشارك بأعمال ضد الأهداف الاسرائيلية، ومن هناك بدأت اسرائيل تلاحقه، وكان العام 2002 بأكمله فترة مطاردة له، وكان منزلنا في ذلك الحين مسرحاً لجنود الاحتلال الذين كانوا يقومون باقتحامه ليل نهار وبشكل مفاجئ.
وفي تاريخ: 13/1/2013، وفي شهر رمضان، كان أبو صهيب قد قدم لبيته خلسة، لرؤية عائلته والاطمئنان عليها، ففوجئوا جميعاً بجنود الاحتلال يقتحمون المنزل من جميع الجهات، ويداهموه بطريقة وحشية وينتزعوا أبو صهيب من بينهم، فكانت تلك الليلة نهاية المطاردة التي عاشها وعائلته عاماً كاملاً.
اعتقل أبو صهيب، وظل عاماً كاملاً ممنوعاً من زيارة عائلته، وظل عاماً كذلك يعرض على المحاكم حتى حكم عليه بالسجن 16 عاماً، تهمة الانتماء إلى حركة حماس، وهو يقبع حالياً في سجن ريمون.
كان الحكم بتلك السنوات على الأسير وعائلته جرحاً وألماً غائراً، وعاش الأبناء الثلاثة: صهيب وميسون وقسام الابن الأصغر، ووالدتهم في ظروف نفسية صعبة.
ومع حكم السنين الطويلة، ومنع إدخال الملابس للأسير، وعزله أكثر من مرة، كان الاحتلال يشدد على زيارة الأسير دراغمة من قبل عائلته حتى الآن، فزوجته مرفوضة "أمنياً" منذ عام 2003، وذلك يشكل معاناة كبيرة بالنسبة لها فهي تريد الاطمئنان عليه وعلى وضعه في الأسر، بينما يذهب الأبناء لزيارته كل شهر أو شهرين.
من جهة أخرى، قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار إن أبناء الأسير سلمان دراغمة يعيشون على ذكريات وحديث عن والدهم من والدتهم التي لطالما حدثتهم عنه ولا زالت، حتى تبقيه في مخيلتهم وتبقي صورته أمام ناظرهم، وفي الوقت ذاته فإن الزوجة تتمناه بينهم يشاركهم أفراحهم، فكانت هناك فرحة نجاح ابنها البكر صهيب في الثانوية العامة، كما أجرى الابن الأصغر قسام (5 أعوام) أكثر من عملية جراحية، عدا عن التحمل الكبير للمسؤولية والمتابعة في ظل غياب الأب والزوج.