بخصوص فتاوى علماء السلطة بقتل المصريين المعارضين

علماء ضد الانقلاب

بيان جبهة "علماء ضد الانقلاب"

لا الصهاينة المحتلين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله…. وبعد

فمن شؤم الطالع قيام السيسي بانقلابه على الرئيس الشرعي، وقتله السلميين، وسفكه دماء المصريين لا الصهاينة المحتلين، وحرقه الأجداث بعد موتها، واعتقاله الآلاف من أبناء وبنات مصر، فهذا حلال بل واجب عند علماء السلطة والشرطة، الذين ينطبق عليهم قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَاتَخُونُوااللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (الأنفال:27).

فهذا من خيانة الأمانة من الشيخ علي جمعة وأحمد الطيب وسالم عبد الجليل وآخرين، وهذا من أشد الآلام كما يقول طرفة بن العبد: 

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة     على المرء من وقع الحسام المهند

وردنا في جبهة " علماء ضد الانقلاب " على ما جاء من تصريح صوتي للشيخ علي جمعة وعبد الجليل أن الإخوان والجماعات الإسلامية خوارج يجب القضاء عليهم، ويجب قتل كل من خالف الانقلابيين، مما أدى أن ضابطا واحدا في الجيش قتل 80 مصريا، فحُرم نعمة النوم، وسأل شيخا أزهريا آخر ففزع، فكلم الشيخ جمعة عن صحة فتواه فقال: "فين الضابط ده أبوس راسه"، فتعليقنا على ذلك ما يلي:

هؤلاء جميعا من الفلول وعيَّنهم المخلوع مبارك، وهم نخالة نظامه، وجدد العسكر للشيخ جمعة مفتيا بالمخالفة بعد بلوغه المعاش، وعزله د مرسي رئيس الجمهورية لرفض الأغلبية له بعد زيارة القدس في حراسة صهيونية، وإنهاء للمخالفة القانونية، فلما جاء العسكر تحركت أشواقه لمشيخة الأزهر كما كان يخطط الشيخ جمعة، والشيخ سالم متواضع الإمكانات الشرعية، وهو المستشار الديني لشارون مصر "السيسي"، أما عمرو خالد فلم يفتِ بالقتل، وإنما يحمس الجنود على رسالتهم عامة، وإن تراجعت مبادؤه كثيرا منذ ثورة يناير، وهي فتنة زل فيها الكثير من القاسي والدنيء، ولذا لم نرَ لأحد من هؤلاء فتوى عندما قتل الطيران العسكري الصهيوني المصريين مرارا على أرضنا في سيناء، فضلا عن قتل إخواننا في فلسطين عامة وغزة خاصة، فصار دم الصهيوني مصانا، ودم المصري مستباحا وفقا لديانة وسياسة الفاسدين الانقلابيين، شيوخًا وعسكريين.

لا يجوز شرعا أن يستعمل الدين خادما و"ديكورا" لدى الانقلابيين لتسويغ السياسة الدموية والدكتاتورية، بل يجب أن يكون الدين حاكما كما قال تعالى: "إِنِالْحُكْمُإِلَّا لِلَّهِ" (الأنعام: من الآية57)، ولذا لم تخرج هذه الفتوى ولا تسويغ الانقلاب من مجمع البحوث الإسلامية، ولا هيئة كبار العلماء - على عوارهما - لأن فيهم من يخشى الله من أمثال العلامة القرضاوي والمفكر عمارة والمهدي والريان،و... فليس أمام العسكر إلا استدعاء من عرفوا أنهم علماء السلطة والشرطة وأمن الدولة ليسوِّغوا ما قرره العسكر سلفا، فصار الدين عندهم خادما لا حاكما.

 لا يُستغرب من الشيخ جمعة فتواه؛ وهو الذي أفتى فتاواى شاذة وضالة أثناء توليه منصب الإفتاء منها أنه لا ربا في النقود الورقية، ويجوز للمسلم بيع الخمور ولحم الخنزير، ويحرم حرمة قطعية الثورة على مبارك، ومن خرج عليه فهو ملعون خارج من الشرعية، ويجوز قتله، والفرق أنه الآن يوجب قتل كل أعداء مبارك وأذنابه من العسكر والانتهازيين.

الحديث الذي استدل به الشيخ جمعة هو ما رواه مسلم بسنده عن عرفجة الأشجعي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه"[1] ألا تعلم بقول النووي: "وأمركم جميع على رجل له أهلية الخلافة"، فهل للسيسي أو عدلي أهلية الخلافة يا شيخ جمعة؟، وهل أمر مصر كلها على قلب رجل واحد تحت حكم البيادة؟ فلماذا أبادوا اعتصام النهضة ورابعة بهذه القسوة، التي حُرِّقت فيها أجساد الشهداء، ولا تزال جذوة المسيرات والمظاهرات تملأ ميادين وشوارع مصر لدرجة خروج 300 مسيرة يوم جمعة الشهداء أمس، وأنت تعرف جيدا أنك تخالف تحقيق مناط الحديث ألف في المائة، وهذا الحديث من العام المخصص بما رواه مسلم بسنده عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني ، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)[2]، فهل فارق المعتصمون والمتظاهرون سلميا دينهم فصاروا "خوارج" وتركوا الجماعة فاستحقوا القتل؟!

 ماذا لو طبقنا فتواك - ولا نوافق عليها إجمالا ولا تفصيلا - ألا يجب قتل من خرجوا على الرئيس المدني الشرعي المنتخب محمد مرسي؟! ولكنا سمحنا للمعارضين طوال العام رغم عدم سلميتهم وبذاءتهم، فلمّا حكمتم قتلتم في 50 يوما 6000 مصري، وجرحتم فوق ال  20000 ، وسجنتم 10000 مواطن حر، ولم يُضبط واحد بقطعة سلاح، والقنوات العالمية ملآى بحرب الإبادة بالطائرات والدبابات والقناصة بيد من تفتيهم من العسكر، وما شأننا وشأنكم إلا كما قال الشاعر ابن الصيفي:

لا ندري كيف سيلقى الشيوخ جمعة والطيب وعبد الجليل وآخرين ربهم في بحر الدماء للأبرياء من الرجال والنساء، والشباب والفتيات، والأطفال الذين قتّلوا وحرّقوا وسجنوا، وحرمة المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة، ندعوكم إلى إعلان التوبة من تأييدكم لهذا الانقلاب الدموي، وقتل وحرق المصريين، واستسمحوا كل أولياء الدم عساهم أن يسامحوكم قبل نصب الميزان، وفصل الخطاب، وتذكروا أنكم إذا لم تفعلوا فستلقون الله قاتلين، وقد روى البخاري بسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما)[3].

7.      نرجو من جميع الضباط والجنود أن يتوقفوا عن قتل المصريين، وألا يطيعوا قائدًا في الانقلاب أو شيخا من شيوخ السلطة والشرطة، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، خاصة أنكم لم تسمعوا لهم مرة واحدة يخالفون نظام مبارك أو السيسي، واستفتوا أهل العلم والصلاح والتقوى، و قال الإمام مالك وابن سيرين إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه، واستفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك، وصل ركتين استخارة، وتوبوا إلى الله قبل أن تحاكموا بين يدي الله كما قال سبحانه: "يَوْمَتُقَلَّبُوُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا" (الأحزاب:66-68).

8.       ندعو علماء الأمة عامة وعلماء مصر خاصة، و"علماء ضد الانقلاب" بالأخص إلى الكتابة والدعوة والتظاهر السلمي أمام المساجد والمؤسسات الدينية رفضًا لتسييس الدين إرضاء للسيسي، وقولوا لله كلمة في هذه الدماء والتحريق والتعذيب والتزوير والظلم والطغيان كما قال الله تعالى: "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَرِسَالَاتِاللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا" (الأحزاب:39)، وتيقنوا أن كلمة الحق لا تباعد رزقاً ولا تداني أجلاً.

 ونسأل الله أن نكون من السابقين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فنحفظ ديننا ومصرنا وأهلنا ونلقى الله راضيا عنا.

وتيقنوا من النصر لقوله تعالى: "فَأَمَّاالزَّبَدُفَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ" (الرعد: من الآية17).

والله ولي التوفيق..

ا.د صلاح الدين سلطان

الأمين العام لجبهة "علماء ضد الانقلاب"ِ

               

[1]صحيح مسلم، كتاب الإمارة، إنه ستكون هنات وهنات ....، رقم: 3443.

[2]صحيح مسلم - كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات - باب ما يباح به دم المسلم، رقم: 3175.

[3]صحيح البخاري، كِتَاب الدِّيَاتِ، باب: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما، رقم:6470.