بيان "علماء ضد الانقلاب"

ا.د. صلاح الدين سلطان

بيان "علماء ضد الانقلاب"

بخصوص قتل وحرق وحرب الإبادة

ضد المتظاهرين السلميين في ميادين مصر

الحمد لله القائل سبحانه "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (يوسف: 21)، والصلاة والسلام على رسول الله القائل: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء،حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك" رواه أحمد و الطبراني، وبعد:

فإننا نجأر إلى الله تعالى بالدعاء بالرحمة والمغفرة وأعلى الجنات للشهداء والجرحى والمعتصمين جميعا الذين أثبتوا مروءة نادرة، وشجاعة باهرة، في الصمود بقوة الإيمان في قلوبهم، وقداسة المصاحف في أيديهم، طوال إحدى عشرة ساعة أمام جحافل وخونة الجيش والشرطة "فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"(الأحزاب: 23)، ولا يزالون مستمرين في جهادهم ورباطهم السلمي في مواجهة سدنة الانقلاب جميعا من عملاء الصهيوأمريكان ونؤكد ما يلي:

١-  تهنئة لأسر الشهداء، وتاج الكرامة على رؤوسكم في الدنيا والآخرة بأن اختار الله لفلذات أكبادكم مقام الشهادة ليكونوا في أعلى الجنات، "مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا"(النساء: 69) ويشفع لسبعين من أهله كما صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومع الألم الشديد لحرق جثامين الكثير من الشهداء لكن لا تقلقوا فإن الله تعالى سيجعل هذا بردا وسلاما علي الشهداء، أما القتلة الأخساء فستلاحقهم لعنة الله تعالى، وشقاء الدارين، وخسة في العالمين، وغضبة من أحرار المصريين والعالم، وعذابا أليما في قعر جهنم للمجرمين من القتلة في الجيش والشرطة لأنهم ينازعون الله تعالى حقه كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن النار لا يعذب بها إلا الله".

 ٢- نعلن أن كل ذي عقل وبصيرة لن يصدق كذبكم المفضوح بأن هناك سلاحا؛ وقد مكثنا ٤٨ يوما لم نكسر شباكا لمؤسسات الشرطة والجيش الملاصقة للاعتصام، وظلت تعمل حتى استعملتموها في القنص وحرب الإبادة للسلميين، وقد دعوناكم وتحديناكم أن ترسلوا فجأة أي أحد أو أية جهة أو صحافة أو إعلام مرئي ليصور شيئا مما تدعون، لكن العالم لن يصدق التلفيق الذي أخرجه خالد يوسف بعد القتل بالدبابات والطائرات والبلدوزرات والقناصين تأتي صناديق السلاح لتوضع وتصور وتحبك التهم كما تعودتم وتعمد أسلافكم، فقد اتهمتم مفجر ثورة ٢٥ يناير " خالد سعيد " أنه كان مجرما مسلحا يتعاطى المخدرات وقتل نفسه في تقارير الشرطة وأمن الدولة، وثبت بالتحقيق التعذيب الرهيب حتى قتل، وقد تم قتل الملايين من الشعب العراقي  وتدمير البلد بدعوى أمريكية برادعية أن هناك سلاحا نوويا، فما الجديد لدى الشرطة المغموصة في الدم المصري، والسيسي عميل الأمريكان والمنسق مع الصهاينة لقتل المصريين بسيناء؟!!!

٣- للأسباب السابقة نعتبر أن ما حدث من قتل الآلاف وحرقهم، وجرح عشرات الآلاف في كل أرجاء مصر هو حرب إبادة جماعية كاملة الأركان، فقد استعملت كل أسلحة الحرب حتى رأت عيوننا الطيران يشارك الدبابات والبلدوزرات والقناصين في قصف مصور الجزيرة والصحفيين والسلميين، وندعو الدول الحرة والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان أن تتولى التحقيق دوليا في جرائم الحرب ضد الشعب في كل محافظات مصر المعارض سلميا للانقلاب العسكري، ونعتبر أن أي سكوت عن ذلك، أو التعامل مع قادة وحكومة الانقلابيين هو مشاركة لهم في جرائم الإبادة الجماعية للشعب المصري، لن ينساها الضمير المصري والعالمي، وستكون له حساباته بعد عودة الشرعية الدستورية قريبا بإذن الله تعالى.

٤- ندعو كل أحرار مصر والذين غرر بهم المتمردون والإعلاميون الفسدة أن ينتفضوا جميعا في كل الميادين المصرية، وأن يستمروا حتى يسقط الانقلاب أولا، وممارساته ثانيا؛ لنعيد معا السيادة لصوتك الانتخابي الذي داسته الدبابة والبيادة، ولنوقف معا المجازر وحرب الإبادة، وننقذ مستقبل مصر من الفشل الذريع أمنيا بالقتل والسحل، وسياسيا بالاستبداد والتبعية لأمريكا وبني صهيون، واقتصاديا بالسلب والنهب، وإنسانيا بحرق جثث الشهداء من أبنائكم وبناتكم وإخوانكم، مما لا يرضاه ضميركم ولا عروبتكم ولا إنسانيتكم، مهما كنت معارضا لأي فصيل وطني، لكنك لن ترضى الحرق والقتل بهذا الإسفاف والإسراف الرهيب، الذي تشيب له الرؤوس، وزاد الطين بلة رفض تسليم الجثث وتعمد إخفائها لمحو أو تقليل أدلة جرائمهم، وإجبار الكثير على عدم تسليم الجثث إلا بتقرير أنهم انتحروا، ويبدو - في فقه الانقلابيين- أنهم أحبوا أن ينالوا ثواب الانتحار الجماعي بجوار مسجد رابعة العدوية.

٥- ندعو المحامين وهيئات حقوق الإنسان في العالم لرفع قضايا دولية على قادة الانقلاب : السيسي ومحمد إبراهيم وعدلي منصور والببلاوي وكل من ساهم في القتل مباشرة بالإسناد الديني كشيخ الأزهر وتواضروس، أو سياسيا مثل قادة الأحزاب المحرضة، أو الإعلاميين الذين نشروا الأكاذيب وحرضوا على القتل؛ وذلك بتهمة ارتكاب جنايات حرب الإبادة ضد الشعب المصري.

 

٦- نرجو ألا يفوت علماء الأمة جميعا في مصر وغيرها شرف  وجوب الدفاع عن الحق، واستعادة الشرعية للدكتور مرسي رئيس الجمهورية المنتخب، ونصرة المظلومين، وإنصاف المحروقين، وإعلان كلمة الحق في وجه المجرمين؛ فإن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.

٧- نؤكد  لجميع المرابطين في رابعة والنهضة وميادين مصر على ضرورة الاستمرار في رفضنا ورباطنا في كل الميادين كفريضة شرعية وضرورة واقعية عملا بقوله تعالى: "الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ"(آل عمران: 172)، وثقوا في نصر الله تعالى القائل: "فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" (الروم: 47)، "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" (الشعراء: 227)، ولن نخون دماء آلاف الشهداء والجرحى بل ستبقى وقودا قويا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وما نحن إلا كما قال الشاعر عبد الرحيم محمود:

سأحمل روحي على راحتي         وأهوي بها في مهاوي الردي

فإما حياة تسر الصديق           وإما ممات يغيظ العدا

ونفس الشريف لها غايتان       بلوغ المنايا ونيل المنى

أرى مقتلي دون حقي السليب    ودون بلادي هو المبتغى

وأيقنوا أن النصر قريب، لكن سلعة الله غالية.

ا.د. صلاح الدين سلطان

الأمين العام لجبهة "علماء ضد الانقلاب"

كتبه يوم الخميس 8 شوال 1434 هـ الموافق 15 أغسطس 2013م