خيارات الإسلاميين... وخيارات المسلمين
عبد الله خليل شبيب
مايجري في الاردن ومصر وتونس وسوريا, وفي كل مكان , يشير الى حقيقة واحدة واضحة لا لبس فيها ولا غموض , خلاصتها , لن نسمح للاسلام الذي يحمله الاخوان المسلمين ومن معهم من الاسلاميين ان يتسلم الحكم , ولا نريد الا اسلاما توافق عليه امريكا والغرب , اسلام لا علاقة له بالسياسة والحكم , اسلام لا يسمح بعودة الدور الحضاري للامة من جديد , اسلام يربت على اكتاف الظالمين والفاسدين , ويبرر لهم اخطاءهم بل وجرائمهم , اسلام يتصالح مع العدو الذي يحتل فلسطين ويهودها , ويسامحم بما أخذوا واغتصبوا من الارض والمقدسات , اي اسلام يعترف بالعدو الصهيوني ويقيم معه علاقات طبيعية مثل اسلام الانظمة العربية التي تسبح في الفضاء الامريكي والصهيوني على اتجاه رياحهما , اسلام يتسامح مع الاقتصاد الربوي ويتبناه , ويسمح بسياسة الانفتاح على السوق العالمي بغثه وسمينه ولا يفكر في الاستقلال الاقتصادي فضلا عن الاستقلال السياسي , ويقترض من البنك الدولي وينفذ سياساته , اسلام يوافق على كل الاتفاقات الدولية بشأن المرأة والاسرة , وان كانت مخالفة للشرع والعقل والمنطق , اسلام يسمح بالتعددية الفكرية والسلوكية , ولو كانت تعني السماح بزواج المثليين وتقنين ذلك في الدساتير والقوانين , اسلام لا يمانع من فتح باب الحريات , ولو كان من قبيل ممارسة الفاحشة على قارعة الطريق , اسلام يجعل الصدارة والنجومية في المجتمعات للفنانات والراقصات واصحاب المال والنفوذ . او بمختصر العبارة , اسلام لا علاقة له بما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم , وتلك لعمر الله قاصمة الظهر .
حاول الاسلاميون ان يوضحوا موقفهم من قضايا حقوق الانسان والمرأة والديمقراطية , والاحتلال اليهودي لفلسطين , انطلاقا من المباديء العامة للاسلام والشرعة التي تعارف عليها العالم للغربيين الذين يكررون السؤال عن هذه القضايا في كل مناسبة ويعيدون فيها ويزيدون , وهم بالمناسبة ليسوا باحثين ولا محايدين وان حاولوا الظهور بهذا المظهر في معظم الحالات التي جاءوا بها الينا , وكنا نعرف من خلال طريقتهم في السؤال وتركيزهم على بعض المواضيع التي كنا نعلم مسبقا انهم جاءوا ليطمئنوا عليها , وهي الموقف من العدو الصهيوني , فهم لا يكترثون كثيرا بالديمقراطية ولا حقوق المرأة ولا الانسان , فقد تجاوزوها منذ زمن بعيد في تعاملهم مع انظمة متطرفة تجاه هذه الحقوق ودعمهم لها , وكذلك الديمقراطية الزائفة التي يحاولون اليوم اعادة تعريفها بعد ان جاءت بالاسلاميين الى سدة الحكم , فلا الديمقراطية ولا حقوق الانسان هي التي تحكم سلوكهم وان ادعوا ذلك كذبا وزورا , وانما الذي يحكم سلوكهم تجاهنا هو قربنا او بعدنا عن الاسلام الحقيقي الذي يشعرون انه يتهدد حضارتهم الآفلة , وكذلك موقفنا من اوليائهم واحبائهم الاشد عداوة لهذا الدين , فان اطمأنوا لذلك قبلونا , والا فلا داعي للديمقراطية , ولا بأس بحكم العسكر فهم يدافعون عن الديمقراطية , تماما كمايافع الالحاد عن الايمان والتقوى , هذا هو المنطق الذي يحاولون ان يمرروه علينا بخبث أو بغباء منقطع النظير .
ازاء هذا كله فإن خيارات الاسلاميين تبدو محدودة جدا اذا كان منطلقهم وضابط حركتهم هو رضا الغرب وعملاءه عن برنامجهم ورؤيتهم , وعلى الاسلاميين ان يصوغوا برنامجهم بناء على مرتكزاتهم الحضارية التي ترضى بها شعوبهم اولا , والا يلقوا بالا الى موقف الغرب وحضارته الزائغة المنحرفة عن جادة الحق والصواب ,على الاسلاميين ان يتصالحوا مع مكونات مجتمعاتهم التي تلتقي معهم في رؤيتهم الحضارية والفكرية , ويخوضوا معركتهم مع اعداء هذه الحضارة التي تحارب التدين والالتزام الاخلاقي , وتسعى الى ربطهم بمصالح الغرب الفكرية والسياسية والاقتصادية , وتحول بينهم وبين امتلاك اسباب القوة الحقيقية , القوة الفكرية والاخلاقية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية , حتى يبقوا تبعا وذيلا وخادما مطيعا للغرب ومشروعه في منطقتنا كما يفعل الحكام والانظمة السياسية التي يدافع الغرب عنها ويحميها ويقيم معها العلاقات الاسترا تيجية .هذا هو الاسلام الذي يؤمن به من سماهم الغرب الاسلام السياسي , ويحاربه حربا شعواء , والخيار امام الشعوب , اما الاسلا م الذي ينادي به الاسلاميون او الاسلام الامريكاني الذي يدين به حكام الذل والتبعية.