الأسير إسلام جرار غيبته السجون وخلد والده تاريخه بأشعاره
أحرار:
الأسير إسلام جرار
غيبته السجون وخلد والده تاريخه بأشعاره
الأسير إسلام صالح محمّد جرّار
عندما نطق الحكم ضده في المحكمة الاسرائيلية بالسجن تسع مؤبدات وسبعة أعوام أخرى... لم يجزع، إنما استمد قوته من خالقه وأخذ يشد من عزم والديه اللذين كانا في المحكمة، واللذين امتلأ عمرهما بمر غيابه عنهم، فطوى عنهم سنوات من الفرح.
الأسير إسلام صالح محمد جرار وهو من مواليد 1973من بلدة برقين قضاء جنين، والذي اعتقله الاحتلال في شهر آب من العام 2002، وألصق به حكم المؤبد ووصفه "بالمخرب الخطير على أمن دولتهم"، لكن عزم إسلام وحتى من داخل سجنه، كان أقوى من مؤبدات يفرضها الاحتلال قسراً.
يتحدث التقرير الآتي لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان عن الأسير جرار، والذي أنهى دراسة البكالوريوس في دراسة الحاسوب من جامعة القدس أبو ديس، قبل أن يداهمه شبح الاعتقال ووحش السجن والسجان.
لأحرار يتحدث الأب الشيخ الشاعر، صلاح جرار (أبو محمد) والد الأسير إسلام، والذي عبر ولا يزال عن مرارة وألم بعده عن ابنه بالشعر، فنظم لإسلام من الأبيات العشرات ومن القصائد الكثير الكثير وكتب له قصيدة أسماها( إلى ولدي إسلام) يقول فيها:
أنا ما ولدتك يا بني لكي تعذب في السجون: أنا ما ولدتك يا بني لكي تزيد لي الشجون
أنا ما غرست الورد في الأحشاء لكي أجنيه شوكاً: أنا ما حببت العيش في البستان لكي أحياه ضنكا
من لي لمر العيش يا إسلام هل ألقاك شهدا: من لي إذا هوج الرياح تهب هل ألقاك سهدا
فكان الشعر السبيل المؤنس للأب وللعائلة التي كانت ابنها بشدة، والتي لا زالت تحفظ ما يحب وتألف جميع طباعه وعاداته.
يقول أبو محمد:" عندما اعتقل ابني إسلام وكان حينها في مخيم جنين، كنا قد سمعنا أصوات الرصاص تنهال على وجهات وأزقة المخيم، وكانت تلك الفترة عصيبة على المخيم الذي حوله الاحتلال إلى ركام ودمار، وتفاجأنا بنبأ اعتقال إسلام مع الشيخ جمال أبو الهيجا في ذلك الحين، حيث كانا يتواجدا في ذات المنزل، ليوضع فيما بعد في أقبية التحقيق لأشهر، تعرض فيها لصنوف العذاب والألم".
وبالشوق والحنين اللذان يملآن صوت الأب الذي تجاوز ال 80 من عمره قال:" قدر الله حتم على إسلام وعلينا فراقه، لكنني لا أنسى وبعد أن صدر حكم المؤبد عليه بعد أشهر من التحقيق، كيف استقبلنا إسلام بابتسامته ووجهه البشوش في أول زيارة له من بعد الحكم، فبدلاً من أن نشد من عزمه كأسير يخضع لممارسات قاسية من قبل الاحتلال في داخل السجن، وجدناه يواسينا ويشد من أزرنا ويقول لنا:" هذا حكم الله، ونحن لا ندري أين يكتب لنا الله الخير"، فكان مسلماً مطمئناً يهون على نفسه ومن معه ما يدور من مصيبة".
أما طباع إسلام، فيقول والده:" إن إسلام دائم الحب للاطلاع والتطور، لذا قرر أن يكمل دراسته من داخل الأسر، رغم تنقله بين كافة السجون وعزله لأكثر من مرة، فمن سجن هيداريم الآن، يكمل شهادة الماستر في الدراسات الصهيونية، ويحاول الاستفادة من الوقت هناك ومن كل ما يدور من مجريات ووقائع في الأسر".
وفيما يخص الزيارات للعائلة، فذكر أبو محمد لمركز أحرار، إنه ومنذ خمسة أشهر لم يزر ابنه الذي أضنته هذه الفترة لعدم رؤيته، كما إن والدة إسلام لم تزره منذ 5 أعوام متطرقاً إلى معاناة الزيارات المليئة بالعذابات النفسية، فهؤلاء هم أيضاً عنصر اعتداء على الأهالي في الزيارة، فيتعمدون إيقافنا طويلاً في أشعة الشمس وبرد المطر، ويصادرون ما يشاؤون من معدات يرونها غير (مشروعة)، ويتحكمون في وقت الزيارة ومتى تكون.؟ الأمر الشاق العصيب الذي ينغص على الأهالي بمجرد اقتراب موعد الزيارة في كل مرة.
ويقول أبو محمد:" لا يوجد أدنى احترام خلال فترة الزيارة، لا لكبر السن ولا للنساء ولا للأطفال، والكل هناك سواسية يطبق الاحتلال عليهم ذات القوانين".
إذن، فمشاعر الأب لا يمكن أن تخفى... وكما أن أبو محمد أب مفجوع بغيبة ولده المحكوم بالمؤبد، ففلسطين كلها آباء مزق الاحتلال الأوصال بينها وبين فلذات أكبادها، وفي مرات كثيرة توفى آباء هؤلاء الأسرى وهم في السجون ورغم أنه الأب وأنها اللحظة الأخيرة لرؤيته، إلا أن الأسرى كانوا لا يتمكنون من رؤية أخيرة لأب حملهم واحتضنهم في صغرهم وعايشهم في شبابهم وأنفق عليهم، ثم حمل هماً كبيراً في قلبه لغيابهم... فلله دركم آباء فلسطين يا آباء الأبطال الرجال الذين ضحوا بزهرات شبابهم من أجل أن يحيا الوطن وتحيا فلسطين.
من حهته قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان أن من أجمل الأشعار التي كتبت عن الشوق والحنين كانت من والد الأسير إسلام الذي سجل ووثق كل مناسبات الإبن الأسير وأن هذا النوع من الأدب يجب أن يتم الإهتمام به.