تواضروس والحرب على الإسلام
محمود القاعود
" المادة 220 ممكن أن نسميها مادة كارثية تحول البلد مصر من كونها دولة مدنية عصرية تسعي إلى التقدم إلى شئ آخر تانى أو على الطرف الآخر من هذه المعاني وده أمر إحنا بنرفضه تماماً ".
بهذه الكلمات البذيئة وصف تواضروس الثاني بطريرك النصارى الأرثوذكس المادة المتعلقة بالشريعة الإسلامية بالدستور المصري.. منذ مجيئه خلفاً لشنودة الثالث وهو يحاول أن يبدو أكثر تشددا منه وأكثر عداءً للإسلام لاستقطاب شريحة كبيرة من جيل الشباب المشحون بطبيعته طوال الأربعين سنة التى تولى فيها شنودة أمر الكنيسة الأرثوذكسية.
تنص المادة 220 التى وصمها تواضروس بالتخلف والكارثية على الآتى : " مـﺒﺎدئ الـﺸريـﻌﺔ اﻹسـﻼمـﻴﺔ تـﺸﻤل أدلتـﻬﺎ الـﻜﻠﻴﺔ وﻗواﻋــدﻫﺎ الأصولية والـﻔﻘﻬﻴــﺔ ومـﺼــﺎدرﻫﺎ المـﻌﺘﺒــرة ﻓﻰ مـذاﻫب أﻫل الـسـﻨﺔ والـﺠﻤﺎﻋﺔ ".
لم يعبأ تواضروس بمشاعر عشرات الملايين من المسلمين، لم يصطنع الحكمة مثلما كان يفعل شنودة وإنما كشف عن وجهه الحقيقي المعادي والمصادم للإسلام والمسلمين.
كان من الواضح أن تواضروس لا يقبل التعاون مع سلطة إسلامية، وأنه يحاول الضغظ بالملف الطائفي لابتزاز الإسلاميين بداية من الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور وحتى الانقلاب العسكري والإطاحة بالرئيس المنتخب الدكتورمحمد مرسي.
مرسي – تواضروس .. صراع الهوية
لا يحتاج المراقب إلى كثير من الجهد ليعلم أن القضية الرئيسية التى تشغل تواضروس هى أحلام طرد " الغزاة العرب" – وفق تصريحات الأنبا بيشوي والأنبا توماس – وأن تكون مصر للمسيح ويسوع هو الحل وفق الشعارات العديدة التى انتشرت إبان التحضير للانقلاب فى يوم 30 يونيو.
لم يكن ما بين الرئيس محمد مرسي وتواضروس صراع فئوي أو مجتمعى ، وإنما صراع بين الهوية الإسلامية والأرثوذكسية المتطرفة التى تحمل لواء " الصليبية" الرافضة للتعايش مع حكومة قادمة من خلفية إسلامية.
تواضروس و 30 يونيو
منذ أحداث الخصوص المفتعلة من قبل بعض البلطجية الأرثوذكس فى إبريل الماضي ، وهناك نية مبيتة للإطاحة بالرئيس محمد مرسي ، وهو ما عبر عنه تواضروس بحديثه لفضائية النهار يوم 17 إبريل الماضي بأن أحداث الخصوص لن تمر مرور الكرام.
وأضاف على ذلك فى حواره مع منى الشاذلي بقناة إم بى سي مصر يوم 18 يونيو الماضي : "حادث الاعتداء علي الكاتدرائيه لأول مره في التاريخ يبرهن علي ان الاداره التي تتولي زمام الأمور في مصر بقياده الرئيس محمد مرسي ليست جديره باداره الشعب المصري"وتابع تواضروس :" السنه الأولي للرئيس مرسي كانت سنة محبطه للكنيسه لأنه حدث فيها أول اعتداء علي المقر الرئيسي لأكبر كاتدرائيه ومقر بابوي في الشرق الأوسط والذي لم يحدث منذ 19 قرنًا"!
وتابع تواضروس محرضاً النصاري على النزول يوم 30 يونيو " إذا خرج الأقباط في 30 يونيو، فسيكون هذا بمثابه الخروج الثاني لهم، بعد الخروج في مراحل الانتخابات المختلفه، مؤكدًا أنه لا حجب علي رأي او توجيه لاحد، وكل شخص عليه أن يفعل ما يريح ضميره" أ.هـ
وأعقب هذه التصريحات الانقلابية الخطيرة لقاء تواضروس بالسفيرة الأمريكية آن باترسون التى أعطته الضوء الأخضر للحشد بقوة يوم 30 يونيو.
الحشد الكنسي لم تخطؤه عين يوم 30 يونيو ، الأتوبيسات الفارهة المحملة بالنصارى قدمت من أسيوط وقنا وسوهاج والمنيا ، بالإضافة لحجز جميع القطارات .. والسعادة تغمر جميع النصارى الذين شُحنوا طوال عقود بأن مصر بلدهم وملكهم وأنهم على بعد خطوات من إقالة الرئيس محمد مرسي لتعود مصر للمسيح !
تواضروس والشريعة الإسلامية
يعتقد تواضروس أنه الحاكم الحقيقي لمصر بعد الحشد الذى قام به فى 30 يونيو، ومن ثم يحق له الاعتراض وتشكيل الدولة المصرية وفق عقيدته ، وإن كان قبل الانقلاب يتحدث عن أن مادة الشريعة الإسلامية كارثية ، فكيف هو الحال الآن ؟!
كان أول ما صدر من تواضروس بعد الإعلان الدستوري الذى صدر عقب الانقلاب هوالاعتراض على أول مادة من هذا الإعلان التى تنص على الشريعة الإسلامية ، وقال أنه يرفض المادة رفضا قاطعا وأنه قام بتشكيل لجنة للاعتراض على المادة وإرسال المقترحات للقوات المسلحة!
المادة التى تزعج تواضروس هى :" جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم على أساس المواطنة، والإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية، التي تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة، المصدر الرئيس للتشريع".
لم يخرج تواضروس فى 30 يونيو إلا من أجل إلغاء هذه المادة وإعلان الحرب على هوية الأمة وثقافتها، وهو بذلك يصب مزيد من الزيت على النار ، ويجرف مصر إلى المحاصصة الطائفية كما فى لبنان والعراق ويتجاهل النسبة الحقيقة للنصارى فى مصر التى هي بشهادة معهد بيو الأمريكي عام 2011 لا تتجاوز 4.5 % من تعداد سكان مصر وأيضاً وفقاً لتأكيد الفاتيكان الذى ذكر نفس الرقم .
الهوية الإسلامية بين الرسوخ والأوهام
لقد تعاقبت على مصر فترات عديدة تنوعت بين اضمحلال وضعف ووهن ، لكن هويتها الإسلامية تظل راسخة عصية على الاندثار بفضل الله تعالى .. حملات صليبيبة .. تتار .. حملة فرنسية .. احتلال إنجليزي لنحو قرن من الزمان .. تبعية أمريكية طوال حكم الطغاة، ومع ذلك تبقى الهوية الإسلامية لا تقبل الذوبان أو التماهى مع العقائد المنحرفة.
فهل يعى تواضروس درس التاريخ؟