رسالة موجَزة إلى شعب مصر
وأخرى إلى العادِين على مصر وشعب مصر
حارثة مجاهد ديرانية
كان يوم الثالث من تموز (يوليو) يوماً مشهوداً؛ أمسينا ومصر دولة ديمقراطية ثم أصبحنا فإذا بها صارت تحت حكم العسكر! ويحَ هؤلاء القوم ما أجهلَهم وما أشد صفاقتهم! أيحسب السيسي الخائن -وَيْلَه- أنه يستطيع أن يلوح بسلاحه هكذا فيعيدنا خمسين سنة إلى الوراء، يوم كان كل من على كتفه بضع نجمات يدخل بسلاحه القصر الجمهوري فإذا هو السيد الجديد وإذا الشعب عبيده الأذلاء؟ إن الرهان اليوم بيد الشعب وحده، فالناس هم الذين يقررون: إما أن يُثبتوا للخائن السيسي وسادته من عبيد نظام مبارك أن الزمان قد تغير وأنهم ليسوا عبيداً لأحد بعد اليوم أبداً، أو يثبتوا عكس ذلك لا قدر الله.
لعل الناس كانوا بين نصير لمرسي وخصم له قبل الثالث من تموز (بمعنى عدم الرضا عنه وإضمار انتخاب غيره في الدورة الانتخابية القادمة)، حتى إذا أصبحنا من اليوم الثالث من تموز وأعلن السيسي وسادته الخونة فيما يسمى بجبهة الإنقاذ (وهي في حقيقتها جبهة خيانة الأمة والوطن) نبأ الانقلاب تغيرت موازين المعركة، فلم يعد المهم في الأمر رأينا في الأشخاص بعد اليوم أبداً، لأن ميدان المعركة انكشف فوراً عن حق وباطل الفرق بينهما كالفرق بين ضياء النهار وسواد الليل البهيم، وكان الناس أقساماً ثلاثة: فمنهم من نذر نفسه للحق يدافع بحياته عن الشرعية الدستورية، ومنهم من كان جندياً من جنود الشيطان ويداً له في عدوانه على أول عقد شرعي لرئاسة مصر (سواء كان ذلك لسوء نيّة أو عن تغرير، ولا يُعذر المغرَّر به حين يمتاز الحق عن الباطل)، ومنهم من آثر السلامة ووقف مع المتفرجين (لا سلّمهم الله حتى يكون وجعهم مع وجع إخوتهم الذائدين عن الحق الغيورين عليه كغيرتهم على أرواحهم أو أشد غيرة).
أحسبنا أن أعداءنا يتركوننا ننام مطمئنين؟ هيهات! ها هي طائفة منهم أثبتت قبل يومين أنهم لا أمان لهم، وأنهم لا ينامون ولا يكلّون ولا يملّون حتى يسطوا على أبسط الحقوق المشروعة للشعب المصري الأبي الكريم. اذهبوا فاقرؤوا تغريدات الشيخ بندر الشويقي، فإن فيها إجمال حقيقة الحرب بيننا وبين خصومنا العلمانيين، إذ يبين لنا أننا -نحن والعلمانيين- لن نتفق أبداً على مبادئ الحكم، ومن أجل ذلك فالحرب قائمة بيننا وبينهم حتى يغلب أحد الطرفين الآخر.
في هذه الخصومة وهذا العداء تساوى الإسلاميون وخصومهم، أما الفرق فإن سلاح الإسلاميين في معركتهم كان الدستور والقانون مدعوماً بأغلبية الشعب المسلمة بطبيعة الحال، وأما العلمانيون فكان سلاحهم الغلبة بقوة المال والسلاح ظلماً وعدواناً على رغبة الأغلبية، فتبّاً لكم أيها العلمانيون الكذابون، يا من إذا كان هو القوي كان له معيار، فإذا صار الضعيفَ المسكين صار له معيار آخر غيره.
لقد تولت حكومة الإخوان الشرعية أمرَ مصر سنة وسجونها خالية، فما هي إلا سُويعات من استلامكم الزمام حتى امتلأت السجون بخصومكم! ورأينا مبارك على مدى شهور متطاولة -ذلك المستبد المجرم الذي لبث ينكل بشعب مصر ثلاثين عاماً، يسلّط سفهاءهم عليهم ويستبد بهم ويستحل أموالهم وأرواحهم- رأيناه يُسوَّف ويستأنَف به من محاكمة إلى محاكمة حتى خُلِّي سبيله لعدم كفاية البراهين (!) ثم تمكنتم منذ أيام، فما عدنا نعرف أسمعنا نبأ انقلابكم السافر أولاً أو أنّا سمعنا نبأ سجن مرشد الإخوان بتهمة قتل متظاهرين!
ألهذه الدرجة تستحمرون شعب مصر وتُزْرون بعقولهم؟ تباً لكم ألف مرة، وسحقاً وتعساً لمن يصدق أكاذيبكم ويوليكم أمره بعد اليوم فإنه أحمق من الحمير والدواب. ويا للعار أن مَن تستحي مصر أنَّ مثلَهم يطؤون أرضها بأقدامهم يسرحون ويمرحون كأنهم علية القوم، وإنْ هم إلا حثالة الناس وسفلتهم.
لعل التاريخ يشهد أن يوم الثالث من تموز (يوليو) 2013 كان هو البداية الحقيقية للثورة المصرية المباركة بأيدي شعب مصر الكريم. وليذكر كذلك أنها لم تكن من أجل شخص مرسي ولا قامت من أجل الإخوان، بل إنها قامت دفاعاً عن الشرعية الدستورية التي أسستها ثورة 25 يناير قبل أن تحاول عصابة من سفلة مصر سرقتها غصباً وعدواناً من شعب مصر الكريم.
وأملنا ودعاؤنا أن نفخر بكم وبانتصاركم القريب يا شعب مصر العظيم.