الشيخ الأسير صالح عطية...

أحرار:

رحلة عمرها عشرون عاماً من الاعتقال والملاحقة واللاستقرار

لم ينعم الشيخ صالح محمود إبراهيم عطية خلال العشرين عاماً الماضية بحياة أبسط مقوماتها الاستقرار، فالاعتقالات المتتالية وسيف الاعتقال الإداري المشهر في وجهه مع كل اعتقال، كانا مسلطين على رقبته ورقبة عائلته التي لا تريد إلا بقاء الأب معها وبجوارها.

أهالي بلدة خربثا المصباح قضاء مدينة رام الله، والتي ينتمى لها الشيخ صالح عطية (49) عاماً، اعتادوا أن يمازحوه بعد كل إفراج، متسائلين عن تاريخ عودته مرة أخرى للأسر وعن المدة التي سيمضيها معتقلاً، فيرد عليهم "الله أعلم"... وهو جواب يختزل في طياته معاناة كبيرة يعانيها الأسرى المحررون الذين يستهدفهم الاحتلال من خلال إعادة اعتقالهم بعد كل تحرر.. في سياسة لتصفير العداد واستنزاف الطاقات وإجبار الأسير على رفع الراية البيضاء.

آلام استمرت عقدين من الزمن ولا زالت

عائلة الشيخ صالح، هي إحدى عوائل الأسرى الذين يكرر الاحتلال اعتقالهم، وهي تعاني فقدان عيش الشيخ صالح بينها وفي أكنافها بسبب الاعتقال الذي يباغتهم بين حين وآخر، فتؤكد الزوجة أم محمود في حديثها لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان وتقول:" منذ عام1993، وزوجي يعتقل باستمرار، ولم تتكلل حياتنا الأسرية بالاستقرار منذ ذلك الحين حتى الآن".

وتضيف:" أبو محمود لم يمضي سنوات في بيته ومع أولاده، بالقدر الذي أمضاه بين جدران السجون وفي زنازين التحقيق والتعذيب، فقد بلغ عدد اعتقالاته أكثر من عشر مرات".

                                          

الاعتقال الأخير والعودة مجدداً للاعتقال الإداري

الشيخ صالح، والذي يعمل موظفاً في وزارة التعليم العالي في رام الله، اعتقل في المرة الأخيرة بتاريخ: 1/5/2013 من بيته في خربة المصباح، بعد الإفراج عنه بستة أشهر، فكان قد قضى حكماً بالسجن عامين متواصلين، وهو الآن يقبع في سجن عوفر بعد أن تم تحويله للاعتقال الإداري الذي لطالما عاشه خلال سنوات سابقة.

الزوجة والأبناء الثمانية...عاشوا واقعاً أليماً مع إعادة الاعتقال الإداري للشيخ عطية، صحيح إنه ليس بالأمر الجديد لديهم، إلا أنهم ظنوا أن كابوس الاعتقال الإداري لن يعود ليداهم حياتهم من جديد، لكن إصرار الاحتلال الاسرائيلي على تكرار الاعتقال الإداري خاصة لمن عاشوه يبقى قائماً.  

اعتقالات متكررة.. وعذابات الأشهر الإدارية والمرض

بوتيرة مستمرة  واصل الاحتلال اعتقال الشيخ صالح عطية، فأكدت زوجته والتي لم تعد تذكر تواريخ اعتقال زوجها لكثرتها، إن اعتقالاته بلغت أكثر من عشرة مرات وغالبيتها كانت اعتقالات إدارية، مما كان يعيش الأسرة بأكملها أحلاماً وآملاً بالإفراج، تتعثر فيما بعد بسبب تجديد الاعتقال الإداري له.

ورغم الأمراض التي يعانيها الشيخ الأسير صالح عطية من إصابته بأزمة صدرية وارتفاع في نسب الدهون والكوليسترول لديه، إلا أن ذلك لم يشفع له من سيف سلطه الاحتلال ولم يتراجع عنه في قمع وإخضاع الكثير من الأسرى الفلسطينيين في سجونه، وهو سيف الاعتقال الإداري.

العائلة اعتادت غيابه القاسي

بأفراحها وأحزانها كانت عائلة أبي محمود تفتقده، العائلة التي حملت فيها الأم المسؤولية بأكملها.. مسؤولية الأبناء والبيت والعناية والمواساة  والاستشارة في كل الأمور وترتيب كل شيء وإنجازه... نعم فهي الأم الفلسطينية التي حملت مسؤولية بيتها في اعتقال زوجها مرات ومرات، ولم تمنن أو تستكثر ذلك، وعدته أجراً وثواباً وحباً لذلك الزوج الغائب الذي ضحت من أجله الكثير.

أما الأبناء الثمانية، فكبروا بسرعة وكما تقول أم محمود، كبروا وسنين العمر تمضي بوالدهم مشتتاً ما بين الأسر والحرية التي كان يتنشق عبيرها فترات محدودة، ثم يعاود أسيراً مع رفاقه.

من جهته قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان أن أبناء الشيخ صالح( محمود 29 عاماً، ومحمد 26 عاماً) تعرضوا للاعتقال سابقاً، فأمضى محمود في الأسر عامين، بينما أمضى محمد سنة ونصف، وكان الاحتلال يستدعي في مرات كثيرة، شقيقهم الأصغر عمر 23 عاماً ن فالعائلة جميعها مستهدفه من قبل الإحتلال.