رسالة مفتوحة إلى الأستاذين الطيفور والجربا
المنصور الشافعي
بسم الله الرحمن الرحيم ... لطفا صابر على قراءتها حتى نهايتها فبعضها يشد بعضها والنصيحة خاتمتها وشكرا
من المعلوم بالضرورة عند كل خبير أو عالم سياسي أن سياسة المعارضة السورية منذ أول يوم كانت ضرارا بالثورة وبالشام وهي واحدة من الأسباب التي جرّأت النظام وساعدت على انغماسه في سياسته المجرمة بإعطائه كشبه الضوء الأخضر للقتل والتدمير من حيث تدري أو لا تدري وذلك بتبني مبدأ رفض التدخل الأجنبي والذي لم يزل ثوارنا يطالبون به بادئ الأمر فسموا جمعهم بالحماية الدولية والحظر الجوي والمنطقة العازلة ثم دعم وتسليح الحر ورفع ثوار حمص وحماه وادلب وغيرهم شعار المطالبة بالناتو مرارا حتى صحلت أصواتهم وهم يقولون "وينك وينك يا ناتو الشعب خلصت دماتو" ولكن صفحة الثورة السورية ومن كان يتلاعب بالثوار عطلوا أي تسمية لجمعة فيها ذكر للناتو بل عمدت المعارضة إمعانا منها في غيها أو خداعها على التأكيد على أن حالة ليبيا تختلف عن سوريا ! مما يتعجب منه أن يقوم وكيل ضحية بتقديم الحجج على إبطال حقوق موكله ، تسببت هذه السياسة المدمرة في تضييع كل الفرص حتى فرصة الحوار حيث زهّدت النظام فيه إلا عن استعلاء فعلام يقبل به النظام والمعارضة تجعل من الشيء الوحيد الذي يخضعه ويخشاه ويحمله عليه خطاً أحمر -أي التدخل الجوي- ثم آل الأمر إلى ما نحن فيه أفبعد آلاف الضحايا أنى يقبل أولياء الضحايا بحل وسط ؟ وأنى يتراجع المجرم الغارق بالدماء ؟ وكما تسببت هذه السياسة في تسطيح الثورة في الإعلام العالمي ومكّنت للغرب من تمرير خططه وإحكام أحبولته في عنق قادة المعارضة وخنق الثورة ولا يخفى كل ما تسبب به طول المحنة من دمار وتشرد وقتل وتطرف وقطيعة بين طوائف المجتمع مما يخدم أولا وآخرا مخطط ايران -واسرائيل- أكثر مما يخدم النظام والطائفة النصيرية نفسها، ولطالما نوهت بأن رفع شعار التدخل على غرار ليبيا وخاصة بعد سقوط طرابلس أمر يصب في مصلحة الثورة ويزيد حتى ولو لم يتحقق -بادئ الأمر- التدخل من قوة حجة المعارضة ويعضد موقفها ويدمغ مع الأيام سياسة الغرب في تقصيره وسوء سياسته وتفريطه إذ كل ما كان من قتل ودمار وسيتم عندئذ إلقاء تبعة كل ذلك على الغرب لأنه لم يتدخل ولم يلبي مطلب المعارضة والتي هي أدرى بحال النظام من أي جهة كانت [ولكن الواقع أثبت أن هؤلاء المعارضون من غير العملاء منهم أجهل الناس بالنظام وأكثرهم اغترارا به ولك أن تطّلع على أسماء من كتب رسالة التمني للمجرم بشار وكيف خاطبوه ومن شاركهم الكتاب قبيل الثورة لتتعرف على طريقة تفكيرهم وتتعرف على قناعاتهم والتي حملت البعض منهم على ركوب هيشة رأسهم فعاند واستمر على ضلاله الأول ولم أسمّ الشخص ولم أضف الرابط حتى لا يقال يشق الصف] .فكان عدم التدخل ولو حتى بالتهديد به والتلويح لحمل النظام على حوار عادل متكافئ هو الذي أوصلنا إلى حيث نحن وهو الذي زاد من التطرف والعداء للغرب وبلغ بنا حد الحرب الأهلية ... الخ مما نحن فيه بازدياد ومما مللت من شرحه وتكراره
ثم جاء الخطيب وما أدراك ما الخطيب إنه المبير فلقد دمر الخطيب وأباد الائتلاف ومعه كل بارقة أمل كانت معقودة به فمع قدوم الائتلاف على النحو الذي جاء فيه والذي باركته القوى الغربية أتيح المجال الإعلامي للائتلاف وأتيحت الفرص لإسماع الرأي العام الغربي الحقيقة مما كان قد ضيعه المجلس على نفسه -ثم على الثورة- مع الزمن وأوقعه والثورة في ورطة التهميش الإعلامي فكان بوسع الخطيب حقاً أن يبعث ما فتر ويحرك الرأي العام ويعيد لفت الأنظار والعناية النافعة بالثورة، ولكنه على العكس تماما سار بالثورة القهقرى ورفع شعار الحوار من جديد بعد أن يئس أعضاء المجلس منه وأدركوا شنيع خطئهم، فجاء الخطيب ليرفع من جديد راية الحوار البالية وعلى أخس الوجوه وبلغت به الجهالة بالأمس أن اتصل بالخارجية المصرية ليبارك افتتاح السفارة السورية على يد الطغمة العسكرية المجرمة ويدعو السوريين إلى تجديد جوازاتهم ويبشرهم بأن السفارة السورية في القاهرة ستباشر تمديد الجوازات وتصديق الأوراق اعتباراً من اليوم -الأمس- ومن التاسعة صباحا وحتى الثانية عشر يوميا !!! وكأنه موظف في السفارة السورية أو قنصلها !!!؟ (وللتو راديو مصر ينقل اشتراط الفيزا لدخول السوريين مصر ويمنع دخول المالح و20 عائلة سورية)..ولم يمتنع هذا الأهوك المستهتر من أن يوجه للائتلاف كتابا يظهر فيه بلوغه حد الهذيان المرضي فبعد أن تعلل بالظروف التي منعته من حضور اجتماع الائتلاف نقض قوله بأنه لم يسافر احتجاجا على العقم، ثم طالب أعضاء الائتلاف بموقف شجاع (أي من جنس موقفه مع السفارة السورية أي بصريح العبارة بالقبول بالحوار مع الأسد مباشرة فلا معنى لكل مواقفه القديمة والحديثة غير هذا).. وادعى أن هيئة سياسية (وهو لا يؤمن بالسياسة ويستخف برجالاتها) من عشر حكماء خير من قبيلة لا يعلمون !! وهو من أراد اقحام رجال النظام كمحمد برمو داخل الائتلاف وقال كلمته الشهيرة الأثيمة لأجلهم: "خالد بن الوليد بذاته لا يستطيع الانضمام إلى بعض القوى المعارضة لأنه كان قبل إسلامه من المشركين" !! ثم جاء بطامته التي تظهر غروره بنفسه وامتداح شقاشقه وفضح طيشه فذكر في رسالته الآنفة الذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: من ولى رجلا على عصابة... فقد خان سوريا وأهلها !!! والحديث عن ابن عباس (رضي) قال قال النبي (ص) "من استعمل رجلا من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمومنين" وعن أبي بكر(رضي) من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمّر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم" .والعياذ بالله رواهما الحاكم وصححهما .ولا معنى لقول النبي (ص) غير تعيين الأصلح والأنفع للمومنين وقد كان هو والله شهيد من أعظم رجال المعارضة ضررا وإضرارا بالثورة وأقلهم خشية لله تعالى في الثورة والثوار، ثم من هو الرجل الذي يراه الخطيب مؤهلا للرئاسة غيره ؟ وأخيرا ختم الخطيب المصاب بداء النرجسية وانفصام الشخصية رسالته بتهديد أعضاء الائتلاف بأن أسماءهم ستسجل واحدا واحدا وأنهم كانوا أسوأ من النظام !!! ونسي نفسه وفعله وأنه أميرهم ثم تعجب ممن باع ضميره وأنذره أنه لن يلبث أن يبيع أمه وعرضه وبلده !!!
السؤال ليس من أتى بهذا الرجل ولكن كيف قبلوا به وسكتوا عنه كل هذه المدة ؟ وهل من يبلغ به الخور هذه الدركات يقدر أن ينفع خير الثورات ؟ والله إني لأرجو أن يخطّؤوا ظني وحدسي وينفعوا وينفع الله بهم
وأخيرا أوجه نصيحة إلى من أظن أنهم ألو بقية في الائتلاف كالطيفور وأرجو أن يكون الجربا منهم فقد أخطأ بالأمس خطأً فادحا حين جمع بين الإفصاح عن وصول السلاح وعن دعوة النظام إلى هدنة !! وهما أمران لا يجتمعان، مفادها -أي النصيحة- أنهم لن يحصلوا قط على معونة من الغرب -أو يتتام مخطط الغرب- من غير بعث الوفود إلى الغرب وتحريك الرأي العام الغربي وإطلاع الإعلام الغربي على الحقائق ، على هؤلاء أن يدركوا أمرا جوهريا لا يعرفه جيدا سوى من عاش في الغرب هناك تباين كبير بين ما يعتقده الغربيين وهو ثقافة ثابتة ألفها وتبناها الرأي العام الغربي وبين حقيقة وطبيعة الساسة الغربيين ومن خلال هذه الهوة بين القادة والرأي العام الغربي يمكننا تحصيل مطالبنا وذلك في محاولة شرح قضيتنا للرأي العام الغربي بذكاء ومن غير اتهام للساسة مما يحرج الساسة والذين لبسوا لشعوبهم جلود الضأن وتزينوا بدعاوى الإنسانية والتحضر وحماية حقوق الضعفاء والمظلومين مما هو محض الكذب السافر ومما يخشون أن يطلع على حقيقته شعوبهم، إن شنيع أعمال القادة الغربيين لا يظهره الإعلام إلا بعد مرور سنين عليه وبعد أن يكون أولائك الساسة قد ماتوا وعفا أثرهم وعادة ما تخصص الساعات المتأخرة ليلا لبث هذه البرامج، ففي الغرب ثمة فسحة من حرية التعبير هي فرصتنا ومن غير وفود وتواصل مع الإعلام لا شيء سيحمل الغرب على تغيير مواقفه غير مجزرة مروعة هائلة تؤثر على رأيهم العام الذي خدرّته معارضتنا بإطالة المحنة... فأرجوا التفطن لهذا فلطالما ذكرته والله الموفق.